لا يخفى على أحد أن الصراعات التي حدثت قبل عدة شهور بسبب الرقابة على الصيدليات، وتداعيات تلك المواجهة أدت إلى سحب التفويض من وزارة الصحة ولاية الخرطوم ومباشرة المجلس الاتحادي للصيدلة الرقابة يليه صدور حكم في قضية المسافة بين الصيدليات الـ 100 متر، وكان الحكم لصالح المجلس ونص القرار لعدم اختصاص الوزارة بذلك، ثم هدأت الأمور قليلا إلى أن جاء موضوع تجديد ترخيص الصيدليات وأصدر المجلس إعلاناً باعتباره جهة اختصاص بالتراخيص أعلنت الوزارة لنفس الغرض في نفس التوقيت، فأصيب أصحاب المؤسسات بالارتباك والتخوف من النتائج الكارثية التي قد تحدث جراء الصراع حول قوانين وتشريعات غير واضحة أو فيها تجنٍّ من جهة على صلاحيات الأخرى في النهاية قد تسبب أضراراً بالغة للمتعاملين في الحقل الصيدلاني. وبالأمس القريب عقد مأمون حميدة وزير الصحة مؤتمرا صحفيا وصرح أن الرئاسة حسمت موضوع الترخيص لوزارته، ولم أتحصل حتى الآن على نص قرار الرئاسة أو تأكيد أو نفي من جهة أخرى، كل الموجود بالصحف تصريحات د.حميدة، وقد توجهت إلى إدارة الصيدلة وسألت عن نص القرار وبعد شد جذب طلبت مقابلة المدير د.عفاف حسن وطلبت مني الموظفة إبراز إثبات شخصية، إلا أن الدكتورة رفضت مقابلتي، وللأمانة قالت آتي إليها آخر اليوم بحجة أنها مشغولة ثم تدخل أحدهم وأكد أنه لا يوجد لديهم نص قرار لأني طلبت من الموظفة أن تسال الدكتورة ثم أحالتني الدكتورة إلى صحيفة (الرأي العام).. خرجت واشتريت (الرأي العام) وفيها مانشيت في الصفحة الأولى (الرئاسة تحسم خلاف ترخيص الصيدليات لصالح وزارة الصحة) بينما حيثيات الخبر أن مصدر المعلومة هو السيد الوزير، وهذا خطأ فني وعدم مهنية أن يكون الخصم هو الحكم، ويأخذ عنه القول الفصل ما لم يكن لدى الصحيفة نص القرار، ولا أرى ما يمنع من تفويض الإدارة بالترخيص أسوة بغيرها من الولايات لتوفر الكوادر والمعينات اللوجستية لكن الأهم والأخطر في الأمر إذا هناك تعارض قوانين وثغرات تتفجر بها هذه النزاعات فإن محل البت فيها هو البرلمان أو الدستورية.. وتدخل الرئاسة يكون للتهدئة وتقريب وجهات النظر إلى حين الحسم عبر القنوات التشريعية، خاصة وأنه بدأت تتكشف خيوط تسعى إلى زعزعة مهنة الصيدلة في البلاد والتنكيل بمنسوبيها الانتقاص من مكانتهم وسوف تحدث صراعات جديدة عاجلا أو آجلا وكل مرة بحجج مختلفة، ومما يشجع هؤلاء على ذلك أن الكيانات الصيدلانية هشة للغاية ومنقسمة على نفسها أو هكذا يظن البعض ويمكن تمرير كل ما يريدون مستقبلا دون الرجوع إلى أي جهة صيدلانية وهذه بادرة خطيرة سوف تؤدي إلى عداوات ومهاترت ومهازل وقد تنتهي بسقوط أحد الطرفين ولا أتمنى للصيدلة، وأستنكر هذا النوع من المشاكسات حفاظا على ما تبقى في وجدان الناس من تقدير واحترام للمهن الطبية بشكل عام وفي الآونة الأخيرة بدأت ظواهر سالبة مثل الاحتكاكات العنيفة بين بعض المواطنين والعاملين في الحقل الطبي، وقد تكون له أسباب أخرى، ولكن مما لا شك فيها أن مثل هذه المكايدات واستعراض العضلات على الملأ وعبر أجهزة الإعلام يقوي اتجاه البعض أن هذه المهن لم تعد تستحق الاحترام كما كان في السابق. ولنا عودة فيما يخص الدفاع عن الصيدلة وما يحاك لها من دسائس. ختاما للأسف ناس اتحاد الصيادلة اعتقدوا خطأ أن مشكلتنا مع الدكتور سوار الذهب (الرئيس السابق) كانت شخصية، ولكننا في الحقيقة كنا نطالب باتحاد شرعي وقوي يتصدى لكل المخاطر التي تواجه المهنة، ونعترف أننا فشلنا في ذلك، وها نحن نعيد نفس السيناريو بوجوه جديدة. حفظ الله الصيدلة والصيادلة ورد كيد الماكرين "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" .. سورة الشعراء (227) والله من وراء القصد