جنون القلم..

جنون القلم..

بقلم:ذوالنون بشري

مدينتي..بيوتها رمادية.. عيونها حمراء بلون الدم المسفوح..طرقاتها ضبابية شاحبة تتمد إلي أغوار سحيقة.. وانا فيها حضور غائب.. جسم غريب زرعتني ذات أمسية يد مجهولة فلفظتني المدينة في اشمئزاز.. أهيم علي وجهي ضائع المصير..يقابلني إنسان عرفته قديما..أكرهه منذ زمن بعيد.. يحتضنني..يدثرني بثوب ريائه الممزق..يطبع علي خدي قبلة لزجة.. يسيل الصمغ يملأ كل وجهي..أفر منه مبتعدآ..أدخل طريقا مسدود المخارج.. أراها هي اهرب منها.. تبتسم لي في خبث.. تتحدث معي.. تسقط كلماتها في أعماقي كالحجارة.. تنداح الأمواج بداخلي وتتكسر علي حافة نفسي.. قبل بدء الأشياء.. قبل مولدها.. كانت مدينتي عاهرة.. مازالت تتبرج.. تضمخ جسدها المهترئ بعطرها الرخيص..تععري..تعرض نفسها في سفالة للقوادين.. ينتشر القوادون علي الطرقات.. يأتون بفحول اللذة.. يجثمون علي صدرها الرخو.. يضاجعونها في حقد.. ومدينتي تئن في ضعف ووهن وفوقها تنتصب كل الأشياء.. تنضح كل العروق.. تختنق كل الأوردة بالدم الشهوائ المجنون.. يسبكون لزوجة أجسادهم المتعفنة فيها.. وأنا أشتم علي البعد رائحة اللحم النيئ.. يقومون.. يديرون لها وجهآ كاحلة.. يبصقون في قرف.. يفرون.. يتبعثرون.. يتخبطون علي كل اتجاه.. وتنهض هي ممزقة.. سائبة.. مكسورة النفس.. والغد وإحساس الحريق في أحشائها.. وتذهب لتستحم في مياهها الآسنة.. وتعود مرة أخري وفي خاطرها يرقد حلم المضاجعة.. وأنا أسبح في ضباب الطرقات.. ورائحة كريهة تطاردني.. كيف أفر منها.. رائحة لاتوصف.. كأن وحشآ خرافيا تبرز علي كل الدروب.. يطاردني شرطي حديث التخرج في حماس وسرعة.. انقلب شبحا يطاردني.. انقلب ظلآ يطاردني.. انقلب سرابآ زئبقيآ لا يقبض.. يعجز عن اللحاق بي.. يجلس في إعياء.. يسبح في عرق المسافات الطويلة.. يمزقني بلعنات قاسية.. تصيبني في قوة أترنح.. أتماسك وأتابع طريقي.. أحدق في سماء المدينة المهجورة.. أين تذهب النجوم..؟ أين يسافر القمر..؟ مدينتي بلا نجوم.. بلا قمر.. الظلام هنا سيد الأشياء.. الضباب يحكم بجيوش من دخان وسواد.. مدينتي حبلي.. بطنها منتفخة مليئة بأجنحة الخبث.. والظلام.. لن تلد صباحآ..لأن كل سافل قد ضجعها.. وفي البدء إغتصبها شذاذ الآفاق.. حاصرتني الألام.. نهشني الحزن في شراسة.. أجلس متعبا قرب جدار متداع.. أحس بالأرض تميد من تحتي.. أزحف مبتعدآ..أري علي البعد حقلآ تبتسم لي خضرتة.. تحتويني الدهشة.. أطير عيل جناح نشوتي العطشي.. أرتمي علي العشب الطري.. أمرغ وجهي في طهارة الخضرة.. أقبل العشب.. ألثم نضارته..أسمع همهمات حلوة.. التفت في حذر.. أري عناقيدآ من اطفال يحيطون بي.. يشكلون ورودآ.. وزهورآ.. ينضحون عطرآ حالما كأنفاس السكينة.. ظاحتضنهم بكل فرحي.. وحرماني.. وعطشي.. يبتسمون.. يضحكون.. يبدأون الغناء.. خافتآ.. هشآ.. طريآ.. ثم يتماسك.. يعلو.. يقوي.. يشتد في إيقاع جميل.. ونبض متناسق.. حتي انتظمالمدينة كلها.. وتوهج الأفق بالفرح.. والأمل.. ونظرات أمامي فإذا المطر يهطل.. يهطل.. يهطل..

العزيز ذو النون بشرى...


مدى احتمال الرؤيا..يصح خزازا..اذا انغلقت على افق المدى..كل اسباب الابصار... لتصبح منافذ الاستشعار.تلك الايحاءات المكتسبه.بين..استجابة و..واه..
ويسقط زمن التشريع..ايا..كان..باى. لغة..كان..ليجف الزرع..وماء النهر.وصدى الايقاع..
حتى سراب الصحراء الخاضع.بين الرؤيا والتبيان..يبقى زبدا فى وهم نظر ....يتراقص

قد لا نفهم ان ضياع ما قد يولد فقدان ما..ويبقى مدى الاستبدال .ذاك الحائر...
فالليل لم يعد يهمس تلك الانغام..والصبح الفاتر المتعثر فى بذوق الفجر..اصبح يتثاقل .وهو يعطل شروق ما..والشمس ..تعيد المساء فى خمول الذوبان..
والحال سيان..والزمن المتلاعب .اصبح دميه..فيها يكمن مفهوم.الارتداد..
لنعاود شريعة الغاب..
وتبرير ذبح هابيل لقابيل..
بلا عدالة ولا احقاق...
هل يمكنا ان نغسل ايدينا .من دم الذبح المسفوح..
او نتعلم..من ذاك الطير.كيف تدفن اعضاء المذبوح...!!

ولعلك بعثرت .تناثر الرؤيا..بابداع درامى حاذق وانت الكاتب الفنان
لك العمق والامتنان