بلّها واشْرب مويتا - صالح فرح

بلّها واشْرب مويتا - صالح فرح


04-01-2007, 04:25 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=64&msg=1188777684&rn=1


Post: #1
Title: بلّها واشْرب مويتا - صالح فرح
Author: tariq
Date: 04-01-2007, 04:25 PM
Parent: #0


بلّها واشْرب مويتا

المهندس علي نور - عليه رحمة الله - عرفه معاصروه بشاعر المؤتمر. ولا أدري الآن إن كان له ديوان شعر منشور أو حافظ آخر لشعره، ولكني أعرف ان له أبياتاً ربما وجد قارئها فيها قدرا من الحُكم وشيئا من الحكمة. على نور كتب يقول:
كل امرئ يحتل في السودان غير مكانه
والناس أكفاء شجاع الرأي مثل جبانه
هؤلاء الأكفاء عند علي نور كل منهم يحتل غير مكانه. وأنت لا تدري إلى ماذا تعزو ذلك. للسهو أم للجهل أم للغباء! أم هو في بعض صوره استبداد يعتم الرؤية. أم مالك تكلف نفسك رهق التحليل ويكفيك أن تلك هي الحقيقة، ويكفيك مرة أخرى أن علي نور كان أسبق إلى إعلانها. علي نور كان يقول عن إنسان السودان في خمسينيات القرن الماضي. ترى، هل تبدل الحال الآن؟ وفي أي اتجاه؟ علي نور وهو يتكلم عن إنسان السودان يقول:
المال عند بخيله والسيف عند جبانه
والعلم ليس براجح بالجهل في ميزانه
والفضل ليس مكارم الأخلاق من عنوانه
والمرء ليس بأصغريه قلبه ولسانه.
استحضرت أبيات علي نور ورحت أتأمل: قسمة ضيزى أن يكون المال للبخيل، وقسم غير موفق أن يكون السيف للجبان. علي نور قطعا لم يكن يتكلم عن الغبش. فأولئك قوم قد أشربوا أن (الرزق مكتوب واليوم محسوب) وأن (القناعة كنز لا يفنى). وعندهم، السعي الدؤوب وراء لقمة العيش لا مكان فيه أو معه للمزاحمات أو جرد الحسابات أو لهذه الموازنات بين الجهل والعلم أو الفضل ومكارم الأخلاق أو عن المرء بأصغريه أو بدونهما. تلك سفسطة مثقفين.
عند الأقدمين: لكل مقام مقال. وعند المحدثين: في المقال تخصص يستفيده من المقام بحيث يكون في المقال ما يدل على التخصص الذي يفضح انتماء المقال لمقامه. فالمقال في مقام الطب غيره في مقام القانون. والمقال في مقام الدبلوماسية غيرالمقال في (قعدة). والمقال في منتهاه كلمة، والكلمة - قالت العرب - وعاء الفطن.
جال بخاطري كل ذلك وأنا أستذكر بعض المقالات الأخيرة في بعض المقامات مما امتلأت به موجات الأثير في الفضائيات العربية. ترى هل تلك مقالات تناسب مقامها! أم تلك أدبيات الخطاب المسلم في فقه بعضهم! أم أنها مقالات من يحتل غير مكانه، أو يحمل سيفا مواصفاته أو ربما قدرات حامله تقعد به عن استخدامه.
وتتابعت المقالات وتنوعت المقامات. في تعليق على وثيقة الاتهام الصادرة من المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية كان المقال في مقام القانون (بلّها واشرب مويتا) - تماما كما يفعل مع (المحايات) طلبا للشفاء عند الفكي. وحتى لا يكون ذلك المقال لغوا أو حديث ليل يمحوه النهار، ما ضر لو تطوع قائله به لمن لم يحسن المقال بما يناسب المقام فلعله إن (بلاها وشرب مويتا) يبرأ من داء العنتريات (ويصاب) بشئ من التعقل. وبعدها ربما اكتشف الناس أن كتابة المحايات ليست وقفا على الفكي.
ثم..، ولأن العلم ليـس براجح بالجهل في ميزانه، ففيم (أطلبوا العلم ولو في الصين) وتكفي (أخو الجهالة بالجهالة ينعم) ولكن على نور - وربما نحن جميعا - من غزية.. نضلل إن ضلت غزية، وإن رشدت غزية نرشد - كما جاء في ذلك البيت المشهور من الشعر العربي.
ومهما يكن، وفي تتمة من كلمات علي نور:
وطن لو أن الحر لا يصبو إلى أوطانه
ما كان لي شأن بذلته ورفعة شأنه.
صالح فرح ـ أبوظبي
السوداني - 1 ابريل 2007

Post: #2
Title: Re: بلّها واشْرب مويتا - صالح فرح
Author: tariq
Date: 04-02-2007, 01:58 PM

اقروا . . .