حتى أنت يا مصطفى إدريس! بقلم: محمد وقيع الله (6)

حتى أنت يا مصطفى إدريس! بقلم: محمد وقيع الله (6)


02-05-2014, 05:47 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1391618832&rn=0


Post: #1
Title: حتى أنت يا مصطفى إدريس! بقلم: محمد وقيع الله (6)
Author: محمد وقيع الله
Date: 02-05-2014, 05:47 PM

نسي البروفسور مصطفى إدريس أن الدستور السوداني الحالي ليس به منصب رئيس وزراء.
وبذلك تُنتسخ فوريا دعوته إلى تنصيب رئيس للوزراء.
ونسي كذلك أن الدستور السوداني الحالي يتحدث عن رئيس واحد للجمهورية ولا يتحدث عن مجلس رئاسي.
وبذلك تُنتسخ فوريا دعوته إلى إنشاء مجلس رئاسي دوري.
اللهم إلا إذا جادل بأن الدستور الحالي ليس قيدا على الحركة السياسية، وأنه سيعلقه أو يبطله مثلما أبطل كل خير في الإنقاذ.
ولم يمهلنا البروفسور حتى ندرك الحكمة التي دعته إلى تحديد الفترة الانتقالية التي يدير الجهاز التنفيذي فيها رئيس الوزراء بسنتين اثنتين، لا ثلاثا ولا واحدة، حتى عاد ومارس السلطة الاعتسافية نفسها وقصر الفترة التي منحها لرئيس الجمهورية لتنفيذ مقترحاته التي رفعها إليه بثلاثة أشهر لا تزيد.
ولست أدري، ولا أظن أن أحد يدري، كيف وهب البروفسور نفسه الحق في مخاطبة رئيس الجمهورية، وإلزامه بما لا يلزم، وبهذه اللهجة القاطعة، التي لا تصدر عادة إلا عن المحاكم القضائية، أو الجهات التنفيذية المخولة بإصدار أمثال هذه النُذر إلى المخالفين.
وقال:" فالسودان اليوم أمام ثلاث خيارات لا رابع لها، أولها أن يقوم الرئيس ويبادر بالترتيبات التي ذكرتها سابقا وتحتاج منه الى جرأة وعجلة وكياسة في التدبير والتنفيذ، ويجب ألا يستغرق ذلك أكثر من ثلاثة أشهر لاكمال تلك المشاورات لتكوين المجلس الرئاسي والحكومة المؤقتة.
وأما الخيار الثاني فثورة شعبية منضبطة يقوم بها الشعب بفصائله كافة وبمناصرة من القوات النظامية كافة ...
ويتم في وضح النهار مهما كانت التحديات والعراقيل، وتبتدر ذلك الحوار وتكون رأس الرمح فيه الحركة الوطنية للتغيير ...
ولابد من الوصول الى ترتيبات عملية مفصلة مع القوى الحية في البلاد بما فيهم حملة السلاح والقوات النظامية لترتيب مرحلة ما بعد سقوط النظام بالثورة الشعبية المنضبطة تحت مظلة جامعة يمكن تسميتها الجبهة الوطنية العريضة للتغيير.
وأما الخيار الثالث فهو الفوضى العارمة التي تنتج من تردد الرئيس في المضي قدما في خط الإصلاح الذي أشرت اليه سابقا ...".
ومرة أخرى لا ندري لماذا حصر البروفسور احتمالات مستقبل الوضع السياسي السوداني في هذه الخيارات الثلاثة ورفض أن يكون لها رابع؟
هل لأن هذا ما خطر له من الخيارات ولم يخطر بباله أكثر منها فمنع الآخرين من التفكير في شأنها؟!
وأعلن صراحة لا تضمينا أن أي خيار رابع أو أي خيارات أربعة جديدة ستكون مرفوضة من قبله حتى ولو كانت منطقية وواقعية ومقبولة من الناس أكثر من الخيارات التي اهتدى إليها؟َ!
وهذا ما دفعنا لكي نتساءل: أهذا نمط الديمقراطية وهذا نوع التفكير الحر و(التغيير) الذي يدعو إليه؟!
وهو أن يكتفي الناس بوجهة النظر الذي توصل إليها شخص واحد فقط؟!
حيث لم يثبت أن هذا الشخص الواحد قد شاور في هذا الصدد الكبير جماعته الصغيرة بحجم النواة، المدعاة جماعة التغيير.
ولم يثبت أن جماعته الصغيرة قد أقرته على مقترحاته الكبيرة هذه.
ويترجح لدينا أنه يريد أن يلزم بها جماعته كما يريد أن يلزم بها الجماعة الوطنية برمتها.
وهب أنه ألزم بها جماعته الصغيرة، وألزم بها الجماعة الوطنية الكبيرة، فمن يضمن أن يقبل بها هاوي التنظير السياسي الأكبر، والذي يولّد كل يوم عددا لا متناهٍ من الأفكار السياسية؟!
أعني الصادق الصديق عبد الرحمن!
واندفع البروفسور في مساعية المشتدة لإلزام الناس بما لا يلزم من الأفكار والبدائل السياسية المستقبلية، وادعى أن رفض أفكاره هذه ليس بعده إلا:" إلا غرق السفينة ولا ندري ما يفعله (يقصد رئيس الجمهورية) وقتها اذا أدركه الغرق، أيستنجد بالجنائية الدولية أم يفرش فروة عبد الله ود سعد وينتظر القدر المحتوم، ووقتها لن تكون هنالك متمة حبشية ليهاجر اليها كما فعل المك نمر أو عشيرة تخفيه في سرداب تحت الأرض كما فعل بعض المريدين مع الامام عبدالرحمن المهدي ".
وبالطبع فإن أدنى دروس الكياسة السياسية لا تسمح لمواطن أن يخاطب رئيس بلاده بهذا الأسلوب، ثم يدعي أنه إنما يقدم إليه النصح والطب الخالص الذي يحتاج إليه وينفعه إن عمل به.
ودعونا نقف هنا لهنيهة لنلقي النظر إلى نموذج من نماذج التطبيب الذي قدمه البروفسور إلى رئيس الجمهورية وادعى صلاحيته وجدواه لحالته؟!
لقد دعاه لكي يقطع:" الصلة التي ظلت تربطه بالمؤتمر الوطني والحركة الاسلامية التي جاءت به للسلطة تدريجيا ...".
ودعاه إلى:" التخلي عن عضوية المؤتمر الوطني والوقوف على مسافة واحدة من الفرقاء في الساحة السياسية في مرحلة انتقالية تفضي الى حريات واسعة وحوار عميق يشارك فيه الجميع بما فيهم الحركات المسلحة"؟
وقد دعاه وحثه لكي يفعل كل هذا وكأنما هذا أمر ممكن من حيث الأصل.
ولم يخطر بباله عدم منطقية ولا إمكانية أن تدعو أي شخص لكي يقف من الفرقاء السياسيين السودانيين على مسافة واحدة؟
أي على الحياد المطلق.
كأن يحمل الرئيس في حناياه مشاعر متشابهة ومتطابقة حيال كل من الحزب الشيوعي والمؤتمر الوطني!
وهذا طلب غريب وإجراء اعتسافي عجيب.
لأنه ليس في مقدرة أي شخص أن يكون كذلك ولو أراد.
والمنطق الصحيح يقول بأن رئيس الجمهورية ملزم من حيث المبدأ بأن يحافظ على ولائه للحزب الذي ينتمي إليه والذي رشحه للمنصب الذي هو فيه.
ومن الوفاء بالعهد أن يظل ولاء الرئيس متصلا بحزبه وببرنامجه.
ومن المنطقي إلى حد البداهة ألا يتخلى الرئيس عن أنصاره وشيعته ليضع يده في يد أعدائه المتربصين به الحالمين بخلعه عن السلطة سراعا والحلول محله.
أليس كذلك؟!
بلى!
ولكن البروفسور يطالبه بكل ذلك بإلحاح شديد متعجل ويهدده بالثبور وعظائم الأمور إن لم يستجب لطلبه.
ومن العظائم الكبرى ما ضمنه البروفسور في صياغته لخياره الثاني الذي جاء بنذر الثورة الشعبية المنضبطة التي يناصرها الجيش.
وقد قال البروفسور بهذا الخيار وبحتميته وكأنه يملك أن يطلق شرارة الثورة وأن يعبئ الناس ويحشدهم في موكبها.
وهذا مما يحتم عليه بالطبع أن يكون القائد العام للثورة الشعبية الموعودة، والمالك لزمامها، والقادر على ضبطه أن ينفلت، فتنقلب الثورة إلى حرائق ونهب وفوضى، كما شهدنا في هبة سبتمبر الماضي.
وهذا ما يحتم على البروفسور أن يكون قادرا على الاتصال بالقوات المسلحة وتوجيه قياداتها لكي تناصر الثورة التي دعا إليها.
وقد ذكرتنا دعوة البروفسور هذه بطرفة من الطرائف التي كنا نسمعها في التسعينيات من أحزاب التجمع اللا وطني، التي كانت تعسكر بإرتريا، وتدعو إلى ما كانت تسميه بالانتفاضة الشعبية المحمية من قبل القوات النظامية!
أما أغرب الغرائب في افتراضات البروفسور ودعاواه فقد انبثقت من ادعائه لتنظيمه الغض المسمى (حركة التغيير) دورا قياديا في هذه الثورة الخيالية المهولة التي دعا إليها وقال إن تنظيمه سيكون رأس الرمح فيها!
وزعم أن كل الترتيبات العملية المفصلة مع القوى الحية في البلاد، بما فيهم حملة السلاح، ستكون تحت مظلة هذه الجبهة الوطنية العريضة للتغيير!
ويا سبحان الله تعالى!
فهل كان البروفسور يكتب موضوعا إنشائيا خياليا لمجرد التدريب على التعبير؟!
أم هو جاد كل الجد فيما قال ويقول؟!