* في بلدتنا اكتسب المذكور أعلاه شهرةً طاغية.. *اكتسبها - قبل سنوات عديدة خلت - في مجالين عجيبين.. * الأول هو لواري (السفنجة) ذائعة الصيت آنذاك بما كان يُحدثه (الكوز) من تغير في صوت محركاتها.. * والثاني هو الخاص بـ(سبيل) ذاك الشيخ الوافد إلى البلدة.. * فقد كان الاهتمام الذي يُوليه حاج الشيخ لـ(كوزه) لا يقل عن الذي يوُليه لبيته ومتجره وأبنائه.. * بل إن الاهتمام بـ(الكوز) كان أشد تعقيداً من أن تفهمه عقول أهل البلدة التي لم تنل نصيباً من أبجديات علم النفس.. * صحيح إنه كان (كوزاً) فريداً من نوعه - طولاً وحجماً ومعدناً وغرابة مقبض - ولكن ذلكم كله لا يكفي سبباً لتفسير تعلق الشيخ به.. * وبعض ذوي الشغف بالغيبيات قالوا إن صاحب السبيل يمكن أن يُصيبه بعض ما يصيب كوزه إن هو لم يحرص على (سلامته).. * ثم عبثاً حاولوا أن يُقنعوا الآخرين بأن (السر) في الارتباط الغيبي العجيب هذا مرجعه إلى الشيخ نفسه.. * قالوا إن تعلقه الخرافي بما هو(مادي) خلق نوعاً من الرابطة الغيبية بين الطرفين.. * وفي يوم حدث شيء غريب أعطى أصحاب (المنطق) هذا قوةً من بعد ضعف.. * فقد كُسرت ساق الشيخ اليمنى مساء اليوم ذاته الذي كُسرت فيه (أُذن كوزه) صباحاً.. * ثم تناسى الناس - بفعل ليل يكر عليهم ونهار- حكاية المصادفة هذه إلى أن حدث شيء أشد إثارةً للحيرة.. * فإثر صرخة فجرت كتلة سكون البلدة - ذات ليلة- هُرع البعض إلى دار الشيخ ليُذهلوا بما هو غير خاضع للتفسير.. *فقد فوجئوا بأن إحدى بناته (خُدشت) جراء عود سقطت عليه وهو منتصب.. *وعقب صلاة الفجر تفقد السيخ (كوزه) فوجده مخدوشاً... * أما المصادفة التي وضعت نهاية لدار عباس- وكوزه - فهي وقعت إبان فصل الخريف.. * رغم إن الفصل هذا غير ذي أمطار بمنطقتنا تلك إلا لماماً.. * فقد شوهد حاج الشيخ مهموماً يوماً- منذ ضحاه وحتى عتمته - بعد أن لاحظ (قداً) بأسفل كوزه ينسرب منه الماء.. *وعند الدجى (قُدت) السماء لينسرب ماءٌ غزير لم تشهد البلدة مثيلاً له في تاريخها القريب.. *و(تشرَّب) منزل الشيخ وتمايل وتضعضع - وقد كان مشرفاً على مجرى سيل قديم - ثم تهاوى أخيراً.. * ولم يعد للشيخ من (وجود) في البلدة؛ أو المنطقة بأسرها. *وكذلك........... (الكوز!!!).