** من أكثر الأشياء المحزنة ما آل إليه أمر حديقة الحيوان بالسودان ، شأنها شأن الكثير من مؤسساتنا الوطنية الأخرى كسودانير و مشروع الجزيرة و محالج مارنجان و مصنع الصداقة للنسيج ، و فرقة الإكروبات السودانية إبان مجدها الذهبي و وهجها الذي أدهش الدول العربية و الإفريقية و العالمية ، ولقد كانت حديقة الحيوان في أفئدة أجيال كثيرة جزءاً من تاريخ الوطن و عظمته و إنجازاته ، و من ناحية أخرى كانت جزءاً عزيزاً من زكريات الطفولة و إشراقات الصبا لدى الكثيرين من الذين عاصروها ، و السودان الذي كان أو فلنقل جدلاً ما زال يوصف بأن جغرافيته و بيئته الأثرى في تعدد الأوجه و المناخات ، لا يمكن أن يصدق أحد خُلوهُ من حديقة حيوان وطنية و رسمية ، ففضلاً عن أهميتها على المستوى السياحي العام ، ستظل حدائق الحيوان مركزاً جوهرياً للمعرفة الأحيائية ، و هي مادة مهمة في مجال البناء المعرفي المتعلق بالطبيعة و البيئة العامة خصوصاً للأطفال ، كما أن حديقة الحيوان هي في الواقع مركز تدريبي و معرفي و أكاديمي للمتخصصين في علم السلوك الحيواني و الطب البيطري ، و حديقة الحيوان في هذا الإتجاه كان من الممكن أن تستوظف الكثيرين من خريجي البيطرة و علوم الأحياء ، أما دورها السياحي فلا يحتاج إلى كثير قول ، أنا شخصياً أعتبر وجود حديقة الحيوان في بلد كالسودان هو من أساسيات ما يشير إلى هويتنا البيئية و الجغرافية ، و السودان هو قلب إفريقيا النابض و العاكس لأشكال شتى من بيئاتها و تضاريسها و مناخاتها الزاخرة بأنواع مختلفة من الحيوانات و الطيور و الزواحف التي يخطو بعضها أو معظمها نحو الإنقراض ، هي جزء من هويتنا الوطنية و إحدى مؤسساتنا الفخرية .. هل من أمل في إعادة تأسيسها من جديد ؟؟. ** مثلما أستغرب و أستنكر عدم إستقالة الوزراء و القياديين في مؤسسات الدولة الحساسة عند وقوع الكوارث أو عند حدوث الفشل السافر و الواضح للعيان عبر الواقع الميداني للأهداف المطلوبة أو عبر الإحصائيات و المستندات و الإختبارات ، كذلك أستغرب عن غياب ( آلة ) الإعفاء من الخدمة أو المنصب لمجرد القصور الإداري أو سوء الأداء .. التعيين و الإقالة من المنصب في أدبياتنا للأسف في أغلب الأحيان لا يتعلق بالأداء و نظرية النجاح و الفشل بقدر ما يتعلَّق بالوازنات السياسية و الإرضاءات المرحلية . ** نظرية ( كلما زاد الكم قلت الجودة ) .. تنطبق أيضاً على ما يحدث الآن في الساحة الغنائية السودانية ، هذا الكم الهائل من المطربين و المطربات ، و التدفق اليومي للمزيد من الراغبين في دخول إلى هذا المجال ، هدّد كثيراً من مناسيب الجودة و التي تتعلق بالأساس في فكرة التفرد و الإختلاف و الإتيان بجديد قادر على إقناع ذائقة الشعب السوداني الذي غذى قريحته بالنفيس من الأغاني و النابغين من المطربين ، وزارة الثقافة يجب أن تضطلع بدورها في تفعيل مؤسسة قادرة على ( غربلة ) الوالجين إلى هذا المضمار من الفنون ليكفوا آذاننا شر الغث من المنتج الغنائي و يكفوا أشباه المطربين شر إضاعة وقتهم فيما لا يُثمر و لا يفيد.