حلاق القر ية

حلاق القر ية


10-24-2006, 03:21 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1161656475&rn=0


Post: #1
Title: حلاق القر ية
Author: abubakr
Date: 10-24-2006, 03:21 AM

الاعزاء

دامت ايامك اعيادا

الحلاقة بالنسبة للرجال والمشاط والحنة لسيداتنا الكنداكات في زماننا القديم (واليوم الكوافيير) من مستلزمات العيد استعدادا وتزينا له …
وهنا اورد قصة عن حلاق القرية كتبها المازني .. تفاصيلها لا تختلف عن احداث و طرائف بين جيلنا والذي سبق مع حلاق القرية ( وللعلم فبعض حلاقي القري كانو للجميع بشر وانعام ) .. وقصة المازني التي اوردها هنا هي في معناها العام عن حلاق القرية وعمائله ولكنها كذلك فيها رمزية تناسب مواقف اخري في كل الازمان لمن هم كحلاقي القرية الذين في سعيهم للترويج لانفسهم و لتجارتهم والتزيين واكل العيش بحسن نية او سوء نية او فهلوة يطالون الوجه والاذن والرقبة احيانا يجرحونها باموسهم و ادواتهم السيئة الصنع والصديئة والتي ربما هي ملوثة عند البعض منهم وتعكس مافي الدواخل وقلة في خبرة ولحلاقي القرية زبائن يروجون لتجارتهم مقابل حلاقة اكرامية ببلاش..
حمي الله الجميع من عمائل بشر كافعال بعض حلاقي القرية ممن يؤذون ويجرحون البشر بادواتهم و وامواسهم الملوثة باسم التزيين استعدادا لفرح اوعيد …… ان القصص والحكاوي ليست للترفيه فقط ففيها عبر
وعيدكم سعيد :

مودتي

ابوبكر سيد احمد


Quote: حلاق القرية

وقعت لي هذه الحادثة في الريف منذ سنوات عديدة, قبل أن تتغلغل المدينة إلى أنأى قراه, وكنت أنا الجاني على نفسسي فيها فقد عرض علي مضيفي أن أستعمل موساه فأبيت, وقلت مادام للقرية حلاق فعلي به, فحذرني مضيفي وأنذرني ووعظني ولكني ركبت رأسي وأصررت أن يجيء الحلاق. فجاء بعد ساعات يحمل ما ظننه في أول الأمر (مخلاة شعير) وسلم وقعد وشرع يحييني ويحادثني حتى شككت في أمره وأعتقدت أن الحلاق شخص آخر وأن هذا الجالس أمامي ليس سوى (طلائعه) ولما عيل صبري سألته عن حلاق القرية فابتسم ومشط لحيته بكفه وأنبأني أن الحلاق (محسوبي) يعني نفسه, فلعنته في سري وسألته متى ينوي أن يحلق لي لحيتي؟ أم لابد أن يضرب بالرمل والحصى أولاً ويحسب الطالع قبل أن يباشر العمل؟ فلم يفهم وأولاني صدغاً كث الشعر وقال: ((هيا)) فظننه أصم وصحت به (أ..ر..يد أن...أ..ح.ل ق) فسره صياحي جداً وضحك كثيراً وأقبل على (مخلاته) فلأخرج منها مقصاً كبيراً جداً فدنوت من أذنه وسألته هل في القرية فيل؟
فقال: فيل؟ لماذ؟
فأشرت إلى المقص وقال: ((هذا مقص حمير ولا مؤاخذة))
فقلت ((ولماذا تجيئني بمقص الحمير؟ أحمارً تراني؟
ويظهر أن معاشرة الحمير بلدت أحساسه فإنه لم يعتذر لي ولا عبأ بسؤالي شيئاً, ثم أخرج موسى من طراز المقص (ومكنة) من هذا القبيل أيضاً فعجبت له لماذا يجيء إلى بكل أدوات الحمير؟ وسألته ذلك فقال: إن الله مع الصابرين. وبعد أن أفرغ مخلاته كلها انتقى أصغر الأدوات, وأصغرها أكبر ما رأيت في حياتي. ثم أقبل علي وقال: ((تفضل))
قلت: ((ماذا تعني؟)) قال: ((أجلس على الأرض)) قلت: ((ولماذا بالله؟)) قال: ألا تريد أن تحلق؟ قلت ألا يمكن أن أحلق وأنا قاعد على الكرسي؟ قال وأنا؟ قلت في سري: وأنت تذهب إلى جهنم ونعم المصير, وهبطت إلى الأرض كما أمر, ففتح موسى كالمبرد, قلت إن وجهي ليس حديداً يا هذا, قال لا تخف إن شاء الله ولكني خفت بإذن الله ولا سيما حين شرع يقول ((بسم الله, الله أكبر)) كأنما كنت خروفاً, ويبصق في كفه ويشحذ الموسى على بطن راحته, ثم جذب رأسي, فذعرت وتفرت ووليت هارباً إلى أقصى الغرفة, فقال: ماذا؟ قلت: ماذا؟)) أتريد أن تحلق لي بمبرد, ومن غير صابون؟))
قال: (مايخفيك؟))
قلت: ((يخيفني؟ لقد دعوتك لتحلق لي لحيتي لا لتبرد لي شعرها.))
قال: ((يا أفندي لا تخف))
ثم قرأ من الكتاب الكريم ((فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى)) إلى آخر الآية الشريفة, وأظنه أراد أن يرقيني بها فيالها من حلاقة لا تكون إلا برقية!
وأسلمت أمري لله وعدت فقعدت أمامه فنهض على ركبتيه وتناول رأسي بين كفيه وأمال صدغي إليه ثم وضع ركبته على فخذي ولف ذراعه حول عنقي, فصار فمي مدفوناً في صدره فصحت أو على الأصح جاهدت أريد الصياح لعل أحداً يسمعني فينجدني غير أن طيات ثوبه كانت في فمي, أما رائحة الثوب فبحسب القارىء أن يعلم أنها أفقدتني الوعي.
ولا أطيل على القارىء. فقد أهوى الرجل بموساه على وجهي فسلخ قطعة من جلدي فردني الألم إلى الحياه وأتاني القوة الكافية للصراخ على الرغم من الكمامة ووثبت أريد الباب ولكنه كان على كبر سنه أسرع مني, وما يدريني لعله كان يتوقع ذلك وعسى ان يكون المران قد علمه أن يكون يقظاً لأمثال هذه المحاورات فردني بقوة ساعده. فتشهدت وتذكرت قول المتنبي:
وإذا لم يكن من المـوت بد
فمن العجز أن تموت جباناً
كلا سأسدل الستار على هذا المنظر الذي يقشعر منه جلدي على الرغم من كر السنين الطويلة. ثم جاء هذا السفاح بطشت يغرق فيه كبش ووضعه تحت ذقني وصب ماءه على وجهي وفي صدري وعلى ظهري, ليغسل الدم الزكي الذى أراقه وأخرج من مخلاته (منشفة) هي بممسحة الأرض أشبه فأعتذرت وأخرجت منديلي وسبقته به إلى وجهي. فهي معركة لا تزال بجلدي منها ندوب وآثار.