قبل انقلاب 30/6/1989، قال زميل للأستاذ\ محمد حسن الأمين بالبرلمان أنهم سوف يسقطون قوانين سبتمبر يوم الاثنين، فكان أن رد الأستاذ:- " و الحيرجاكم لغاية يوم الاتنين منو؟!!".. فالأستاذ، و كل القياديِّين المتأسلمين، كانوا يعلمون بموعد تنفيذ الانقلاب المؤامرة على زملائهم.. و مع ذلك كانوا يأكلون و يشربون معهم.. و يداعبونهم و يتضاحكون في خُبثٍ معروف عن الشيطان و إخوان الشيطان..!
و منذ ذلك اليوم، بدأت الانتكاسة الظلامية التي أعادت السودان إلى زمن الشنفرا و قريبه ( تأبط شر) وجميع صعاليك العرب في عصور الجاهلية الأولى.. و الشنفرا و ( تأبط شر) كانا عوناً على الفقراء و المساكين.. لكننا في زمن جاهلية ( الانقاذ) نرى صعاليك السودان و قد اغتنوا، بعد فقر، و أفقروا الأغنياء.. و أكلوا حقوق الأيتام و الفقراء و المساكين.. و لا زالوا وبالاً علينا جميعنا، و يتحدثون عن الصابونة و ( بروة ) الصابونة التي كانوا يتقاسمونها هم و ليس نحن.. و يراهنون على تخويفنا من تداعيات الثورات العربية.. و يقعقعون لنا بها و نحن- كما الحجاج بن يوسف الثقفي- لا يقعقع لنا بالشنان؟؟..
قال المناضل/عبد العزيز خالد في لقاء صحفي :- " لن تحدث فوضى ان هبت انتفاضة الشعب.." و قال:- " خطاب التخويف لن يمنع الشارع من الخروج.. الجيش سيحمي الانتفاضة..!" و معروف أن عبدالعزيز هذا رجل عسكري.. و يعرف عقيدة الجيش السوداني ( الحقيقية)..! و مع ذلك تخيلوا معي الجنجويد يسرعون بسياراتهم رباعية الدفع.. و حجارة غاضبة تندفع نحوهم من كل ناحية.. و الرصاص ينهمر على الثوار الغاضبين.. فيهرب الجنجويد ليعودوا بأسلحة أشد فتكاً و تدميراً.. و الثوار بكلياتهم يندفعون نحو الجنجويد.. ذاك مشهد سوف يحدث..
إن نظام ( الانقاذ) نظام دموي منذ نشأ، ألا تتذكر الذُهول ( العام) الذي ساد الجميع يوم سمعنا النائب الأول السابق، و هو رجل قانون، يحرِّض من بيدهم السلاح:- " شوت في المليان!!" قالها في سادية و نهمٍ للولوغ في الدماء لا يُضَاهى “ Shoot to kill!”؟ هل كان جاداً؟ نعم، كان جاداً..! لقد تناسى ما تعلمه من قانون فأصدر تلك الكلمات.. و الكلمات ذاتها وجَّه مثلها لزبانية ( الانقاذ) أيام ثورة سبتمبر 2013 قبل أن يمتطي الزبانية السيارات رباعية الدفع.. و المطهمة بالكلاشنكوف و ال M 7؟! فمات من الشباب خلقٌ كثير..
لا يهم! سوف يأتي يوم يفتح كثير من شبابنا صدورهم للرصاص.. البعض سوف يسقط مضرجاً بدمائه و البعض سوف يواصلون الاندفاع نحو الأهداف المختبئة خلف البنادق و الرصاص.. و سوف ينزعون البنادق من الجنجويد قهراً و يحولون فوهات البنادق نحو من يستحقون هطول الرصاص عليهم.. و سوف يهرب الجنجويد إلى من حيث أتوا.. هذا ما سوف يحدث يوم تدق الساعة 25.. و الزمن يقترب.. و نكاد نراه بالعين المجردة!
في ذاك اليوم لن تكون الأمكنة هي نفس الأمكنة.. و معالم الطريق سوف يغيرها اكتظاظ الثوار في كل الساحات. و لن يقف سيل الدماء حاجزاً دون نيل الحرية و الكرامة.. و إلى القصر حتى يكتمل النصر..
نحن نرى ما لا يرون.. و قد أجازت ( لجنة قضايا الحكم في حوار قصر الصداقة)، و بالإجماع، قيام حكومة أسموها ( حكومة الوفاق) برئاسة البشير.. أي مصيبة هذه؟ إنها مؤامرة على مستقبل السودان.. و شراكة مع من أهدروا دماء الشعب و امتصوا عرقه فانتفخت كروشهم و تكورت أوداجهم.. و لا يزالون يطالبون بالمزيد.. و الشعب يطالب ب(حكومة انتقالية) يناط بها وضع دستور حقيقي بعيداً عن إيهام الناس بشريعة ( مبرمجة) يشترعونها و لدون أن يضعوا ليوم الدين حساباً.. شريعة يكيِّفونها وفق ما تقتضي مصالحهم بمنآى عن مصالح الرعية، و إن، بالخطأ، التقت المصلحتان فلا بأس لديهم من أن يضموا مصالح الرعية إلى مصالحهم بدعوى ( الصالح العام)..
لكن مهلاً.. سوف يقلبها الشعب عليهم.. و يرتٍّب لوضع شريعة تتوافق و مطلوبات العصر و مقاصد القرآن و السنة.. مقاصد تنير الطريق إلى حُسن الخاتمة لنا و للأجيال القادمة.. و لمستقبل أجمل للسودان بلا ارتزاق و لا بيع للأراضي للدول الأخرى انتقاصا لمساحة السودان.. و لن نلجأ إلى الاتجار بجنودنا الأشاوس في سوق الارتزاق.. و لن يحكمنا من في عقله لوثة من هوس ديني و ادعاء الكمال و الطهارة كما يفعل أهل (نظام الانقاذ) عند تعيينهم اللصوص و السماسرة و المرابين في المناصب الدستورية.. و الطيور على أشكالها تقع..
إن نظام ( الانقاذ) عصيٌّ على الاصلاح! إذن كيف يتأتى الاصلاح دون أن اقتلاع النظام من جذوره في تزامن مع القضاء المبرم على الفساد المتمكن من جميع مقومات الحياة الاقتصادية و الاجتماعية.. فساد يتحدى كل اصلاح يتطاول عليه و هو في القمة جالس في عظمةٍ و حوله حُماته من الدستوريين و ترزية الدساتير و القوانين..!
الانتفاضة قادمة، قادمة.. و لا نشك في قدومها! و إن ادَّعوا أن الشر سيتمخض عنها، فذاك شرٌّ لا بد منه.. في كنفِ " لا بدَّ مما ليس بدُّ!" فلنبدأ بالعصيان المدني.. و هو القشة التي سوف تقصم ظهر النظام المشؤوم.. و سوف نخرج بعد ذلك ( صفوف.. صفوف.. صفوف..).. و لن تخيفنا جملة " إضرب في المليان!" ... “ Shoot to kill!”! لن تخيفنا أبداً.. كما لن تخيفنا تداعيات الثورات العربية.. فالشعب السوداني ما زال بخير!
صرخة:- نطالب بعودة صحيفة ( التيار) فوراً.. و لا نامت أعين الفاسدين!