كرسي القماش..!! بقلم عبد الباقى الظافر

كرسي القماش..!! بقلم عبد الباقى الظافر


10-17-2015, 02:03 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1445087015&rn=0


Post: #1
Title: كرسي القماش..!! بقلم عبد الباقى الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 10-17-2015, 02:03 PM

01:03 PM Oct, 17 2015
سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى فى سودانيزاونلاين





الجمعة, 16 أكتوبر 2015 13:59
جلست على كرسي القماش تحت ظل شجرة النيم الوفية.. يمر الناس أمامي لا أحد منهم يحيني بكلمة «يا سعادة الوزير».. بل بعضهم كان يشيح ببصره بعيداً.. ما الذي يجعل الجماهير تتجاهلني.. عندما كنت وزيراً كانت الناس تتزاحم بالمناكب.. يتخيرون التعابير المفرحة من سعادتك إلى يا بروف.. البعض يزيد قليلاً ويضيف تعبير معالي الوزير قبل أن ينطق باسمي.. هنالك خطأ.. ربما أصابتني لعنة المرشد.
أغمضت عيني وبدأت مراجعة المسيرة .. الأحداث تتدافع لتخرج من الذاكرة.. كنت معلم لغة عربية مميّز.. تدرجت في المناصب حتى منصب مدير مدرسة ثانوية.. لا أملك في الحياة إلا هذا البيت الذي ورثته عن أبي.. وذاك الموتر.. تلفت أبحث عن الدراجة البخارية.. تذكرت أنني أهديتها لزوج أختي بعد أن أصبحت وزيراً.. لم أكن أشكو من شيء.. زوجتي تعمل معلمة وأولادي أكملوا التعليم ثم تفرقت بهم سبل الحياة.
كان ذاك اليوم مثل هذه الجمعة .. خرجت لأدرك الصلاة في مسجد السيد كما تعودت منذ أن كان والدي على قيد الحياة.. قبل أن أدخل إلى صحن المسجد قابلني أحد الشيوخ طالباً مني تقديم المرشد الصغير عقب صلاة الجمعة.. كان يدرك أنني مجيد للغة العربية ولكن لا أفقه في السياسة، غير أن هذه الحكومة سيئة جداً.. لم أصلِّ في خشوع.. فقد كانت المهمة الصعبة تترأى لي بين الركوع والسجود.. قبل السلام وجدت الحل.. قصيدة قديمة وغير مشهورة للمتنبيء تناسب المناسبة إن تم تحويرها قليلاً.. ألقيت القصيدة العصماء وحينما هبطت من المنبر كانت الحشود تهنئني على تمام الإنجاز.. بعدها دفعني ذاك الرجل إلى غرفة جانبية.. ترأى لي أن المرشد يشع ضوءاً.. حينما دنوت منه وجدت الذين من قبلي يقبلون أياديه الطاهرة.. فعلت ذات الشيء تحت وطأة العقل الجماعي الذي هيمن على الغرفة الضيقة.
بعد أسبوع تم إعلان اسمي في الوزارة الجديدة.. حينما داهم الجيران منزلي قلت لهم ربما مجرد تشابه أسماء .. بعدها كانت المكالمات الهاتفية تؤكد أنني أصبحت وزيراً.. بعد ثلاث ساعات جاء رجال غرباء في عربة مظللة أكدوا أنهم فريق الحراسة.. بعد أيام نقلوني إلى حي الوزراء.. الزخم الشديد هنالك عزلني عن الناس.. الإحساس بأن الوزارة ملك لا يبلى جعلني بعيداً من أهلي وأصدقائي .. كانت نصائح أصدقاء الوزارة أن ارتفع لمستوى المنصب الجديد.. حراسي الأشداء شيّدوا طوقاً عازلاً بيني وعامة الشعب.
بعد عامين حسبت أنني تعلمت السياسة.. في اجتماع صاخب وحاشد رفعت يدي.. ظننت أن الأشياء هي الأشياء.. طالبت بانتخابات تطال أجهزة الحزب.. وأن المرشد يجب أن يختاره الناس.. وأن الإصلاح فريضة.. صفق الناس وعدوني شجاعاً.. كتبت الصحف تشيد بجرأتي وبعد نظري.. بعد أيام تم تجميد عضويتي في الحزب.. بعدها فقدت منصبي في الوزارة.. لم أتمكن من البقاء في منزل الحكومة المحاط بالكبار غير أيام معدودات.
عدت لأهلي في الشعبية ولم أجدهم .. حينما أجرد الحساب أندم على تلك القصيدة التي سرقتها من دفاتر المتنبيء.. ليس بالإمكان أن أعود لطلابي في المدرسة فأنا أحمل لقب وزير سابق.. ليس متاحاً أن أذهب إلى تلاميذي في منازلهم عارضاً بضاعتي من العام.. أنا لم أعد ذاك الأستاذ الذي يشار إليه بالبنان المنصب السابق أخذ مني أعز ما أملك.. ليس لي صديق غير هذه الشجرة الوفية وكرسي القماش الذي مازال يتحمل جسدي الضخم.




أحدث المقالات

  • تجربة الأستاذ الصحفي و الروائي / فايز السليك و دار أدال للنشر بقلم إبراهيم إدريس 10-16-15, 03:56 PM, مقالات سودانيزاونلاين
  • أين إختفت الجمال في مرحلة الغار من الهجرة النبوية؟ بقلم مصعب المشـرّف 10-16-15, 03:53 PM, مصعب المشـرّف
  • الموت او الوطن بقلم احمد ويتشي 10-16-15, 03:46 PM, احمد عبدالرحمن ويتشي
  • آخر نكتة (مطعم ليالي الخرطوم بالليل)!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 10-16-15, 03:43 PM, فيصل الدابي المحامي
  • ثورة القدس .. ثورة الدولة الفلسطينية المستقلة بقلم طارق أبو محيسن القيادي في حركة فتح 10-16-15, 03:42 PM, طارق أبو محيسن
  • انتفاضة جيل أوسلو هل تعيد الإعتبار المفقود؟ بقلم حسن العاصي كاتب فلسطيني مقيم في الدانمارك 10-16-15, 03:40 PM, حسن العاصي
  • أيها السوريون يجب أن تموتوا .. وتُشردوا !!! هكذا يقول العالم!!! بقلم موفق السباعي 10-16-15, 03:38 PM, موفق مصطفى السباعي
  • حربائيات نظام الخرطوم الإخواني بقلم الفاضل عباس محمد علي 10-16-15, 02:11 PM, الفاضل عباس محمد علي
  • حكاوي امدرمان 2 بقلم شوقي بدرى 10-16-15, 02:06 PM, شوقي بدرى
  • رثاء لأهل الوفاء الشهيد خالد اسرائيل بقلم فيصل السُحــــــيني 10-16-15, 02:04 PM, فيصل عبدالرحمن السحيني
  • الحكومة تفتح بلاغ ضد حمار!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 10-16-15, 02:00 PM, فيصل الدابي المحامي
  • قصة فكرين ..!! بقلم الطاهر ساتي 10-16-15, 01:56 PM, الطاهر ساتي
  • إسرائيل تفتح بلاغ ضد حمار فلسطيني!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 10-16-15, 05:37 AM, فيصل الدابي المحامي
  • الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (7) انتفاضة المدية والخنجر والسكين بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 10-16-15, 05:14 AM, مصطفى يوسف اللداوي
  • مصر وانتقام الحمير بقلم جاك عطالله 10-16-15, 05:12 AM, جاك عطالله
  • الهجرة إقامة دولة 2 بقلم ماهر إبراهيم جعوان 10-16-15, 05:09 AM, ماهر إبراهيم جعوان
  • يُخرج الانقلاب من الثورة: دراما ما قبل مايو 1969 بقلم عبد الله علي إبراهيم 10-16-15, 01:25 AM, عبدالله علي إبراهيم
  • مرحبا اكتوبر الأخضر بقلم سعدية عبد الرحيم الخليفة عبد الله 10-16-15, 01:21 AM, مقالات سودانيزاونلاين
  • الحوار السوداني : المؤتمر الوطني يحاور توئمه المؤتمر الشعبي بقلم ايليا أرومي كوكو 10-16-15, 01:17 AM, ايليا أرومي كوكو
  • بروفيسور إسماعيل الحاج موسى مغفل نافع ام طبال الرئيس . 7+7 بقلم محمد القاضي 10-16-15, 01:15 AM, محمد القاضى