*ظلت العلاقة بين السلطة والصحافة متوترة لاتكاد تستقر على حال‘ السلطة تحاول حماية نفسها وتسعى للهيمنة على الأداء الصحفي فيما يسعى الصحفيون إلى أداء واجبهم المهني بعيداً عن القيود والموجهات الفوقية. *على أرض الواقع حدثت معالجات سابقة بعد حوار بين رؤساء تحرير الصحف والأجهزة المعنية بالعمل الصحفي تم بموجبها رفع الرقابة القبلية عن الصحف لكن ظل التوتر قائماً في العلاقة بين الصحافة والسلطة. *إستمرت بعض حالات الملاحقات والإستدعاءات ومصادرة بعض الصحف وتعليق صدورها كما حدث مؤخراً للزميلة "التيار"‘ الأمر الذي دفع إتحاد الصحفيين السودانيين لعقد اجتماع مع رؤساء تحرير الصحف قبل يومين للتفاكر حول القضايا والهموم الراهنة للصحافة. *هذه مبادرة ايجابية تستحق الدعم والمساندة للعمل معاً على تعزيز حرية التعبير والنشر‘ ونبارك مخرجات هذا الاجتماع الذي أكد ضرورة إستمرار الحوار مع الحكومة لمعالجة قضايا وهموم الصحافة لفتح الباب أمام حرية التعبير والنشر‘ ونتفق معهم في أن إيقاف صحيفة التيار تجديف ضد تيار الحريات والحوار. *إننا نعترف بوجود بعض الأخطاء في الممارسة الصحفية لكننا نرى أن تتم معالجتها وفقاً لأحكام القانون دون تجاوز لديباجة الحقوق الأساسية المتعلقة بالحريات والديمقراطية في العلاقة بين السلطة والصحافة المضمنة في الدستور. *كما نساند الدعوة للسماح للزميلة"التيار" بمعاودة الصدور‘ وعدم التضييق على الصحف وإلغاء التدابير الإستثنائية في مواجهة الصحف والصحفيين‘ وحل المؤسسات الإعلامية التي تتخذ من الإعلان ذريعة للعقاب وخنق الراي. *هناك نقطة مهمة أخرى نبه لها الاجتماع المشترك تتعلق بشح المعلومات الأمر الذي قد يتسبب في إيراد معلومات ناقصة أو غير دقيقة‘ لذلك لابد من الشفافية في أمر تمليك المعلومات للصحفيين والإعلاميين بدلاً من تركهم يلجأوون مضطرين لنشر ماتوفر لديهم من معلومات من طرف واحد. *نعلم أن هناك مشروعات لتعديل القوانين ضمن مشروع الإصلاح المرتقب‘ لكن مثل هذه القضايا لاتحتمل انتظار تعديل هذه القوانين‘ خاصة وأنه إذا أحسن تفعيل ما نص عليه في ديباجة الحقوق الأساسية المتعلقة بالحريات والديمقراطية فإنه يكفي لتأمين حرية الصحافة والصحفيين. *ليس لدينا اعتراض على تشكيل مجلس رؤساء التحرير ولاعلى قيام اتحاد للناشرين‘ لكننا لانرى أولوية لهذه الكيانات‘ ولاحتى التوقيع على ميثاق الممارسة الصحفية‘ إنما لابد من الإسراع باتخاذ خطوات عملية ملموسة لتعزيز حرية التعبير والنشر بعيداً عن الإجراءات الأستثنائية التي قد يساء إستخدامها في مواجهة الصحف والصحفيين. *أثبتت التجارب العملية أن القوانين وحدها لاتحمي حرية الصحافة إنما لابد من توافر الإرادة السياسية لذلك‘ وعدم افتعال معارك في غير معترك مع الصحافة والصحفيين بلا طائل. * إننا إذ نشيد بهذه المبادرة الإيجابية لاتحاد الصحفيين السودانيين نثق تماماً في وطنية الصحفيين السودانيين الذي يؤدون واجبهم المهني بتجرد وصدق وهم يحاولون التعبير عن هموم وقضايا وتطلعات المواطنين المشروعة. *إن كفالة وحماية حرية التعبير والنشر ضرورة وطنية وأخلاقية لتهيئة المناخ الصحي المعافى لدفع المبادرات المطروحة لإنجاح الحوار السوداني الذي لابد أن تشارك فيه كل الأطراف السودانية الفاعلة لتحقيق الإتفاق القومي حول أجندة بناء مستقبل السودان الذي يسع الجميع.