Post: #1 Title: الضوء المظلم؛ السودان.. هوية عربية إفتراضية وواقع إفريقي بامتياز.. بقلم إبراهيم إسماعيل إبراهيم شرف Author: ابراهيم اسماعيل ابراهيم شرف الدين Date: 02-18-2017, 05:54 PM
السودان مقبل على حرب طائفية طاحنة مالم يكف النظام الحاكم عن تاييد المذهب السني السعودي والتحريض ضد الصوفية والشيعة المدعومين من إيران.
يعتبر الإسلام الصوفي الممزوج بالتقاليد الإفريقية دين اغلبية المسلمين في شمال السودان وغربه ووسطه قبل ظهور الإنقاذ الذي يعتنق المذهب السني البترودولاري المنبثق عن الفكر الوهابي المتطرف الذي يدرج التصوف والمذاهب الأخرى ضمن البدعة والكفر وهي سياسة تتفق مع توجهات المملكة العربية السعودية الفكرية ومايسمي تنظيم الدولة الإسلامية.
يمثل المسيحيين في جنوب السودان أغلبية طائفية يليهم المسلمين في المرتبة الثانية فيما توجد اقليات دينية أفريقية ولكن هنالك تسامح ديني بين الطوائف والمذاهب المختلفة يفرضه وقوف النظام الحاكم على مسافة متساوية من كل الأديان، غير أن الجبهة العربية السلفية في الخرطوم تتبنى خطاب تحريضي متطرف ضد المسيحيين وأتباع الديانات الافريقية وتشن حملات جهادية لتصفية كل ما لايمت للعروبة والإسلام بصلة. السودانيون الجنوبيون أقرب إلى تسوية وتجاوز خلافاتهم الداخلية من اخوتهم في شمال البلاد.
برغم خلافاتهم المعقدة وصراعهم الدموي على السلطة، الذي خلف ملايين الضحايا غير ان السودانيين الجنوبيين يتفقون ويفتخرون بانتماءهم لافريقيا الأمر الذي مكنهم من تحرير أرضهم، فيما لا تشغل قضية الهوية التي تعتبر من جذور وأسباب الأزمة السودانية بال كثير من الحركات المسلحة في إقليم دارفور التي تتهافت من أجل الحصول على وظائف ولا تابه لاستمرار الإبادة الناجم عن الصراع العشائري حتى بين بطون القبيلة الواحدة والذي يطيل من أمد الأزمة ويعزز سيطرة النظام على الأوضاع على الأرض.
يتمحور الصراع في جنوب السودان بين المجموعات المسلحة التي كانت تقاتل نظام الجبهة العربية السلفية في الخرطوم تحت قيادة موحدة، الجيش الشعبي لتحرير السودان، حول السلطة التي أصبحت تسيطر عليها أقلية عشائرية كما في شمال السودان حيث تفرض الأقلية العربية هيمنتها على السلطة وموارد البلاد منذ جلاء القوات البريطانية قبل ستة عقود.
يتمير السودانيين الجنوبيين بتنوع قبلي وديني الموجود أصلا في شمال البلاد حيث يحكم العرب والمسلمون قبضتهم الأمر الذي دفع الجنوبيين المتمسكين بهويتهم الإفريقية والرافضين للتماهي في الثقافة العربية الإسلامية إلى الاستقلال الذي لم يحقق طموحات الجلابي، دولة المشروع الحضاري بعد تصفية السود وطردهم.
سيادة وانتشار الثقافة العربية في السودان المتميز بانتماءه وهويته الإفريقية لا يعني بالضرورة على الشعوب السودانيه التي تمثل الأغلبية الديمغرافية في مقابل الذين يفترضون الانتماء للعروبة التنصل عن هويته وتقمص الثقافة العربية المفروضة من قبل اقلية الجلابي التي تحتكر السلطة في البلاد.
مازالت الكرة في ملعب نظام الإنقاذ العنصري الذي بيده مفاتيح الحل شريطة ان يتخلى عن تبني سياسة الدول العربية التوسعية التي تهدف إلى تصفية السود ومصادرة أراضيهم الغنية بالموراد الطبيعية كما عليه الإنسحاب من جامعة الدول العربية وان يسمح بإجراء انتخابات نزيهة حرة بعد عودة اللاجئين والنازحين إلى قراهم وطرد المستوطنين الجدد ونزع سلاح الجمجويت وإعادة تشكيل القوات النظامية، مع ضرورة تقديم المتورطين في ارتكاب جرائم حرب وابادة وجرائم ضد الإنسانية للعدالة وتعويض المتضررين.