الحمد لله رب العالمين ، ها نحن نتنفس الصعداء من جديد ، بعد أن أكّد هذا الشعب الأبي أنه لم و لن يكن جثةً هامدة كما أشاعوا ، إنه الآن يقول أنا لم أزل حيّا قادراً على حمل آمالكم و تطلعاتكم و أمانيكم المستحقة في الحصول على لقمة عيش شريفة بلا رهقٍ و لا ذل و لا هوان ، هاهو يوميء مرةً أخرةً بإشارة النصر للضعفاء و الكادحين و المهمشين الذين في ليلِ مظلم حوربوا في عيشهم و مأواهم و صحتهم و عافيتهم و كرامتهم ، أقول يكفي أن المؤشرات الحالية إثبتت بما لا يدع مجال للشك أن الشعب السوداني لم يزل قادراً على التواصل بلغة و احدة و نفس واحد و فكرة واحدة بعيداً عن التحزُب و التعصب الجهوي و الآيدولوجي ، فالمستهدف في هذه المرحلة هو الوطن ، و لا نقصد بالوطن كما تعودنا منهم مجرد المصطلح الخاوي من ما يُبرِّر وجوده ، نقصد بالوطن إنسانه المُكرَّم كيف و أينما كان ، نقصد بالوطن مساحاته و حدوده المنتهكة و المغتصبة و المحتله بما فيها من ثروة بشرية و تاريخ و ثقافة ، نقصد بالوطن أحقية أبناءه في إستتباب مبدأ المساواة في الحقوق و الواجبات و المشاركة عبر ما تتيحه لوائح دستورٌ مُتفق عليه ، نقصد بالوطن إعلاء و تنصيب أهل الكفاءة و النزاهة و العدالة و الأخلاق السودانية الخالصة ، كما نقصد به الدفع بعجلة التنمية الإجتماعية و الإقتصادية إلى ما يقود الناس جميعاً إلى الرفاهية لأنهم يستحقون ذلك بصبرهم و مكابدتهم الشدائد ، ( يا شعباً لهبت ثوريتك إنتا تلقى مُرادك و الفي نيتك ) .. إن مقدرة هذا الشعب و بالأخص الشباب على التواصل حول فكرة واحدة على مدى ثمان و أربعين ساعة عبر وسائط النشر الإلكتروني المختلفة هو دليل نجاح كبير و إشارة أمل ساطعة في درب إيصال صوت الضمير الجماعي لهذه الأمة ، التي هي الآن بصدد التكوين من جديد .. نعم فقد ظن المتشبثين بسُرر الدعة و البذخ في قصورهم العالية أن بالسلطان و النفوذ و القوة وحدها يتم حسم الأمور ، ها نحن من جديد لنأمر الدائرة أن تدور ، فالحق الجماعي و المصلحة القومية ستظل هي الأقوى ضد من طغى و تجبَّر ، و خدع نفسه أو أوهمه الذين حوله من النفعيين و المطبلين أن هذا الشعب قد إستكان ، أيها السودان النضيد أكاد أُجزم أن الفجر قد لاح ، و أن الحق لابد صارخ ، فأهنأ ببنيك و بناتك و شيبك و شبابك ، لأنهم سيبدأون بكل عزم و فخر في كتابة تاريخك الجديد بقلم من نور و رؤية و رسالة مفادها ( لا وطن بلا إنسان و لا إنسان بلا كرامة ) .. تراجعوا عن قراراتكم الإقتصادية الأخيرة الجائرة ، و إتقوا من بطش رب العالمين بإعادة دعم الدولار الدوائي ( بواسطة تحديد سعره بـ 6 جنيهات كما كان و ليس بخطب المهرجانات الخداعية لوزير الصحة و غيره من المتورطين ) .