محاضرة الفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي بتورنتو عن مستقبل أوربا والإسلام

محاضرة الفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي بتورنتو عن مستقبل أوربا والإسلام


12-04-2006, 04:03 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1165201389&rn=0


Post: #1
Title: محاضرة الفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي بتورنتو عن مستقبل أوربا والإسلام
Author: محمد عثمان الحاج
Date: 12-04-2006, 04:03 AM

ألقيت المحاضرة ضمن سلسلة محاضرات جرانو Grano Lecture series بتورنتو يوم الثلاثاء الماضي ونشرتها صحيفة تورنتو ستار يوم الأحد الثالث من ديسمبر وهذه ترجمتي السريعة لها:

عندما كنت شابا قبل نحو ثلاثين عاما أتذكر أنه كان من الأشياء المسلم بها أن أوربا كانت شيئا في طريقه لأن يتحقق وأن عملية تحققه ستستمر حتى تكتمل.

كان الإحساس النابع من التاريخ هو أن أوربا ستبني نفسها وأن هذه الفدرالية المكونة من دول ولغات وذاكرة وما إلى ذلك ستصنع نفسها بنفسها.

ذلك الإحساس النابع من التاريخ هو الذي جعلنا نخلد للنوم شاعرين أن الله كان يرعانا ويعمل لأجلنا وأن يد العناية الإلهية الخفية تجسدت في المناورات السياسية الأوربية.

اليوم نعرف أن هذا ليس صحيحا. لقد اكتشفنا أن نسق العناية الإلهية القديم : فكرة أن التاريخ يسير بسرعته الخاصة به هي فكرة زائفة و عبثية.

نحن نكتسف ذلك هذا اليوم ونحن نرى مثلا فرنسا تقول "لا" للدستور الأوربي، و نرى نمو أحزاب قومية وجماهيرية ويسارية ويمينية و نرى نمو الحركة المعادية لليبرالية في أوربا. (الليبرالية حسب المفهوم الأوربي وحسب المفهوم الأمريكي).

نحن نكتشف أخيرا أن أوربا ليست ضرورية وأنه ليست هناك عناية إلهية ولا يد خفية وعدتنا بها، وأنه في مرات قليلة خلال العشرة قرون الماضية وصلت أوربا إلى حافة أن تبني نفسها لكنها انهارت.

ونحن نكتشف أن ذلك قد يحدث ثانية : حلم كبير بكينونة جديدة انهار كفقاعة، كفقاعة سياسية.

هذا يحدث لبلداننا اليوم وهو جزء من تفسير تلك الحالة الغريبة من الاكتئاب التي نحن في خضمها. لدينا في أوربا دول قديمة وكدول قديمة فإن لدينا نسق قديمة للمواطنة. وما يحدث اليوم هو أن نسق المواطنة هذه تسقط في أزمة معا في نفس الوقت.

الشئ الأغرب من ذلك هو أن نسق المواطنة المتضادة ـ الإنجليزية والفرنسية ـ هي في حالة أزمة في نفس اللحظة. إنهما متضادتان. في إنجلترا كما تعلمون فإن الأقليات يمكنها أن تفعل ما تشاء : يمكنها أن تتمسك بلبس النقاب، يمكنها أن تعيش داخل فقاعات مرة أخرى ، لا مشكلة. في فرنسا فالأمر عكس ذلك تماما: أنت فرنسي في اللحظة التي تقرر فيها أن تنسى تماما ما كنته لكي تصبح ما تريد أن تكونه.

ليس النموذج الكاثوليكي القديم ـ كاثوليكي بمعنى نموذج القديس بولس ، عالم سانت بول مؤسس الكنيسة الكاثوليكية، الذي تمت علمنته من جانب الجمهورية الفرنسية التي قالت:" لم يعد هناك يهود أو عرب أو سود. نحن فقط فرنسيون".

هذان النموذجان ـ النموذج ذو الجاليات و النموذج التجريدي واللذان هما على طرفي نقيض في الطيف الضوئي كلاهما يقعان في أزمة في ذات اللحظة.

في فرنسا لدينا أعمال الشغب في الضواحي بإرادة ذات توجه عدمي، إرادة هؤلاء الشباب المرتدين ملابس شبيهه بعصابة الكوكلوكس كلان والمشعلين النار في سيارات لا تخص الأثرياء ولا تخص مضطهديهم بل سيارات جيرانهم وآبائهم وسيارات بعضهم البعض.

هذه حركة عدمية حقا. إنها لا تحرق رمز الرأسمالية مثلما حدث قبل أربعين عاما. ذلك كان سيكون مفهوما بطريقة معينة وكان سيكون هناك منطق في ذلك.

لكنها تحرق المدارس والمستشفيات وهي الأماكن الضرورية بالنسبة لهم.

هكذا فإن أعمال الشغب تلك هي مختلفة عن جميع ما عرفناه في التاريخ الفرنسي بسبب هذه العدمية.

في الجانب الإنجليزي الذي كما هو ظاهر نموذج عكسي للنموذج الفرنسي فهناك أيضا أزمة غريبة جدا. استيقظ الريطانيون قبل قبل سنة في لحظة هجوم إرهابي في لندن في مترو الانفاق حيث اكتشفوا أن الإرهابيين لم يأتوا من الخارج ولم يأتوا من أي بلد بعيد وأنهم لايمكن طردهم من البلد وأنه ليس هناك مسألة إبعاد من البلد أو مسألة تختص بإدارة الجوازات. وأن تلك المغالطة مفروغ منها.

لقد كانوا رجالا انجليز. لقد ولدوا في انجلترا. لقد نشأوا في انجلترا. لقد تلقى بعضهم تعليمهم في أفضل المدارس. أتذكر حين كتبت كتابي عن دانيال بيرل . إن قاتل دانيال بيرل الصحفي بصحيفة وول سرتيت جورنال ـ المخطط الرئيسي للعملية القتل ، عمر شيخ، كان أفضل نموذج ممكن لرجل إنجليزي: ذو نسب عريق وتعليم جيد من مدرسة لندن للعلوم الاقتصادية.

لم يكن أصوليا. لم يأت من مدرسة دينية إسلامية. لم يأت لبريطانيا كمهاجر غير قانوني. لقد كان إنجليزيا نقي الدم.

أتذكر أنه قبل سنتين أو ثلاث عندما ظهر الكتاب في المكتبات في بريطانيا اندهش النقاد. ولكن ماذا قالوا؟ قالوا " عمر شيخ هو استثناء. لا يمكن لليفي أن يبني استنتاجات عامة من حالة عمر شيخ".

يا ليتهم كانوا محقين.

لسوء الحظ بعد سنة من ذلك حدث الحدث الإرهابي سنة 2005 شهر يوليو عندما كان جميع من تم القبض عليهم هم على شاكلة عمر شيخ.

أستطيع أن أقول في هذا الخصوص أن أحد الأسباب التي دعتني للانغماس في قضية البوسنة هو بالطبع حقوق الإنسان ومعاناة المدنيين. كان ذلك هو سببي الرئيسي.

لكن سببا آخر هو أنني شعرت أن الأزمة الحقيقية التي كنا بصدد الوقوع فيها هي الصراع الحقيقي الذي سيطغى على العقد التالي هي الصراع الداخلي في العالم الإسلامي. بين الإسلام والإسلام. بين الإسلام الإسلاموي والإسلام المعتدل.

بالنسبة لي كانت البوسنة مهمة لأنها كانت البارزة كانت التجسيد كانت البرهان على إمكانية وجود إسلام معتدل. إسلام مستنير ديمقراطي معتدل إلى آخر ما يمكن أن تصفه به من صفات.

لسوء الحظ فإن أولئك الذين عملوا في موضوع البوسنة مثلي أصبحوا على حق مرة أخرى. ما ظهر لنا في بداية التسعينات أصبح القانون السائد في العشرة سنوات الأخيرة. الصراع بين الإسلام والإسلام.

الصراع داخل الإسلام الذي هو صراع الحضارات الحقيقي ليس هو بين الحضارة الغربية وبقية الحضارات. كلا، الصراع الحقيقي هو داخل بقية الحضارات. داخل الإسلام الصراع بين الفاشيين والديمقراطيين.

لماذا أقول ذلك؟ لأن انجلترا وفرنسا وأروبا هي إحدى الخطوط الأمامية وربما الخط الأمامي الرئيسي في هذا الصراع الخاص بالحضارة، بين الإسلام والإسلام. لأن لدينا بعض الإسلامويين و الأصوليين وأيضا لأن أوربا هي المكان الذي يمكن فيه بناء إسلامي ديمقراطي ، إسلام معتدل والبرهنة على ذلك وجعله مشهودا. وجعله يثبت صحته.

أوربا هي المكان الذي يمكن فيه لغالبية النساء المسلمات أن يقلن ويشعرن في قرارة أنفسهن أن الإسلام متواكب مع الانفتاح والديمقراطيةـ وأنه جيد.

لذلك لأسباب جيدة وسيئة فإن نموذ نسق الحضارات لم يتحطم وحسب بل إن هذه المعركة الهامة داخل الإسلام جبهتها الأمامية هي في أوربا اليوم.

عندما تكون أنت في أزمة كهذه وحين تشعر بالأرض تهتز فإن أوربا هي المكان الذي يكون فيه الزلزال والمستنقع الأكبر في العالم. عندما يحدث ذلك ستحاول أن تجد بصيص أمل تتمسك به. وفي بعض الحالات لسوء الحظ ف‘نك تحاول أن تجد طرفا مذنبا تستطيع أن تلقي عليه اللوم في كل شئ وتجعله كمعزة الهروب من الخطايا SCAPEGOAT. (معزة كان يؤتى بها ويتم الإعلان من جانب الكاهن أنها مسؤولة عن جميع خطايا الشعب ومن ثم يتم ذبحها تكفيرا عن الخطايا ـ المترجم).

ماذا يحدث في أوربا؟ أوربا هي المكان اليوم اذي أصبح فيه انتاج تلك المعيز وصناعتها في ازدهار.

لدينا الكثير من تلك المعيز لدينا ثقافة معيز. مثلا: أمريكا هي معزة هروب من الخطايا. عندما نعجز عن معرفة القديس الذي يجب أن نتوسل له كما نقول بالفرنسية فإننا نقول أن ذلك بسبب خطأ أمريكا. أمريكا مذنبة بكل شئ بفشلنا واكتئابنا وتدخلنا وعدم تدخلنا وأي شئ. المخرج من الكابوس عن طريق النهاية السيئة للتاريخ حلم الكينونة الجديدة التي ظننا أنها ضرورية والتي تنهار أمام أعيننا روابطنا الاجتماعية و نسق المواطنة بالمقارنة بكندا وبالمقارنة مع أمريكا الشمالية والتي تبدي فشلها وهذا الانتاج لمعيز الهروب هذه كلها أساب تدعو للاكتئاب. أنا لست مكتئبا ولكن رفاقي المواطنيين الأوربيين كثيرا ما هم كذلك.

Post: #2
Title: Re: محاضرة الفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي بتورنتو عن مستقبل أوربا والإسلام
Author: محمد عثمان الحاج
Date: 12-04-2006, 03:44 PM
Parent: #1

up