الأذّان في مالطا /صلاح يوسف

الأذّان في مالطا /صلاح يوسف


02-24-2014, 04:19 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1393255156&rn=1


Post: #1
Title: الأذّان في مالطا /صلاح يوسف
Author: صلاح يوسف
Date: 02-24-2014, 04:19 PM
Parent: #0

على المحك
صلاح يوسف [email protected]
الأذّان في مالطا
تذكرت المثل الشعبي الذي ينعت الشخص حين ينادي بقول أو يصدر قراراً فلا يجد أذنا صاغية من الذين حوله، بأنه يؤذن في مالطا، وهو مثل مصري الأصل فيما أعتقد. وللذين لا يعرفون مالطا فهي جزيرة نائية تقع معزولة في البحر الأبيض المتوسط قبل تطور وسائل الاتصال مما جعل الناس يجزمون بأن سكانها لا يسمعون نداء الأذّان المنطلق من مصر ولا يعرفون معاني كلماته العربية، لذا ينطبق الوصف على من يأتي بمثل هذا الفعل باعتباره يهدر جهده بلا فائدة ويضيع وقته سدى. ويعود سبب التذكر نسبة لما تردد في الآونة الأخيرة عن أن شركة سودانية قامت بشراء وشحن ثمانين بصاُ مستعملاً يعود أصلها إلى شركة مرسيديس الألمانية، قيل إنها جابت طرقات لندن وعفرتها دخاناً والهبتها حرائق، فقررت سلطات لندن التخلص منها لكنها لم تجد مكاناً يستضيفها غير مالطا، فتم بيعها على طريقة بيع الترام المصرية. إلا أن مالطا التي عندما سئمت من حرائقها وسوء أدائها لم تجد سوى التفكير في التخلص منها على ذات الطريقة الترامية، فقامت الشركة السودانية بشرائها عن طريق مناقصة عرضت فيها السعر الأعلى ففازت بالعطاء عن جدارة، وهي، كما تقول الأخبار التي جاءت من صحف مالطية، في طريقها الآن إلى ميناء بورتسودان ليتم تخليصها وتشغيلها بالخرطوم التي تعاني أزمة في المواصلات استعصت على الحل. ولعل ما نخشاه غير حرائقها أن تكون من فصيلة الطابقين فيستحيل عبورها الكباري المسقوفة أو الشوارع التي تعبرها أسلاك الكهرباء.
وعندما كثرت السكاكين على هذا الثور، وتناولت الأقلام مادته الخبرية نقداً وتجريحاً، نفت ولاية الخرطوم المسئولة عن حل أزمة المواصلات صلتها بتلك البصات المالطية أو اتفاقها مع أي جهة أجنبية أو شركة سودانية، بل اندهشت لكون البصات في طريقها للخرطوم، مؤكدة بأن خططها تقوم على استيراد بصات جديدة التزاما بقرار الحكومة الاتحادية بمنع استيراد السيارات المستعملة. فإن صح خبر الاستيراد وصح خبر النفي يكون من أصدر قرار منع استيراد السيارات المستعملة مثل الذي يؤذن في مالطا، لا تسمعه الشركة ولا تفهم مضمون قراره. غير أن الذي يجعل آذان الشركة صماء عن سماع أذّان المنع شيئاً أكبر من تصورنا. فهل يا ترى أن قوة عين تلك الشركة تعتمد على علمها بقرارات منع مماثلة لم تعيرها الجهات المعنية اهتماماً ولم تلتزم بها؟ وهل لأنها ترى تلك الجهات ترتع في غيها دون أن يطالها عقاب، قامت بسد الأذن اليمنى بطينة واليسرى بعجينة وتوكلت على الحي الذي لا يموت فاستوردت تلك البصات، أم أن ما خفي أعظم؟ لابد أن وراء الأكمة ما وراءها إذ لا يعقل أن تتجرأ هذا الشركة وتهدر مالها وتحصل على خطابات الاعتماد الضرورية دون استثناء لا نعلم به.
ولأن الحديث عن بصات المواصلات العامة ذو شجون، هل يعقل أن تكون تلك البصات الخضراء التي تزرع الطرقات جيئة وذهاباً بتلك الجدة التي تتفاخر بها الولاية أم أنها مستعملة خضعت لصيانة ميكانيكية واكتست لوناً يسر الناظرين؟! أقول هذا لأننا نعلم أن عدداً كبيراً منها أدخل للصيانة وظل بانتظار الطبيب الماهر والبلسم الشافي، وأن عدداً آخر ظل يفتح غطاء ماكيناته عمداً بحثاً عن الهواء العليل ليخفف السخونة، وبعضها تنصلت أنوار إشاراتها دون أثر لحوادث، وبعضها نقل كفالته للقطاع الخاص فازدان بالشعارات والعبارات التي يتفاءل بها السائقون، بل إنها تنكرت للمبدأ الأولي بإجلاس الركاب واستعاضت عنه بتكديس الركاب وقوفاً وكل ذلك قبل الوصول لعمر الفطام. ولأن شوارعنا وطرقاتنا الضيقة والمزدحمة لا تحتمل تلك البصات ذات البسطة الجسمانية الكبيرة والتي تحتكر الطريق وتخيف أصحاب السيارات الصغيرة وتعوق السير بوقوفها بعد الإشارة مباشرة تقليداً لأصحاب الحافلات الذين لا ينصاعون لصافرة شرطي المرور فيبدو كمن يؤذن في مالطا أيضاً، نرجو إذا كانت هناك نية لاستيراد بصات جديدة لحل الأزمة مراعاة أن تكون على قدر حال شوارعنا حتى ولو تضاعف عددها ولكن ليس من مالطا.