(المغترب)يا جمل الشيل ما يهزك ريح!!

(المغترب)يا جمل الشيل ما يهزك ريح!!
في الأسبوع الماضي..استوقفني وشد انتباهي خبر نشر في جريدة الاقتصادية التي تصدرها المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق ..أن الدية قد أنقذت عاملا فلبينيا من حكم القصاص والإعدام في السعودية بعد أن دفعت حكومة بلاده ممثلة في وزارة خارجيتها وبواسطة سفارتها في الرياض مبلغ وقدره 15ألف دولار (56,250)ريال سعودي , عبارة عن الدية اللازمة لإلغاء حكم الإعدام قصاصا بحق العامل الفلبيني البسيط والذي كان قد ارتكب جريمة قتل عمدا لعامل نيبالي عام 1998م , وتم بالفعل إطلاق سراح العامل الفلبيني.
وبالطبع فقد أثار هذا الخبر فضولي وكيف أن الحكومة الفلبينية تهتم بمواطنيها حتى على مستوى العامل البسيط بهذه الدرجة وكيف كان الحال لو أن هذا العامل البسيط من الكفاءات أو حملة الشهادات العليا وفي هذه الحالة اعتقدت جازما بان رئيسة وزرائها شخصيا وعلى رأس وفد رفيع المستوى كانت حتما ستتواجد في الرياض من أجل هذه القضية ..وحتى يطمئن قلبي من صحة هذا الخبر أجريت اتصالا بالملحقية الثقافية في السفارة الفلبينية وتأكدت من صحة ما نشر ومن ثم وجدت نفسي جالسا أمام السيد جون ملاري وهو الفلبيني الذي يعمل كسكرتير إداري في الشركة التي أعمل بها وتعود معرفتي الوثيقة به لأكثر من عشرين عاما وتأكدت منه أيضا ومما لا يدع مجالا للشك على صحة الخبر ثم كان سؤالي البديهي عن المغترب الفلبيني ما له وما عليه وكم يدفع للدولة نظير كل هذه الخدمات فكان الرد منه بأن أي مواطن فلبيني في المملكة لا يدفع سوى مائتي ريال سعودي للحصول على جواز سفر جديد كل 5سنوات بالإضافة إلي مبلغ يعادل المئة ريال سنوي كتامين شامل للفرد يتعالج بموجبه في أرقى مستشفيات مانيلا ويتعلم منه مجانا في أرقى وأحسن جامعاتها ومعاهدها..!
عندئذ تسمرت في مكاني ..وتمنيت أن أكون مواطنا فلبينيا وعاصمتي مانيلا ..وسرحت بفكري بعيدا في عالم ودنيا المغترب السوداني ..البقرة الحلوب قبل أن يجف ضرعها ..وسجم البنات ختنو الدرب ..وعلى الرجال أعلنوا الحرب ..وسجم البفكر في العرس من غير بطاقة مغترب ..وجيبو اخضر ما يبس وشنطو مكبوسات كبس ..حال السرور المغترب ..وبالطبع كان ذلك في الزمن الجميل من منتصف السبعينات و الثمانينات ..و أما الآن فقد خرج المغترب السوداني من المولد بلا حمص ..ومعروفا بمأساته ومعاناته ناهيكم عن الكم الهائل الذي يدفعه للدولة من غير شكر ولا تقدير ..رسوم ما أنزل الله بها من سلطان ..يدفعها عنوة أو طائعا مختارا ..المساهمة الوطنية ..الزكاة ..التجديد ..الإضافات ..المجهود الحربي(أصبح بقدرة قادر رسوما للسلام) بعد أن توقفت الحرب وعم السلام ..التوثيق ..التوكيل ..شريان الشمال ..ترعتي كنانة والرهد..بلاضافة إلي أخرى(التي لا نعرف لها معنى ولا أخرى)..نعم مازال يدفع و أجود الناس من جاء بالقلة ..و أما الدولة فماذا قدمت للمغتربين ..وعود بلا وفاء حتى أصبح المغترب بين مطرقة الوعد وسندان النسيان ..ويكفيه فخرا أن ميزانية الدولة في كل أعوامها ومراحلها قد تجاوزته عمدا ولم تعمل له حسابا ..بل تنكرت عن الجميل وللجميل , كما جاء على لسان وزير الدولة للمالية البروفسير المجذوب (الأسبوع الماضي )في ندوة أقامتها جمعية الصحافيين السودانيين بالسعودية (في الرياض) حيث أفاد بأن مشاركة المغتربين السودانيين في الاقتصاد السوداني في كل مراحلها أقل من 1%..وعشت يا مغترب ..يا جمل الشيل ..تاريخك محفوظ ..وما يهزك ريح...!