[email protected] • جملتان نطق بهما أصغر أبنائي (11 سنة) تستدعيان الوقوف عندهما. • الأولى ومع دخوله إلى حيث كنت أتابع مباراة الأمس وبعد أول نظرة باتجاه التفاز قوله " استاد رهيييب" • وبالفعل هو استاد رهيب. • فما شاهدته بالأمس أدهشني حقيقة. • وهي المرة الأولى التي أراه فيها واضحاً بهذ ا الشكل. • والشكر من بعد الله والكاردينال الذي شيده لقنوات بي إن التي لو لاها لما تمكنا من مشاهدة روعته بهذا الشكل. • وأرجو أن تكون قنواتنا الوهم (ناس الكاميرا الفانتوم نموذجاً) قد أدركوا الفرق بين نقل حي للمباريات وآخر. • فقد شاهدت ملعب الهلال لأكثر من مرة عبر قنواتنا، لكن الصورة لم تكن اطلاقاً كما رأيتها بالأمس. • وبالطبع لإضاءة الاستاد الجديدة دور في بهاء الصورة، لكن ذلك لا يمنع حقيقة أن نقلنا التلفزيوني للمباريات مازال متخلفاً جداً. • لأول مرة أشعر بفخر تام تجاه معلم سوداني. • لحظتها تذكرت عبارة الأخ الرشيد على عمر حين كتب " أخي كمال لم أعهدك ظالماً للآخرين." • ولهذا رأيت أن واجبي يحتم علي أن أبدأ مقالي لليوم بإعتراف صريح بهذا الانجاز. • ومضيت لأبعد من ذلك بإرسالي للرشيد رسالة على رقم هاتفه القديم معي ( الذي لا أعرف ما إذا كان قد تغير أم لا) قلت له فيها أن ما شاهدناه مفخرة لا ينكرها إلا من في نفسه مرض. • ومن شدة سروري بالمشهد أرسلت لصديق عماني كان يناقشني دائماً حول الجمهور الغفير الذي يتابع المباريات في السودان. • أرسلت له رسالة طلبت فيها منها أن يتحول للقناة فقط لكي يشاهد العدد الهائل الذي يحضر المباراة. • ولا أخفيكم سراً أنني قصدت من رسالتي له تحقيق أكثر من هدف. • أهمها وأولها أن يقف على بهاء المنظر ليأتيني في اليوم التالي قائلاً " ملعبكم رهيب" • الانجاز الثاني الذي يستوجب الإشادة هو إكمال ملفات تسجيل ثلاثة لاعبين في سويعات معدودة واعتمادهم من الكاف. • هذا عمل كبير أيضاً لم نعهده في إدارات عديدة سابقة ولم يأت بمثله مجلس الكاردينال نفسه. • مثل هذه الإنجازات لا يمكننا أن ننكرها لأصحابها، فنقدنا لهم ليس من أجل النقد، بل من أجل الهلال. • وحين يأتون بشيء جميل سيجدوننا أول الداعمين رغم الاختلاف في وجهات النظر. • شيء وحيد فقط تمنيته هو أن يكون صهيب الثعلب ضمن اللاعبين الذين سارع المجلس بإكمال ملفاتهم أفريقياً. • فالثعلب لاعب موهوب ومفيد للهلال. • ولعلكم وقفتم بالأمس على مدى الحاجة للاعبين يُعملون العقل قبل القدم في لعب الكرة. • الجملة الثانية التي قالها صغيري وهو يتابع إعادة هدف اللاعب السماني الصاوي هي " معقول ده بيلعب في السودان؟" • طبعاً هي جملة تدعو للأسى أكثر مما تحفز على الفرح. • فصغارنا كلما شاهدوا مباراة كرة قدم سودانية تنفرهم أكثر من المتابعة لأن أعينهم تفتحت على الدوريات الأوروبية بجمالياتها التي نتفق حولها جميعاً. • وكلما روينا لهم أننا في السودان كنا من البلدان المتطورة في الكرة وأننا من علم غالبية الخليجيين الذي تعيشون في منطقتهم الكرة لا يصدقوننا. • ونجد لهم العذر في ذلك. • لهذا قال الصغير عن الصاوي " معقول ده بيلعب في السودان"؟ • فالصاوي حقيقة لاعب موهوب وفنان وقد سجل هدفاً جميلاً وملعوباً. • والآن نأتي على ذكر المباراة وما جرى فيها. • وأبدأ بالحديث عن جملة أماني عبرت عنها في مقال الأمس، فوجدت غالبيتها تتحقق أمام أعيني. • فالمباراة جاءت نظيفة وبدون مشاكل. • ولم يكن هناك انفعالاً لأي لاعب أو خروج عن النص طوال التسعين دقيقة. • وبعد المباراة هنأوا بعضهم البعض وأظهروا روحاً رياضية جميلة ومطلوبة. • حتى خلال الاحتكاكات العادية وإصابات بعض اللاعبين الطفيفة كنا نرى بعضهم يتصرفون كنجوم كبار بعيداً عن الروح العدائية غير المبررة. • كان اللاعبون ( عشرة على عشرة) من ناحية السلوك، ولا عزاء للمتعصبين. • الجمهور كان رائعاً وقدم لوحة تسر الناظرين. • فنياً جاءت المباراة فوق الوسط بقليل في رأيي. • وقد سنحت للهلال فرصة الفوز بعدد وافر من الأهداف في شوط اللعب الأول. • لكن رماة الهلال أضاعوا كل الفرص باستثناء واحدة وذلك بسبب سوء التصرف. • لم يلعب الحظ أي دور يذكر في الفرص الضائعة للهلال في الشوط الأول. • لكن كاريكا وتيتيه ونزار لم يعرفوا كيف يتعاملوا مع كل السوانح التي أُتيحت لهم. • تيتيه بالذات كان من الممكن أن يسجل أول أهدافه في الدقيقة الأولى عندما وصلته الكرة في وضع أكثر من مريح. • لكنه لم يتصرف فيها كما يجب. • الغريب أن الكرة عندما وصلته كان من الممكن أن يمررها لكاريكا وراء ظهر المدافع، لكنه لم يفعل. • وحين تعقدت الأمور وعاد أكثر من لاعب مريخي حاول فعل ذلك. • وهو تصرف لا يليق بمهاجم محترف أتى به الهلال لحل المشاكل في مثل هذه اللقاءات الهامة. • المهاجم الحقيقي لابد أن يتصرف سريعاً ويحدد أهدافه قبل استلام الكرة. • أما أن تأتيك الكرة داخل الصندوق وبعد استلامها تبدأ بالتفكير في أكثر من خيار، فلن تنجح في مرادك إلا إذا كنت تلعب وحيداً. • المدافعون لابد أن يعودوا سريعاً، ولذلك على المهاجم أن يكون أسرع منهم في التصرف. • لم تكن تلك الفرصة الوحيدة التي أهدرها تيتيه. • فقد أضاع غيرها فرصاً عديدة. • نزار حامد أيضاً أضاع على الهلال فرصاً شتى بسبب أنانيته وسوء تصرفه. • ففي المرات التي يتواجد فيها زميل في وضع مثالي للتهديف لايمرر له نزار. • وحين يتطلب الوضع مهارة فردية منه، أو تسديد مباشر لا يفعل. • فكيف سيستفيد الهلال من لاعب لا يحسن التصرف! • تذكروا معي تلك اللقطة التي أعاد له فيها أمير كمال الكرة بالخطأ. • لحظتها كان يتوجب على نزار أن يتحرك سريعاً ويراوغ أمير ليجد نفسه في مواجهة الحارس. • لكنه لم يفعل ذلك، بل انتظر قدوم بعض الزملاء ناسياً أن قدومهم سيأتي معه ببقية مدافعي المريخ. • وهو ما حدث بالفعل لتضيع فرصة لا تضيع. • المدهش أنه في نفس الشوط الثاني وجد نزار نفسه في مناسبتين في وضعين يحتمان التمرير إما لشيبوب أو كاريكا، فآثر أن يكون أنانياً لتضيع الفرص أيضاً. • لهذا استغربت لإكمال نزار لمباراة كان يفترض أن يكون أول المستبدلين فيها. • وسط الهلال عموماً قدم مباراة جيدة في الشوط الأول مع تقاعس لاعبي المريخ. • لكنه في شوط اللعب الثاني كان ضعيفاً وتائهاً لذلك كانت الغلبة للمريخ. • بين شوطي المباراة قال المحللان مازدا والرشيد المهدية كلاماً منطقياً وسليماً. • فقد أكد مازدا أن وسط المريخ لو استمر على طريقة الشوط الأول سيكون من الصعب على المريخ العودة للقاء، وتوقع من غارزيتو أن يسعى للتغيير في طريقة اللعب. • أما الرشيد فقد ذكر أن على مدرب الهلال أن يحدد لاعباً بعينه لمراقبة الصاوي لأنه يشكل مصدر الخطورة الأساسي في المريخ. • وقد جاءت اللدغة بالفعل من الصاوي. • العجيب أن لاعب الوسط أب ستة أراحه بالكامل وترك له خيار استخدام قدمه اليسرى في التسديد، بدلاً من مضايقته. • وقبل ذلك تمكن محمد عبد الرحمن من مراوغة مدافع الهلال العاجي أوتارا بسهولة ليمرر الكرة للصاوي الذي لو وجد مضايقة حقيقية من أب ستة لما سجل الهدف بتلك الصورة الرائعة. • وبالرغم من تلك المراوغة السهلة فقد قدم القادم الجديد أوتارا مباراة جيدة جداً. • كعادة لاعبينا تصرف نجوم الهلال في الشوط الأول مع الفرص وكأن المباراة انتهت بتسجيلهم للهدف الوحيد. • يفوت على لاعبينا دائماً أن الأمور في مباريات الكرة يمكن أن تتغير في أي وقت. • والسيطرة لا تدوم لفريق دون الآخر. • لذلك عندما تتاح الفرص لابد من استغلال أكبر قدر منها. • لا يعقل أن يضيع مهاجمو الهلال كل تلك السوانح ويتوهموا أنهم سيخرجوا منتصرين في نهاية الأمر. • حتى الهدف الذي سجله شيبولا لم يحسن فيه التصرف كما يجب. • فعندما وصلته الكرة لم يعالجها سريعاً وتردد فيها. • وفي النهاية وبعد مزاحمة بعض مدافعي المريخ عالجها بتسديدة ضعيفة لكن ميزتها أنها كانت بعيدة، وهي لم تكن وضعة ( placing) حتى نقول أنه تعمد أن تكون بعيدة. • ولو لا التمركز السيء للحارس جمال وقتها لما تهادت بتلك الصورة لتدخل شباكه. • التعادل نتيجة منطقية من واقع ما شاهدناه في الشوط الثاني. • لكن بالعودة للشوط الأول نجد أن الهلال أضاع فرصة لا تضيع في الانقضاض على غريمه التقليدي مبكراً. • كما توقعت لم يشكل بكري المدينة خطورة تذكر على دفاع الهلال. • كما كان كلاتشي خارج الشبكة تماماً. • أي أن المريخ لعب بلا مهاجمين. • ولو لا وجود الصاوي الموهوب لما فعل المريخ شيئاً في المباراة. • الهلال كما قال الرشيد بحاجة لمهاجم قناص يعرف طريق الشباك. • لا أظن أن محمد موسى سيحل أزمة اقتناص الفرص. • ولابد من البحث عمن يعرف متى يسدد بقوة ومتى يلجأ للهدوء في التصويب.