Post: #2
Title: Re: هكذا حسم الاستاذ جدل الجبر والاختيار - الا
Author: alazhary
Date: 03-26-2017, 09:12 PM
Parent: #1
أكرر ملاحظتي السابقة على الأخطاء اللغوية مثل (التلبيث) وخلافها في هذه الحلقة بدلاً من (التلبيس). أبدأ فأقول كلام الأستاذ هو جملة من التلبيس والتخليط وعدم التمييز بين نسبة الخلق جميعا لخالقهم جماداً وحيواناً وهذه لا يشك فيها عاقل والكافر بنسبة الخلق إلى الخالق ليس عاقلاً بهذا المستوى ولو كان بروفسيرا في العلوم الكونية أو رجلاً عادياً حكيماً في سلوكه وتصرفه البشري مع ما حوله من بيئته. فكل عاقل يعلم أن الخالق مسير للمخلوق بما حدد له من حدود خلقية في قدرته على الحياة والعيش مع البيئة المخلوقة والمسيرة بما وضع الخالق من قوانين فيزيائة ذاتية أو بتأثير غيرها عليها ولا يخرج على ذلك خارج إلا بسلطان (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33))الرحمن). فالأستاذ يخلط بين هذا المستوى من التسيير وبين التخيير الضروري لحركة وسكون الكائنات والأشياء كما في الحالات التي تتحرر فيها هذه الأشياء من تأثيرات غيرها فيقع التداخل والتفاعل ومن هذا تعلم البروفسير الكافر علاقة الأشياء وتفاعلها مع بعضها وجهل عن واضع نواميس هذه العلاقة والتأثيرات بين الأشياء. وهذه العلاقات يقرها عقل كل عاقل والصوفية يفعلون فوق ذلك بالحضور الشعوري والمعايشة الروحية لهذه العلاقة بين الخالق ومخلوقاته فهم في شهود دائم لهذه العلاقة فينسون ولا يكادوا يشعرون بفكاك من هذه العلاقة حتى فيما خير فيه الخالق مخلوقاته ورخص لهم فيه. وهم إذ هم يتصرفون في كل الأحوال إنما يعتقدون بنسبة تصرفهم مباشرة للخالق حتى قال قائلهم ما في الجبة إلا الله! فهم قد انطمس عندهم الفرق بين التخيير والتسيير ولايرون مساحة التخيير التي منحهم الخالق إياها أو يتجاهلونها فراراً من تحمل تبعية حرية التصرف في هذه المساحة ومسئولية الحساب بالثواب والعقاب عليها فتركوها وفروا إلى الخالق نجاة بأرواحهم أو حباً في الخالق كما يزعمون. غير أن موقف الصوفية هو موقف فرداني قد يسلكه البعض ولكنه بالتأكيد ليس مطلوباً من كل فرد إنسان من عباد الله المكلفين. فالقانون العام أن الخالق قد منح عباده التخيير بقدر ما منحهم من عقول يميزون بها ما خيرهم فيه، ومنحهم حرية التصرف بقدر ما تسمح به مقدراتهم الفيزيائية المدعومة بقوة العقل ومقدراته على توظيف علاقة الأشياء وتأثيراتها أي نواميس الكون التي وضعها لها الخالق. ومن ثم رتب على هذه الحرية في التصرف (حرية الإرادة أو المشيئة والقدرة على الإنفاذ) مسئولية الجزاء بالثواب إن كان خيراً والعقاب إن كان شراً. ولهذا خلق الله تعالى الإنسان وسخر له الكون وجعله خليفة في الأرض. قال تعالى ((وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)) الآية 7 من سورة هود. فالبلاء من أجل الثواب أو العقاب هو الحكمة من الخلق والعدل يقتضي أن يقع البلاء على مختارين وليسوا مسيرين. فعندما نتكلم عن التسيير والتخيير فإنما نتحدث عن حكمة الخلق وليس نسبة الخلق إلى الخالق فهذا أمر مفروغ منه لدى كل عاقل مكلف. أما غير المكلفين من الخلق جماداً وحيواناً فتكفيها نسبتها لخالقها وهي مسيرة بالقانون العام لخالقها وخليفته في الأرض ألا وهو الإنسان. إن عدم التمييز بين هذا القانون العام والفرداني الخاص بالمتوصفة هو الذي يجعل الأستاذ يحاول الحط من قدر وتدين الدكتور مصفى محمود ويتنطع عليه بعدم المعرفة العرفانية والتأدب بأدب القرءان.
|
|