نحنا السودانيين من وجهة نظر د / بشــــري الفـــاضـــل

نحنا السودانيين من وجهة نظر د / بشــــري الفـــاضـــل


09-16-2004, 01:45 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1095338727&rn=1


Post: #1
Title: نحنا السودانيين من وجهة نظر د / بشــــري الفـــاضـــل
Author: د/عادل فرح الشريشابي
Date: 09-16-2004, 01:45 PM
Parent: #0

نحنا السودانيين
من وجهة نظر د / بشــــري الفـــاضـــل

( السـ ـودانيــون الجـ ــ ـدد )
بقلم د / بشـــ ـــ ـري الفاضـــ ــ ل
يرسم الكاتب النابه معاوية محمد نور قبل نحو من ثمانين عاما ً صورة محزونة لطفل وأمه يحاولان بيع الشاي في محطة القطار الذي كان الكاتب عائدا ً عليه قطار حلفا .... لا أذكر المحطة بالضبط لكنها بين أبي حمد وشندي ، عبثا ً تحاول الأم حث طلفها بأن يتقدم الباعة الآخرين المتزاحمين أمام عربات النوم ........
رسم الكاتب الصورة المفارقة لصالونات المستعمرين وأشباههم من الأفندية داخل القطار وتتبع ذلك الطفل وأمه .......... ولم يبع الطفل شيئا ً ولف المشهد النسيان ما أن تحرك القطار .... لعل الطفل المسكين كانت تنازعه أحاسيس شتي .......... دهشة إلتقاط الجيد من مظاهر المسافرين القادمين وما يخبئه من خطط كي ينافس زملاءه في اللعب مساء ً وما سيحكيه........
ورغبته آه لو يستطيع أن يبر أمه أو أن يعالج أخته إلي آخر الصور الممكنة
وقبل قرن تقريبا ً رسم الشيخ الجليل / بابكر بدري مشاهد شتي للحياة في قرى السودان غربه ووسطه وشماله حين كان يرسل في ماموريات لفتح مدارس أو تفتيش المدارس القائمة وصور الشيخ مؤثرة للغاية ، وقد رسم الكاتب الراحل عثمان على نور صورا ً مشابهة لها في قصصه القصيرة التي تحكي واقع حياة ممتهني المهن الصحية في قرى السودان .
أبحث عن ثلاثة أنواع من المواطنين السودانيين هي :
أولا ً : السوداني العادي المرئي الذي نشاهده يكابس في دروب الحياة .
ثانيا ً : السوداني الساكن الذي لا يكابس لكنه يعيش في نفس البيئة ، المرأة الوحيدة المسنة ، الشيخ المسن ، وكافة ذوي ا لمشكلات الإجتماعية ، وهذا هو السوداني الذي تصله أحيانا ً الرعاية الإجتماعية أو الزكاة وكون هذه الخدمات تصله أحيانا ً خير شاهد على بطلانها كمؤسسات فالمؤسسة التي تزعم أنها تقوم بالرعاية الاجتماعية لا ينبغي أن يكون عملها ضربا ً من معكوس فرض الكفاية ، تقوم به تجاه مستحقين وتسقطه عن آخرين أكثر إستحقاقا ً بسبب من نقص الخيال أو التخطيط وهذه سميها مؤسسات اللكزة أما اللكزس فأمره معروف .........لا زلت أتحدث عن السوداني المرئي ....
وهذه الفئة هي التي ظهر فيها السودانيون الجدد ........وجهاء الريف ....سادة المدن الجدد ......أقول وجهاء لانهم لامعون في قراهم وبواديهم إما بسبب التعليم الذي هو يفرق بين الناس إجتماعيا ً في بلادنا وإمل لأسباب أخري ...........................
وجهاء لكن تعوزهم السلطة والأهم المال .....ولا أدري ما هي الميكانيزمات التي تجعل هولاء يلجأون لوسائل التجميع الطفيلي للمال ......
تجميع سهل بحيث يبدو العمل المبذول فيه رخوا ً لا مشقة فيه ، كما لو أنه رحلة إبرة سريعة داخل جبل من الزبدة وذلك مقابل عمل ناطحي الصخر من أولئك العاملين والمزارعين والحرفيين المهرة والمهنيين ممن نألفهم ، الذين ينطحون الصخر كل صباح .... ولا يجنون في الليل سوي أكذوبة رطبة ..............
(السودانيون الجدد ) ولا أزعم أنني نحت هذا المصطلح فهناك السادة الجدد والروس الجدد وغيرها من العبارات التي نطالعها فيما نقرأ ـــ حسبي أنني أنسج على منوالها فاصفهم بكونهم يمتلكون خواص تجاه المال أشبه بالمغناطيسية التي تمتلكها حشرات العتت تجاه سنابل السمسم ... خاصية الشفط ......... وحين يذهب المدي للا- معقول فيبدو كأن الأوراق المالية تتجمع من تلقاء نفسها لهولاء الطفيليين ... لا تزال ترن في الأذن عبارات الدهشة التي يطلقها آلاف المهنيين والعمال الحرفيين والموظفين والمعلمين المسحوقين جميعا ً عن كيف أن ( فلانا ً برنة تلفون قبض مائة مليون في ثوان ٍ .. مسافة ما وصلت الشاحنة مدة ما وصلت البضاعة ..إشتري القطعة وفي قعدتو ديك أدهو فيها عشرين مليون ربح ، أبى ما يبيع ...................آلاف آلاف الصور ).
هذا عن السوداني المرئي لكن هناك السوداني الخفي ....... هو السوداني الذي يشبه إنسان الثلج الذي تتحدث عنه الأساطير الأوربية . ولعل السوداني الخفي ينتمي للناندرتال فمن يدري . إنه سوداني الصحراء الجرداء . السوداني الذي لم ينزل بعد من الجبل ولم يخرج بعد من الغابة الذي لم يعترف بعد بالحكومة المركزية الذي لا زال يظن بأنه يحكمه عبود . فهذا السوداني الملتحم بالطبيعة لا زال لا يستجيب للتقسيمات المعروفة دوليا تحت وفوق مستوى الفقر لأنه ببساطة تحت مستوى الدولة نفسها . وعندما يجيء لسدة الحكم في بلادنا حاكمون سودانيون منصفون ذوو خيال ولا تغرنهم سلطة ولا مال فيجب السعي بمؤسسات مخصوصة نحو مواطن هذا السوداني الخفي لإظهاره وتقديم خدمات الدولة له ردحا حتى يعترف بعد بأن هناك دولة أصلا وأنه ينتمي لوطن لا شيء يعدله 0


كل الناس لهم وطنا ً يعيشون فيه
إلا نحن فلنا وطنا ً يعيش فينا

لك التحية والإجلال د / بشري الفاضل