الحكومة والحركة الشعبية ... وتحديات المرحلة القادمة

الحكومة والحركة الشعبية ... وتحديات المرحلة القادمة


12-29-2003, 08:34 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1072726473&rn=1


Post: #1
Title: الحكومة والحركة الشعبية ... وتحديات المرحلة القادمة
Author: محمد أحمد إبراهيم-الرياض
Date: 12-29-2003, 08:34 PM
Parent: #0

محمد أحمد إبراهيم
[email protected]
السعودية – الرياض
كل الدلائل تشير إلى قرب وصول الحكومة والحركة الشعبية إلى اتفاق سلام شامل يفضي إلى دخولهما في شراكة "تحالفية" أو "تضامنية" - أو كيفما اتفق على تسميتها - لإدارة دفة الحكم في البلاد ، وهذا الأمر يضع الحكومة والحركة أمام مسؤولية ضخمة وتحدِّ كبير ، فالشجاعة في مواجهة تحديات السلام وتداعياته لا تقل بأي حال من الأحوال عن الإقدام في مواجهة الحرب وويلاتها ، ونجاح الطرفين في تجاوز نقاط الخلاف ووقف نزيف الدماء والجلوس على طاولة المفاوضات لن يثمر إلا إذا نجحا أيضا في الوقوف معا وبصدق لتجاوز العقبات والتغيرات المفصلية التي قد تطرأ أثناء تنفيذ هذا الاتفاق .

من غير المستغرب أن تظهر عند التطبيق كثير من التفصيلات والجزئيات التي كانت تختبئ تحت أسطر الاتفاق بالرغم من مناقشة عمومياتها والاتفاق عليها ، ولن تظهر تلك التفصيلات الدقيقة إلا بعد تطبيق الاتفاق وتنزيله على أرض الواقع ، وهنا يكمن التحدي الحقيقي لطرفي الاتفاق في التغلب على هذه المستجدات وتجاوزها وعدم الوقوف عليها والانطلاق قدما نحو أهداف الاتفاقية العليا : السلام والوحدة والتنمية ، وعليهما حقن الجسد السياسي لهما بالعقاقير الكابحة ، كتلك التي يستخدمها أطباء زراعة الأعضاء لمنع رفض الجسد للقادم الجديد ، والعمل على معايشته والتأقلم معه.

لا يبدو أن الحكومة والحركة الشعبية طرفي الاتفاق سيجدان صعوبة في تخطي هذه المرحلة "الحرجة" لسبب بسيط هو أن تنازلات السلام "المتعقّلة" أفضل بكثير من انتصارات الحرب "المتهورة" إن كان هناك أصلا منتصر لأن حرب الجنوب من الحـروب التي تسـمى بـ (No win war) أي حــرب بلا نصر ، كما أن في ذاكرة الحكومة والحركة الشعبية الكثير من أوجاع الحرب ومراراتها ولا يعرف الشوق إلا من يكابده ، ولا الصبابة إلا من يعانيها ، وليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة ... ! .

هذا لا يمنع من وجود بعض "الهواجس" لدى المشفقين على هذه الاتفاقية مصحوب بتفاؤل حذِر مما ستسفر عنه الأيام خاصة وأننا اعتدنا على حدوث "مفاجآت" من العيار "الثقيل" في الاتفاقات السابقة ، بيد أننا لن نصدر أحكاما مسبقة ولن نستبق النتائج بنظرة تشاؤمية ، بقدر ما ندعو إلى ترك مجالا فسيحا للتفاؤل معتمدين على حنكة القائمين على الأمر ، وحسن تقديرهم للأمور حكومةً ومعارضة .

ولن يتأتى ذلك إلا إذا وضع الجميع مصلحة البلاد نصب أعينهم ، وعملوا على تجاوز هذه المرحلة الدقيقة لتحقيق تطلعات الشارع السوداني الذي أفقدته الحرب الكثير .