الأصيل والدخيل في السودان -شعب لا يعرف من هو بقلم د.آمل الكردفاني

الأصيل والدخيل في السودان -شعب لا يعرف من هو بقلم د.آمل الكردفاني


07-13-2017, 09:02 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1499976132&rn=0


Post: #1
Title: الأصيل والدخيل في السودان -شعب لا يعرف من هو بقلم د.آمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 07-13-2017, 09:02 PM

08:02 PM July, 13 2017

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر



تناقشت قبل ايام مع الصديق دكتور اليو قرنق حول تاريخ القبائل في السودان... وفي الأسافير يتبادل السودانيون الاتهامات حول الأصيل والدخيل من مكونات الشعب السوداني.. فمن بالشمال يتهمون من بالجنوب ومن بالجنوب يتهمون من بالغرب وكل يتهم البعض حول كونه أصيلا أم دخيلا في البلد رغم أنه لا توجد توثيقات قديمة ولا تأكيدات اركيولوجية حول هذا الأمر ، فالكل يدعي أنه يملك الأصالة وأنه فرط في نفوذه باستضافته للأجنبي ، وهذا ليس كلام أسافير فقط فقد قاله رئيس الجمهورية نفسه حين أعلن في خطاب له قبل سنوات بأنهم استقبلوا بترحاب الضيوف من غرب السودان في اشارة لقبائل بعينها.
والحق يقال ان في كل هذه الجدالات جهالة كبرى وعمى عن رؤية الحقيقة وهي أنه لا يوجد ما يثبت الأصالة او اللا اصالة في هذا الأمر حتى ان بعض كتابات العلماء مثل ادام وليامز تذهب -بعد بحث وفحص لعدة عقود- الى ان الكوشيين الأصليين لا علاقة لهم بنوبة اليوم بل ميز البعض بين الكوشيين فهناك كوشيون أصلهم من القوقاز وكوشيون أفارقة ، اما ارتباط القبائل الحاضرة بالماضي فلا دليل عليه والفجوات التاريخية كبيرة جدا.
مع ذلك يلاحظ ان أغلب الكتابات السودانية حول مثل هذه المواضيع لم تتأسس الا على مجرد أقاويل بدون سند علمي واضح بل فيها استنفار نعرات خاصة وتعلية مزيفة لكل خصوصية ثقافية . لا احد يعرف من هو سيد البلد حقيقة وعلى وجه الجزم والاطلاق ، كما ان الحديث باقصاءات متبادلة لا نفع منه ولاجدوى .. فلا سبب لأن نقصي من يقول ان أصله عربي ولا فائدة من اقصاء من يقول أن أصله أفريقي ، والشعوب المتحضرة قد تحتفي بأصولها ان وجدت ولكن ليس بمثل هذه الاقصائية اللا عقلانية . السودان في حقيقته ليس سوى حدود رسمها المستعمر ، جمع فيها المتناقضات ، وكان من الأفضل لو تم تبني فكرة التباين كحقيقة واقعية بدلا عن الانقسام حول وحدة مأزومة ، أو توحيد قسري. الذين ينادون باقصاء اللغة العربية لن يستفيدوا شيئا حتى لو نص الدستور على اللغة الصينية كلغة رسمية بديلة ، لأن الواقع يفرض نفسه من ناحية ولأنك لابد ان تبحث عن لغة مشتركة للجميع ، لقد حاول الجنوبيون جعل اللغة الانجليزية لغة مشتركة فهل نجح هذا ؟ هل فعلا يتحدث كل الجنوبيين اللغة الانجليزية؟ وهل استطاعت اللغة الانجليزية أن تلغي التباينات القبلية والثقافية هذا سؤال اتركه لأهله ، اما بالنسبة للسودان الشمالي فلا سبيل لاقصاء لغة ترسخت لقرون لمجرد أن البعض لا يقبل بها كلغة مستعمر ، وهل اللغة الانجليزية لغة الأنبياء مثلا اليست لغة مستعمر هي أيضا ، وهل سنفرض رطانة الحلفاويين ليتعلمها باقي الشعب او رطانة بعض القبائل في الغرب لنقوم بعدها بمسح كافة ما بذاكرتنا من اللغة العربية .. هل سنمزق كل اوراقنا الثبوتية ونكتبها بلغة قلة ترى ضرورة ان تفرض نفسها على الأغلبية ؟ واي اللغات سنختارها وأي الرطانات سنأخذها في الاعتبار وماذا عن التراث الثقافي من أدب وشعر وقصة وغناء وغيره ، هل سنلقي به الى الجحيم لنرضي طرف على حساب طرف آخر.
كل هذه اسئلة منطقية ومشروعة ، وفكرة رفض الآخر ليس بالضرورة ان تعني اقتلاعه ، فهذه عنصرية جاهلة وغير واعية بل واجرامية فوق هذا .