توظيف الدين للسيطرة والتمكين المهدية و وهم الدولة الدينية

توظيف الدين للسيطرة والتمكين المهدية و وهم الدولة الدينية


02-15-2004, 03:04 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1076810653&rn=1


Post: #1
Title: توظيف الدين للسيطرة والتمكين المهدية و وهم الدولة الدينية
Author: مصطفي بريمة كوة - البحرين
Date: 02-15-2004, 03:04 AM
Parent: #0

[email protected]
هناك طرفة تحكى ان صاحب متجر أتاه زبون يريد كمية من السكر فإلتفت صاحب المتجر الي أحد الأرفف وتناول إناء كتب عليه فلفل حار وأخذ منه السكر وأعطى الزبون الكمية التي يريد, فسأله الزبون من باب الفضول لما كتبت على هذا الإناء فلفل حار ووضعت بداخله السكر..؟؟ فرد عليه التاجر أردت ان أضلل به النمل..!!
أردت افتتاحية مقالي بهذه الطرفة لأعقب على بعض الاخوة الذين تناولوا في إحدي برامج الفضائية السودانية بعض الموضوعات التي تتحدث في محتواها عن السبل الناجعة لايجاد تعايش سلمي بين ابناء الوطن الواحد, ولسوء حظي لم أحظى بإفتتاحية البرنامج.
كما كنت آمل ان يأتي الاخوة المشاركين برؤى جديدة حول كيفية التعايش الذي ملته الاذن من سماعه للتكرار الممجوج منذ عقود خلت, وقد يتسآءل البعض لم لم أكتب طيلة هذه الفترة التي مرت على بث البرنامج, ولم أعقب على ما ورد على لسان الضيوف, والذي دفعني حقيقة للتعقيب ان ثمة اشياء لا يمكن السكوت عليها مرة أخرى, وأنا أقراء لاحد أبناء جبال النوبة وهو يتباهى بأن من سمى قبيلته بهذا الإسم هو محمداحمد المهدى كمباهاة أحد ضيوف الحلقة بالأصول العرقية لبعض قادة المهدية وما الفائدة من ذلك وماذا يفيد إنسان جبال النوبة أو جنوب السودان من أن زيد نوباوي وعبيد فرتيتاوي, وهذا التضليل الساذج من بعض مثقفينا ان هؤلاء الناس في تلك المناطق قد أدركوا اين يكمن داء المآساة لديهم تماما كالنمل أدرك بحسة الفطري أين إناء السكر دون أن يكترث الي الديباجة التي أريد بها تضليله وأنا اقول للاخوة أن يستمعوا إلي التاريخ من أفواه أسلافهم الأحياء مما حكى لهم الأسلاف عن معاناتهم مع المهدية , وسوف أورد هنا بعض الامثلة من وثائق المهدية نفسها التي أوردها في كتابه الباحث الأستاذ محمد ابراهيم نقد وأستميحه عذرًا لكي استخدم بينات تلك الوثيقة من · كتابه وسوف أورد بنفس اللغة وذات اللفظ
من الخليفة الي النجومي
الجمعة 19 و القعدة 1303 ه اغسطس 1886م
بسم الله الرحمن الرحيم
الوالد الكريم
وبعد فمن عبد ربه خليفه المهدي عليه السلام الخليفة عبدالله بن عبدالله محمد الخليفة الصديق الي حبيبه في الله وعونه على اقامة الدين العامل عبدالرحمن النجومي كان له الله وتولاه آمين منا لك جزيل السلام ورحمة الله وبركاته على الدوام ثم نعلم الحبيب ان اعداء الله الجهادية الذين كانوا كسروا من كردفان بنواحي الجبال قد توجه لهم الحبيب حمدان ابوعنجة وقصد بهم الجيال الذين استشهد فيهم الحبيب عبدالقادر فوجدهم قد خرجوا ووجد العبيد متجمعين في ·الجبل المذكور ونظرًا الي إرتفاعه وصعوبته, وكبره وبقت نزوله طلع فيه من الاصحاب واشتعل به الحرب ما بينه والعبيد وعن قريب وفي اقل من ساعه عم الجبل بالانصار وأهلك العبيد عن اخرهم واستشهد من الانصار نفر قليل ختم الله لهم بالسعادة ومعروف الجبل المذكور صعب المسالك ولا يسهل الطلوع عليه الا بالحبال والسلالم ولما صعد الانصار الجبل المذكور بقدرة الله تعجب العبيد من ذلك وقالوا ان الانصار كالامطار ينزل على الاحراج وبعد هلاكهم صار التوجه على اقتفاء اثر قادة الجهادية وقتلوهم شر قتلة ولم يفضل منهم احد واستلم منهم الاسلحة والبهائم وما وجدوه معهم والقادة الثلاثة هم بشير علي وسرور النور وعلي يوسف المشهور بعلي ملة , وقطع روؤسهم الثلاثة وارسلوها لنا بالبقعة وبعد وصولها أمرنا بتعليقها بالمسجد وحمدوا الله على نصرة الدين) انتهت الوثيقة
وأنا أرجو من القاري الكريم أن يفطن إلي الألفاظ والعبارات التي تدل على الزهد والتدين وهنا يكمن الخطر في إستخدام اللفظ الديني للسيطرة على البسطاء دون النفاد الي جوهر الدين وهو · المعاملة.
والنقطة الثانية وهي صفة العبد التي لازمت هولاء حتي بعد التزامهم بمبادي المهدية وهذه الصفة تركت عمدا لبقاء الفوارق العرقية في جيش المهدي علما باعتباره جيش اسلامي كان يرفع شعار الاسلام على راياته القتالية, ويثبت ذلك في توزيع الغنائم بين الجند, هذه هي الاسباب الجوهرية لتمرد هولاء الجهادية لكنها لم تكن ثورة وتمرد على مبادي وقيم الدين وهذا الاسقاط المتعمد لسلبيات الأحداث التاريخية لهذه الحقبة مما خلق تلك الصورة الوردية الزائفة وذلك النموذج الكارثة للدولة الدينية في عهد المهدية -الترويع والتخويف والضغط على هولاء البسطاء القبول بهذا الواقع المرير" غزو – إستلاب أرض – إنتهاك كرامة والتي لم ينجو منها حتي الذي آواء المهدي نفسه عندما كان ضعيفًا مطاردًا ألا وهو المك أدم اُم دبالوا, وحدث ذلك بعد إنتصار المهدي في شيكان حينما أرسل حملة عسكرية في نوفمبر 1883م بقيادة أحمد جفون لمحاصرة جبال تقلي وإجبار أهلها على التسليم وعلى رأسهم المك آدم اُم دبالوا مك عموم تقلي بحجة أن المك آدم ركن الي حب الدنيا والجاه وكان عليه أن يؤكد صفاء سريرته والحضور إلي المهدي بأهله وكبار رجال دولته, علما بان تقلي كانت مملكة تدين بالاسلام قبل مجي محمداحمد المهدي وأن المك كان رجل دين وإذا لم يكن كذلك لما قام بنصرة المهدي في ضعفه كما أمرنا رسول الله (ص) انصر اخاك ظالمًا أو مظلوم, وهكذا يكون رد الجميل في عرف المهدية, وهنا تأتي التساؤلات الموضوعية لأبناء جبال النوبة المعنيين عن تلك السرابات التي بنيت بين تلك التلال بواسطة الصخور ولا تخلو منطقة من مناطق الجبال منها وأحيانا تزرع عند هطول الأمطار ببعض الخضروات للإستهلاك المحلي, والغرض الأساسي منها أمني لعدم مقدرة الخيول على صعودها وهل يدري الاخوة من كان يمتطي هذه الخيول ..؟؟
أنهم رجال المهدية أو من يسمون أنفسهم بصائدي العبيد.
إذا كانت هذه هي المرجعية المثلى للدولة الدينية التي يريد الاخوة الاقتداء بها والتعايش السلمي المثالي الذي كان يسودها عفوًا يصعب إدراك المبتغي, وللخروج من هذا المأزق علينا أن نفكر بصوت عالي دون الهمس مع النفس ولمز العواطف, إذا كان البعض يرى التغني بأمجاد الأسلاف, ذلك حق مكفول لا يمكن الاعتراض عليه ولكن يصعب على الأخرين الرقص على إيقاع دفوف الجلادين, فمجرد ذكر المهدية, يسبب للبعض مواجع وتاريخ مؤلم, واقول ان ما هو مطلوب الآن هو البحث عن بدائل للتعايش السلمي دون الرجوع إلي أضابير التاريخ المليئة بغبار المعاناة وهضم حقوق شعوب تبحث عن العيش بكرامة, وحق العيش المكفول لكل انسان وهل توجد القدرة على إحتواء التحدي لدي الجيل الحالي.. ووضع لبنة التعايش للاجيال القادمة..؟ دون الانزلاق في متاهة الانتماءات الدينية والإستعلاء العرقي الذي بات يتحكم في أمزجة الساسة في السودان والإبتعاد عن تعليب الازمات وإعادة إنتاجها وفق ما تقتضيه ضرورة الاحداث.