*تفاقمت أزمة تراكم الأوساخ في شوارع الخرطوم في السنوات الأخيرة بصورة مقلقة ليس فقط لأنها تشوه وجه العاصمة وإنما لأنها تهدد بشكل مباشر صحة الإنسان والبيئة معا. * الذين حضروا الحقبة التي كانت فيها الحكومات تتحمل مسؤوليتها في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين شهدوا كيف كانت القمامة تجمع في براميل موضوعة في الشوارع لتحملها عربات "البلدية" إلى مناطق بعيدة عن الأحياء السكنية والمرافق العامة حيث يتم التخلص منها هناك. *دخلت حكومات الإنقاذ في تجارب كثيرة أبرزها تجربة الشركات الخاصة لنقل القمامة التي لم نسمع بها إلا في هذا العهد‘ وهي جميعها عجزت في الوفاء بالتزاماتها تجاه النظافة رغم الرسوم التي تحرص على أخذها من المواطنين نظير هذه الخدمة. *كانت هناك حملات نظافة تنظمها اللجان الشعبية في عهدها الذهبي وحتى هذه الحملات كانت موسمية تتم في بعض المناسبات مثل قرب الانتخابات قبل أن تختفي تماما. *لن نبكي على أطلال الماضي الجميل الذي ندرك أنه لن يعود .. لكننا لن نمل التطلع والسعي لتحقيق بيئة نظيفة ضرورية لتأمين صحتنا وصحة المحيط الذي نعيش فيه. *لم تتوقف المبادرات المجتمعية للنظافة وإن كانت محدودة الأثر وسرعان ماتفتر الجهود وتتعثر لعوامل مختلفة نتيجة لغياب الرعاية والدعم والمساندة اللازمة لإنجاحها واستمرارها. *نقول هذا بمناسبة التقرير الذي بثه تلفزيون دبي قبل يومين عن حملة نظافة انتظمت في بعض شوارع الخرطوم نفذتها منظمات طوعية شبابية لنظافة الخرطوم من ركام القاذورات التي طفحت في شوارها. * إننا إذ نقدرمثل هذه المبادرة الطوعية التي نأمل ان تستمر وتعم كل شوارع الخرطوم عبر تفعيل هذا الحراك المجتمعي وقيام حملات شبيهة‘ نطمح أن تجد الدعم الذي يمكنها من تحقيق أهدافها. *من هنا فإننا ندعو الشباب في كل الأحياء لتنظيم حملات مماثلة تبدأ من داخل البيوت وأمامها وفي الحي المحيط وفي مواقع العمل والمصالح والشركات والمؤسسات والمناطق المحيطة بها. *إننا في حاجة ماسة لإحياء فضيلة النظافة وقيمتها الأخلاقية والصحية والنفسية والجمالية في نفوس الصغار والشباب وعدم الركون إلى خدمة الاخرين خاصة في المنازل التي أصبحت مهددة بالأمراض والأوبئة المنقولة إليها نتيجة الإعتماد على خدمة الغير دون تحوطات صحية. *إن مثل هذه الحملات الطوعية تحيي في نفوس الشباب ثقافة إضاءة الشمعة بدلا من الإكتفاء بلعن الظلام وهي ثقافة تعينهم ليس فقط في تحقيق بيئة نظيفة لهم وإنما تحفزهم لمزيد من الحراك المجتمعي الإيجابي لصنع مستقبلهم الأفضل بأنفسهم.