احمد العمرابى .. يكتب عن تلاشى الاحزاب القوميه امام التنظيمات المسلحه

احمد العمرابى .. يكتب عن تلاشى الاحزاب القوميه امام التنظيمات المسلحه


10-19-2006, 07:57 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1161241059&rn=0


Post: #1
Title: احمد العمرابى .. يكتب عن تلاشى الاحزاب القوميه امام التنظيمات المسلحه
Author: هجو الأقرع
Date: 10-19-2006, 07:57 AM

أحزاب السودان القومية تتلاشى أمام التنظيمات المسلحة

يمكن القول دون مبالغة أن ظاهرة الأحزاب القومية في السودان أصبحت في حالة عد تنازلي مفسحة المجال للمنظمات الجهوية العنصرية المسلحة.

في الجنوب تتمثل الشريحة الحاكمة المحتكرة للسلطة في قبيلة واحدة: الدينكا. وفي دارفو تهيئ قبيلة الزغاوة نفسها لتسلم السلطة بالكامل من خلال تنظيم «حركة تحرير السودان». وهذا الاسبوع أبرم تحالف من قومية البجا وقبيلة الرشايدة اتفاق سلام مع الحكومة المركزية يتيح له الانفراد بحكم الاقليم الشرقي.

ولا يدري أحد الان على وجه الدقة متى تجرى انتخابات عامة حتى يمكن تحديد الأوزان الحقيقية لكل من هذه التنظيمات. ولكن كيف وعلى اية حال يمكن الوثوق بنتائج عملية انتخابية تشارك فيها منظمات تحمل السلاح مع أحزاب سياسية عزلاء؟

خلال العهود الحزبية تحت ظل نظام ديمقراطي تعددي كانت الدوائر الانتخابية في الشرق مضمونة لطائفة الختمية (آل الميرغني) التي تساند «الحزب الاتحادي الديمقراطي» بقدر ما كانت الدوائر في الغرب -خاصة دارفور- مضمونة لطائفة الانصار (آل المهدي) التي تساند حزب الأمة.

الان سيختلف الامر. فقد دخلنا كما يبدو عهد تلاشي الاحزاب مع صعود المنظمات الجهوية المسلحة. وترافق مع ذلك -أو نتج عنه- فقدان الاحزاب صفتها القومية. فاذا اجريت انتخابات عامة اليوم فان مرشح الاتحاد الديمقراطي في الشرق أو مرشح حزب الأمة في الغرب لن يستطيع الصمود امام مرشح «جبهة الشرق» أو «حركة تحرير السودان» (أو «العدل والمساواة»).

هذا الاستقطاب الجديد سوف يتعزز من خلال تطبيق مبدأ اقتسام الثروة بما ينعكس سلبا على قومية التخطيط الاقتصادي. فعندما يتحدث قادة «جبهة الشرق» عن منجم الذهب في الاقليم وكأنه ملك خالص لأهل الاقليم فسوف يتحدث بنفس هذه اللغة المحلية الذاتية اهل اقليم كردفان عن ثروة الصمغ وأهل اقليم الجزيرة عن قطن مشروع الجزيرة. وقد سبق لاهل الجنوب أن امتدت أياديهم إلى امتلاك نصف الإنتاج النفطي في الاقليم.

بكلمة واحدة لن يكون هناك «اقتصاد وطني» تقوم ركيزته على «تخطيط قومي».

وربما يقود الأمر إلى افلاس للاقتصاد. ذلك ان بروتوكولات اقتسام الثروة في اطار اتفاقات السلام التي أبرمت صيغت بنودها على أساس مبدأ «الأخذ» وتجاهل مبدأ «العطاء» فمطالبات الحركات المسلحة انحصرت في «نصيب» الاقليم في الثروة القومية مع اسقاط «مساهمة» الاقليم في تكوين هذه الثروة - أي اقتسام عائد الانتاج مع عدم مسؤولية الاقليم في المشاركة في كلفة الانتاج. أو خلق الثروة نفسها.

هذا وضع خطير بحاجة إلى تصحيح قبل فوات الأوان. ولكن السؤال هو: من يتولى مسؤولية التصحيح؟

إذا افترضنا ان هذه هي مسؤولية الاحزاب الكبرى -على صعيدي المعارضة والسلطة- فان المؤسف ان هذه الاحزاب فقدت صفتها القومية أو كادت إلى درجة انها أصبحت الان في حالة صراع من اجل البقاء.

وسؤال المستقبل المرئي اذن هو: هل تستطيع الاحزاب الكبرى إعادة إنتاج نفسها