أسماء ومسميات قديمة تخلى عنها الناس رغم معانيها الجميلة بقلم د . الصادق محمد سلمان

أسماء ومسميات قديمة تخلى عنها الناس رغم معانيها الجميلة بقلم د . الصادق محمد سلمان


06-12-2017, 06:15 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1497287718&rn=0


Post: #1
Title: أسماء ومسميات قديمة تخلى عنها الناس رغم معانيها الجميلة بقلم د . الصادق محمد سلمان
Author: د.الصادق محمد سلمان
Date: 06-12-2017, 06:15 PM

05:15 PM June, 12 2017

سودانيز اون لاين
د.الصادق محمد سلمان-السودان
مكتبتى
رابط مختصر

بسم الله الرحمن الرحيم


المسميات التي تطلق على أعضاء الأسرة القرابية في اللغة العربية واحدة ، فالأب والأم والأخ والأخت والعم والعمة والخال والخالة والجد والجدة واحدة في البلاد العربية تقريباً . هناك بعض الإختلافات في اللهجا ت العربية لمسمي الجدة . ففي السودان يختلف مسمى " الجدة " إذ يطلق عليها في العامية السودانية " الحبوبة " . ارتبطت الحبوبة في أذهان الكثيرين بتلك الشخصية النمطية الكاركتورية التي تجسدت في شخصية بت قضيم التي رسمها لها المسرحي الراحل الفاضل سعيد ، لكن عالم الحبوبة الحقيقي مختلف عن تلك الشخصية الكاركتورية التي قصد الإضحاك من أفعالها .
هل تمعن أحدكم يوماً في هذه التسمية " حبوبة " وما تنطوي عليه من معان جميلة ؟ الصورة الذهنية عن " الحبوبة " أنها تلك المرأة العجوز التي لم يعد لها أهمية ، لكن التسمية تقول عكس ذلك ، فهي تحمل معاني جميلة تجمع كل معاني المحّنة والعطف والمحبة واللطف ، فالحبوبة هي فاكهة الأسرة ، وهذه المعاني تنبع من عاطفتها تجاه أحفادها ، ومن دورها المهم في الأسرة ، " حبوبة " أطلقت عليها العامية هذا المسمى من طبيعة علاقتها بأحفادها ، وبقية أفراد الأسرة ، كونها حبيبة أحفادها ، فهي تعاملهم بحنان وهي التي ترعاهم في غياب الأم ، وهي التي يلجأ إليها الأحفاد عندما يشتد عليهم أحد الأبوين . الحبوبة في الأسرة لا يقتصر دورها على رعاية الصغار والترفيه عنهم بحكاية الحكايات وتنويمهم و( ملولاتهم ) بأغنيات النوم ، بل يمتد دورها ليشمل كل أعضاء الأسرة ، فهي التي تحل المشكلات بين الزوج والزوجة ، ويلجأ إليها الأبناء الكبار في الأسرة ليودعوها أسرارهم ، والفضفضة بما لا يمكن قوله للأم أو الأب أو أفراد الأسرة الآخرين ، للعلاقة الحميمة بين الحبوبة وأحفادها ، هذا عدا أنها تقوم بوظيفة مهمة إشتهر ت بها في التراث الشعبي السوداني ، فهي الحافظة للتقاليد المتعلقة بطقوس وعادات الزواج والولادة ، كما أنها أشتهرت برواية الحكايات ( الأحاجي ) لأطفال الأسرة في الأمسيات ، إنها فعلاً تستحق هذا الإسم الجميل " حبوبة " .
في الأونة الأخيرة بدأ السودانيون في المدن التشبه بشعوب أخرى جراء تأثير المسلسلات التي تنقلها الفضائيات ، فأصبحوا يطلقون على العم " عمو " والخال " خالو " والعمة " عمتو " والجد " جدو " لكن أستعصى عليهم تحريف هذا المسمى المتميز والمعبّر عن الحب " حبوبة " فقد صمد هذا الإسم أمام أعاصيرالغزو الثقافي .
حليمة ، وحواء إسماء مهجورة :
من أسماء الأعلام عند النساء ، أسم " حليمة " وقد ارتبط هذا الإسم الجميل في أذهان كثير من السودانيين بصورة مغايرة لمعناه الجميل ، ففي نظر الكثيرون أنه انتهى مع جيل الشلوخ ’ ولا يناسب فتاة في هذا العصر ! وكذلك إسم حواء ، ولا نكاد نجد إسم حليمة أو حواء في الأجيال المعاصرة إلا نادراً رغم أنه من الأسماء ذات المعاني الجميلة . لكن هل تمعن أحد منكم يوماً في هذا المعنى الجميل ؟ يقول لسان العرب لأبن منظور : الحلم بالكسر ، الأناة والتعقل ، وجمعه أحلام وحُلُومٌ ، والحلم ( بالكسر ) نقيض السفه ، وفي حديث الرسول ( ص ) في صلاة الجماعة ، ليليني منكم أُولو الأحلام ، واحدها حلم بالكسر ، وكأنه من الحلم الأناة والتثبت في الأمور ، وذلك من شعار العقلاء ، والحليم في صفة الله عز وجل : معناه الصبور ، وقال : معناه إنه الذي لا يستخفه عصيان العُصاة ، ولا يستفزه الغضب عليهم ولكنه جعل لكل شيء مقداراً فهو منته إليه .
هذا الإسم رغم كل تلك المعاني العظيمة التي يشتمل عليها ، ومعه أسماء أخرى لها معان جميلة هجرها السودانيون إلي أسماء جاءت بها المسلسلات إلتي تمتلئ بها القنوات الفضائية ، فهل تعكس سرعة تأثر السودانيين بالثقافات الوافدة هشاشة الثقافة السودانية ؟ أم أن الأمر يتعلق بشعور بالنقص يشعر به السودانيين تجاه تلك الثقافات ؟ أم أنه فهم مغلوط للحداثة والمعاصرة ؟ . وما هذا الإعجاب الجارف للسودانيين بما كل هو آت من الخارج ؟ .
الأسماء تعتبر من الدلالات أو الإشارات على الهوية ، سواءاً على المستوى المحلي في البلد الواحد أو على المستوى الإقليمي أو العالمي فمثلا في السودان نجد أن إسم أبكر و إسحق وآدم رغم أنها موجودة في كل السودان لكنها تكثر في دار فور ، وإسم محجوب والسر والحسن ومحمد عثمان تدل على الإنتماء إلي شمال السودان وهكذا ، كما أن الأسماء الإسلامية مثل محمد وأبوبكر وعمر وعثمان وعلي وعبدالله وخديجة وعائشة وفاطمة وغيرها تدل على أن صاحبها مسلم أو ينتمي للعالم الإسلامي ، وأسماء جون ، ومايكل ، وجيفري وإليانور واليزابث يُعرف منها إن صاحبها غربي وهكذا . فاسم العائلة سواء في البلاد العربية أو الغربية تعتبره العائلات ضمن موروثها الذي يجب المحافظة عليه ، لذلك نجد الإسم يتكرر في أجيال العائلة الواحدة .
في منطقة الخليج نجد الأسماء القديمة تعتبر من أصالة الفرد أو العائلة ، بينما تعتبر الأسماء ( الحديثة ) خارج نطاق العائلة دلالة على إنتماء غير أصيل . هذا التقليد يبدو أنه غير منتشر في الثقافة السودانية إلا في نطاق بعض المجموعات الإثنية .
الإستجابة السريعة للسودانيين للتأثر بالثقافات التي أتت بها العولمة هل هو علامة إيجابية أم سلبيىة ؟ في إعتقادي أنها علامة سلبية ، لأن الإستجابة السريعة تنم عن عدم وعي ثقافي ، وعدم وعي بالذات والهوية ، من ذلك يُلاحظ جنوحهم إلي إطلاق أسماء الممثلين والممثلات في المسلسلات على ابنائهم خاصة في بعد إنتشار القنوات الفضائية في كل بيت ، وهذا التأثر لم يقتصر على أهل الحضر أو بعض الشرائح ، بل إنتشر الأمر حتى في عمق الأرياف ، ورغم أن الأمر يبدو للبعض ليس بذات أهمية ، لكنه مؤشر يعكس أن ثقافة القنوات الفضائية استطاعت أن تخترق جدار الهوية السودانية .