فطام الوطن ورحيل الاحباب وهستريا الغياب

الوطن يفطمنا بالرحيل عنه

كتبت له ..

الى زوجى العزيز .. بمناسبة العيد

الكثب الرملى ليس بعيدا" من بئرك الخاوى .. والمطر عزيز
بغيابك جلبت للوساده هم اسمه الوحشة .. وبرد الخواء ..
وآخر نسمة هبت عجلة فانطفأ السراج ..
ياااالهذا الظلام .. ويالعتمة الغياب .. وسواده
هل عرفت الجوى ياسيدى
من قبل عرفته فى الكتب على لسان عنترة ولكنك لم تعرفه على عيون عبلة (عيون الجوى) .. لم تعرفه على اطراف اصابعى وممرات الجسد الداخلية حين يكون فى القلب احتراق وفى الذاكرة احتياج وفى الليل نجمة الافق تشترط الصباح فلاتتزحزح عن مكانها الأثير والصباح لايجىء .. ترى ماعلاقة اتقاد تلك النجمة وذاكرة الجسد . والغياب
بالامس لبست سروالك الطويل وعراقيك الرهيف .. ولبست شبشبك المسطح ..ودرجت ابحث عن كل تفاصيل الرجولة فى اشياءك هنا .. رائحة معجون الحلاقة .. ومزيل العرق .. لففت عمامتك الطويلة البيضاء فى رأسى الصغير .. فتدلى شعرى من بين لفافات العمة البيضاء يالتداخلك العميق فى ثنايا ايامى ولحظاتى ويالتدفقى البسيط فى بحرك المالح الأجاج وانا عذب فرات .
وبعد ان اعيانى رهق التذكر لماهية عشقى لك نمت مطمئنة لابسة عمامتك الفوضى وكل تلك الاشياء التى تخصك اذ كوننى فى جراب الحاوى وفى عرش السلطان فى قوقعة المحار .. صدفة تحمل حجر كريم (حبى لك )وحين صحوت عرفت ان جزيئات الذكريات تجمعت من كل صوب وامتلاْ المكان بصدى نحنحتك المهيبة .. يارجل من تكوين انوثتى ومن صمود الدهر وآلامه ..رجل يبنى ولا يهدم ..رجل يعالج فقره بغناه الابدى .. قناعة فى البحث عن الرزق تشترط الحلال وصبر على الشدائد يبتغى عزم الامور

بالامس فطمت ابنتنا الصغيرة .. مسحت عجين مر على صدرى .. وبعض ملح .. فما ان اقتربت حتى رأيت دهشتها فى عينيها الصغيرتين وامتعاضها الحزين فبكت الصغيرة ورفضت الرضاعة ..
وبكيت انا ايضا" ..
كان احتياجها الحليب
وكان احتياجى انت
لتشهد اول الكذبات فى حق اطفالنا الصغار .
واول خيبات الامل التى نقدمها لهم . كان بكاءنا هستريا الغياب


ان الزمن يفطمنا فيمن نحب كما نفطم صغارنا ..