كان حسين خوجلي يقرأ أقوال الصحف في الصباح.. و الصحف تتحدث عن مطاردات و اعتداءات و إبادة غير مبررة ضد السودانيين في مصر.. فيتحسر حسين خوجلي على ما حد، و لا زال يحدث.. لكنه يطالبنا بالصبر.. و الصفح..! فنتعجب من نوع الصبر المطلوب منا ممارسته أكثر من صبرنا على الصبر ذاته.. و نتساءل عن الصفح الذي علينا أن نمنحه لمن يعتبرنا و ممتلكاتنا ملكاً له.. نعتبره شقيقاً بينما فمه فاغر لابتلاعنا ابتلاع أراضينا كلها متى واتته الفرصه.. نقول للجميع:- " حكِّم سيوفك في رقاب العذل.. و إذا نزلت بدار ذلٍّ فارحلِ.." .. فليرحل السودانيون المعذبون في مصر.. عليهم العودة إلى السودان في أقرب فرصة متاحة.. و نقول لكل مسئول غير جاهل أو متجاهل- :- " و لئن بُليت بجاهلٍ كن جاهلاً.. و إذا لقيت ذوي الجهالة، فاجهلِ".. فنطالب المسئول- المسئول حقيقة- بمعاملة مصر بالمثل في موضوع الحريات الأربع، و نطالب الخارجية باستدعاء السفير المصري بالخرطوم لاستجوابه عما حدث للسودانيين من إذلال و قتل و مطاردات.. و بلاش خيابة معاكم.. و نؤكد للخارجية أننا لا نصدق تهديداتها الجوفاء حين تدعي إنها سوف تتخذ الاجراء اللازم الذي يحفظ كرامتة السودانيين و هيبة و مكانة الدولة إذا ثبت للخارجية ما يؤكد الأخيار المتداولة عن تعرض السودانيين بمصر لسوء معاملة! لكن وينها الهيبة و وين هي الكرامة؟ الاتنين إتدغمسوا زمااااااان! و يذكرني تصريح الخارجية بقصة جاءت في الفولكلور النيجيري تروي عن شاب ،اشتهر بالكسل و بالجبن، جاءته أمه باكية بحرقة.. و الدماء تسيل من وجهها.. فصاح الشاب: " ما بك يا أماه! و من الذي تجرأ على ضربك و أنا حي يرزق؟!" فأجابته الام بأن الفاعل شاب آخر يملك متجراً في السوق.. و في غضبة مضرية طلب الابن من أمه أن ترافقه إلى مكان الشاب المعتدي.. و هناك أشارت الأم إلى الشاب المعتدي:" ها هو ذا" فسأل ابنها الشابَ المعتدي عما إذا كان هو الذي ضرب أمه.. فأجابه الشاب المعتدي بالإيجاب، بل و قام بصفع الأم مرة أخرى في تحدٍّ أرعن، فما كان من الشاب الابن إلا أن قال لأمه:- " دعينا نعود إلى البيت يا أماه، فالله كفيل بالانتقام من هذا الأرعن!" كنت في مهمة خاصة بالسوق العربي.. و استغرقت المهمة قرابة الساعتين.. و أنا أتجول.. و في كل مكان من السوق ألتقي شاباً مصرياً إما بائعاً أو مشترٍ.. و لم أكن أحمل أي ضغينة على أيٍّ منهم " ماذا جنى، فتمسه أضغاني؟".. و كل واحد منهم يمتطي جواد ( الحريات الأربع) دون السقوط من على صهوة الجواد.. و السودانيون يتعاطون معهم ( على السليقة).. بينما السودانيون في مصر يطاردون و يقتلون بعيداً عن الأربع حريات.. فالحب بين السودان و مصر يتسكع في ( الطرف الأغر)! و حكومتنا تجبن.. و بعض نخبنا يجبنون أكثر.. و فلاحة حكومتنا تكون دائماً ( داخل) الحدود السودانية و بس.. أما ( على) الحدود، فهي " تجفلُ من صفيرِ السافرِ".. و تختلق الأعذار لمن يهيننا.. و لمن يقتلنا .. و لمن يسلب أراضينا.. بل و تبيع الأراضي بأبخس الأثمان..
يَخْس! و نطالع على صفحات جريدة ( الجريدة) بتاريخ 17 نوفمبر 2015:- معتمد سابق يؤكد احتلال الاثيوبيين لمليوني فدان بالقلابات.... و يمضي الخبر ليفيدنا بأن الاثيوبيين شرعوا في بناء 754 قرية و توطين أنفسهم فيها.. و أن هناك مشكلة حقيقية بين ولاية القضارف ذات المليون و 400 ألف مواطن.. و إقليم الأمهرا ذي ال 27 مليون إثيوبي.. نعم، 754 قرية، و تبقت 346 قرية لتكمِّل الألف قرية.. و ( تتأثوب) الشفقة كما ( تمصرت) حلايب و شلاتين.. و حسين خوجلي يطالبنا بالصبر و الصفح.. نصبر على إيه و الا إيه يا حسين يا خوجلي؟! و نود أن نذكرك ها هنا بوجوب الذود عن الحمى:- " ... و لئن نهاك جبانُ يومَ كريهةٍ خوفاً عليك من ازدحام الجحفلِ... فاعصِ مقالته و لا تحفل بها.. و اقدم إذا حق اللقا في الأولِ".. فالموت أهون من ترك الأرض سليبة..و الانسان مصلوباً على صليب من الذل و الهوان..
و ما حسين خوجلي إلا واحداً من الذين لا يقولون " السودان و مصر" بل هو من الذين يقولون " مصر و السودان"! قطع الله لسان كل سوداني لا يقدِّم اسم السودان على اسم أي دولة في العالم! فالسودان أولاً و يتوجب أن يكون أولاً على ألستنا.. و السودانيون أولاً و يتوجب أن نحميهم أينما كانوا..