*طردني أستاذ (الأدب) بسبب (قلة الأدب).. *فأنا لم أطق صبراً - لحين انتهاء الحصة - كي أقول لزميلي صديق (نعيماً).. *فقد كان قصد الحلاق-عوضاً عن الفوال - أثناء فترة الفطور .. *فذهبت أتلذذ بنكهة الشاي وفي ظني أن الحصة ستكون بلا (نكهة).. *توهمت أن (الحياة) ستتوقف- داخل الفصل- وقد نُزعت عنها (روح) وجودي.. *فأنا (المهم) بكثرة مداخلاتي ومشاغباتي وقفشاتي.. *أو هكذا ظننت (تصديقاً) لما كان يُشيعه عني البعض ومنهم (صديق).. *واقتربت من الفصل لأرى لأي مدى هي (الكآبة) بداخله.. * ففوجئت بأن (الحياة) تسير سيرها الطبيعي في فصل (غزالي).. *بل إن صديقي الذي طُردت بسببه كان واقفاً يتحدث وهو يضحك.. *ويضحك لضحكه الأستاذ و(الغزالي) والزملاء أجمعون .. *بل كدت أرى مقعدي الخالي يضحك بدوره وهو يمد نحوي مقبض ظهره (لساناً).. *فانسحبت راجعاً إلى (البوفيه) وفي القلب حسرة.. *كيف لا يندم الأستاذ ؟ ويثور الزملاء ؟ وتهوي السبورة؟ ويتمرد (الأدب) ؟!.. *واكتشفت - لحظتها- أن ما من طالب يمكن أن يكون (محور) الفصل.. *وصرت (أحسن الأدب) في حضرة أستاذ (الأدب).. *وقديماً اكتشف علماء الفلك أن الأرض ليست (محور) الكون.. *وأن الإنسان ليس- كما كان يظن- (محور) الوجود.. *فثمة نجوم عملاقة تختفي والمجرات تواصل دورانها.. *وثمة أناس - ذوو شأن - يموتون والحياة تمضي من غيرهم.. *وثمة أنظمة - ذات سطوة - تتهاوى والشعوب تظل واقفة.. *ولكن ما أدركته أنا (الصغير)- آنذاك-لا يدركه (كبار) في زماننا هذا.. *فمنهم من يظن أنه (محور) الوزارة فإن ذهب هو، ذهب ريحها.. *ومنهم من يظن أنه (محور) الهيئة فإن فُصل، انفصلت هي عن أسباب النجاح.. *ومنهم من يظن أنه (محور) الحزب فإن تنحى، تنحى الحزب كله جانباً.. *بل إن منهم من يظن أن النظام كله هو (محور) البلد فإن ترجل هو (بركت) هي.. *ولهذا تكثر بيننا هذه الأيام عبارة (من البديل؟).. *سواء على صعيد الأفراد، أو الجماعات، أو النظام.. *ونسي هؤلاء أنهم لم يكونوا (شيئاً) إلى ما قبل خروجهم من غياهب (المجهول).. *ولم يسأل أحد من الناس حينها (البديل منو؟!).. *وحتى إن سأل فما كان سيجد من يجيبه بأنه (النظام الفلاني ورموزه).. *ومجرد طرح هذا السؤال هو قدح في الشخصية السودانية.. *ومن يظن أنه (زول مهم جداً)- توهماً- فعليه مراجعة نفسه.. *ثم في حضرة هذا الشعب (يُحسن الأدب!!!).