مقال : للاستاذ احمد حسين آدم في صحيفة القارديان البريطانية في مقالته لصحيفة (القارديان ) البريطانية ينتقد احمد حسين ادم ، الزميل بمعهد التنمية الافريقي بجامعة كورنيل الامريكية، سياسة الاتحاد الأوربي الخاصة لمواجهة الهجرة من افريقيا عبر البحر الأبيض المتوسط ، وقد شدد في مقاله على ان إعطاء المال للانظمة او الحكومات الدكتاتورية والقمعية لوقف الهجرة او لترحيل المهاجرين يعتبر منطقاً اخرقاً ، ويتجاهل كلية الأسباب الحقيقية التي دفعت هؤلاء اللاجئين للفرار من اوطانهم الأصلية. وفي القمة الأوربية الافريقية التي عقدت بمالطا حصلت الحكومات الافريقية علي مبلغ ( 1.8 ) مليار يورو من الاتحاد الأوربي لإيقاف تدفق اللاجئين من افريقيا ودول الشرق الاوسط التي تشهد أزمات ونزاعات دموية ، هذا علي الرغم من ان معظم المهاجرين الذين يريد الأوربيون ترحيلهم هم فروا أصلا من الحكومات التي يتعاون معها الاتحاد الأوربي في هذا الشأن . انه امر يصل الي حد التهكم والاساءة ، حيث كان من ضمن الحضور في قمة "فاليتا" بمالطا ممثلين عن حكومات السودان، ارتريا واثيوبيا ، وهذه الحكومات تدان علي نطاق واسع لسجلاتها السيئة في مجال حقوق الإنسان ، فمثلا في السودان ، ووفقا لتقارير المفوضية السامية للاجئين التابعة للامم المتحدة ،اكدت ان هنالك (400.000 ) نازح في دارفور خلال هذا العام ، نتيجة للنزاع المستمر بين قوات الحكومة والحركات المسلحة ، كما ان هنالك ( 6.900 ) في حاجة للمساعدات الانسانية ، و أوضح تقرير المفوضية بان تقديراتها تشير الي ان عدد اللاجئين في السودان ربما يصل الي ( 460.000 ) لاجيء بنهاية هذا العام . و كشف المقال بان التهريب والإتجار بالبشر اصبح تجارة مغرية ومربحة للكثيرين في السودان، حيث تؤكد مصادر موثوقة ان عدد كبير من ضباط جهاز الامن متورطين في هذه الجريمة الدولية الخطيرة ، وذلك من اجل المكاسب المالية و المادية المغرية من الاتجار بالبشر ، وكشف المقال عن عمليات تهريب البشر تغطي اجزاء واسعة من السودان، في الشرق، الشمال والغرب وصولا الي ليبيا عبر الصحراء ومن ثم الي الشواطيء الأوربية . وحتي هذه اللحظة، ليس هنالك دليلاً واحداً يثبت بان المساعدات الأوربية السابقة لنظام البشير قد ساهمت ايجاباً في مواجهة ازمة الهجرة، اذن لماذا الان ؟ ، وفي شهر نوفمبر من العام الماضي ، دشن الاتحاد الأوربي مبادرته المثيرة للجدل الموسومة ب" عملية الخرطوم" ، وتلك المبادرة تم اعلانها رسمياً في العاصمة الإيطالية – روما - حيث تعهدت بمواجهة الهجرة غير الشرعية وعمليات الاتجار بالبشر في دول القرن الافريقي ، وذلك عبر تقديم المغريات المتمثّلة في المساعدات المالية و الفنية والسياسية لإدارة وضبط الهجرة. بناءاً علي هذه السياسة التزم الاتحاد الأوربي علي منح نظامي الرئيس السوداني عمر البشير والارتري أسياس افورقي أموال طائلة ، لكن لطبيعة هذه الأنظمة ولغياب اليات و مؤسسات المراقبة والشفافية ، ستختفي هذه الأموال كليا ودون أثر، وستبتلع بواسطة هذه الأنظمة التي هي تحت طائلة العقوبات الدولية لسجلاتها المخزية و انتهاكاتها الواسعة لحقوق الانسان ، وكثير من الحقوقيين والناشطين وصفوا دعم الاتحاد الأوربي للانظمة القمعية لمواجهة الهجرة بانه يمثل "سابقة مقلقة". لاشك ان دولتي السودان وارتريا هما من اكثر الدول التي تصدر المهاجرين واللاجئين ، ولكن الدول الأوربية تغض النظر عن هذه الحقيقة ،فبدلا عن ممارسة الضغط علي هذه الأنظمة لتغيير سياستها ومواجهة الأسباب الجذرية للهجرة بانهاء وحل النزاعات والأزمات السياسية في هاتين الدولتين ، يلجأ الاتحاد الأوربي الي الإغراءات المالية لهذه الدول كحل سريع ، لكن ازمة الهجرة لا تنتهي الا بمخاطبة جذورها .