رسالة في ليلة التنفيذ

رسالة في ليلة التنفيذ


10-06-2006, 08:37 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1160163428&rn=0


Post: #1
Title: رسالة في ليلة التنفيذ
Author: Gaafar Ismail
Date: 10-06-2006, 08:37 PM

أبتاه ماذا قد يخط بناني*** والحبل والجَـلاّ د يبنتظرانِ
هذا الكتاب إليك من زنزانة***مقرورة صخرية الجدران
لم تبق إلا ليلة أحيا بها***وأُحس أن ظلامها أكفاني
ستمر يا أبتاه لست أشك في***هذا وتحمل بعدها جثماني
الليل من حولي هدوء قاتل***والذكريات تمور في وجداني
ويهدني ألمي فأنشد راحتي***في بضع آيات من القـرآن
والنفس بين جوانحي شفافة***دبّ الخشوع بها فهز كياني
قد عشت أُومن بالإله ولم أذق***إلا أخيرا لذة الإيمان
والصمت يقطعه رنين سلاسل***عبثت بهن أصابع السجان
ما بين آونة تمر وأختها***يرنو إليّ بمقلتَيْ شيطان
من كُوّةٍ بالباب يرقب صيده ***ويعود في أمن إلى الدوران
أنا لا أُحس بأي حقد نحوه***ماذا جنى فتمسه أضغاني
هو طيب الأخلاق مثلك يا أبي***لم يبد في ظمأ إلى العدوان
لكنه إن نام عني لحظة***ذاق العيال مرارة الحرمان
فلربما وهو المروع سحنة*** لو كان مثلي شاعرا لرثاني
أو عاد - من يدري -إلى أولاده***يوما تذكّر صورتي فبكاني
وعلى الجدار الصلب نافذة بها***معنى الحياة غليظة القضبان
قد طالما شارفتها متأملاً***في السائرين على الأسى اليقظان
فأرى نجوما كالضباب مصوراً***ما في قلوب الناس من غليان
نفس الشعور لدى الجميع وإن هم***كتموا..وكان الموت في إعلان
ويدور همس في الجوانح: ما الذي***بالثورة الحمقاء قد أغراني؟
أولم يكن خيراً لنفسي أن أُرى***مثل الجموع أسير في إذعان
ما ضرني لو قد سكتُ وكلما***غلب الأسى بالغتُ في الكتمان
هذا دمي سيسيل يجري مطفئاً***ما ثار في جنبيّ من وجدان
وفؤادي الموّار في نبضـاته***سيكُف من غده عن الخفقان
والظلم باقٍ..لن يحطم قيده***موتي ولن يودي به قرباني
ويسير ركب البغْيِ ليس يضيره***شاة إذا اجتثت من القطعان
هذا حديث النفس حين تشف عن***بشريتي وتمور بعد ثوان
وتقول لي:إن الحياة لغايةٍ*** أسمى من التصفيق للطغيان
أنفاسك الحَرّى وإن هي أُخمدت***ستظل تغمر اُفقهم بدخان
وقروح جسمك وهو تحت سياطهم***قسماتُ صبحٍ يتقيه الجاني
دمع السجين هناك في أغلاله***ودم الشهيد هنا سيلتقيان
حتى إذا ماأُفعِمت بها الربا***لم يبق غير تمرد الفيضان
ومن العواصف ما يكون هبوبها***بعد الهدوء وراحة الربان
إن احتدام النار في جوف الثرى***أمر يثير حفيظة البركان
وتتابع القطرات ينزل بعده***سيل يليه تدفق الطوفان
فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا*** أقوى من الجبروت والسلطان
أنا لست أدري هل ستُذكر قصتي***أم سوف تعدوها رحى النسيان
أو أنني سأكون في تاريخنا***متآمراً أم هادم الأوثــان
كل الذي أدريه أن تجرعي***كأس المذلة ليس في إمــكاني
أهوى الحياة كريمة، لا قيد، لا***إرهاب ، لا استخفاف بالإنسان
لو لم أكن في ثورتي متطلبا***غير الضياء لأُمتي لكفـاني
فإذا سقطْتُ ، سقطْت أحمل عزتي***يغلي دم الأحرار في شرياني
________________________________________________________
الشاعر هو(هاشم الرفاعي)ولد في مصر وتعلم في المعهد الديني في الزقازيق وكلية دار العلوم بالقاهرة ، وقد قُتل غيلة عام 1959م .
(سـاواصـل )

Post: #2
Title: Re: رسالة في ليلة التنفيذ
Author: Gaafar Ismail
Date: 10-07-2006, 09:23 AM
Parent: #1

نواصــل

أبتاه إن طلع الصباح على الدنا***وأضاء نور الشمس كل مكان
واستقبل العصفور بين غصونه*** يوما جديدا مشرق الألوان
وسمعت أنغام التفاؤل ثرة*** تجري على فم بائع الألبان
وأتى يدق - كما تعود - بابنا*** سيدق باب السجن جلادان
وأكون بعد هنيهة متأرجحا*** في الحبل مشدودا إلى العيدان
ليكن عزاؤك أن هذا الحبل ما *** صنعته في هذي الربوع يدان
نسجوه في بلد يشع حضارة*** وتضاء منه مشاعل العرفان
أو هكذا زعموا وجئ به إلى*** بلد الجريح على يد الأعوان
أنا لا أريدك أن تعيش محطما *** في زحمة الآلام والأشجــان
إن إبنك المصفود في أغلاله*** قد سيق نحوالموت غير مدان
فأذكر حكاياتٍ بأيام الصبا*** قد قلتها لي عن هوى الأوطان
وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى *** تبكي شبابا ضاع في الريعان
وتكتم الحسرات في أعماقها***ألماً تواريه عن الجيران
فأطلب إليها الصفح عني إنني*** لا أبتغي منها سوى الغفران
ما زال في سمعي رنين حديثها*** ومقالها في رحمة وحنان :
أبُنَيّ.. إني قد غدوت عليلةً*** لم يبق لي جلد على الأحزان
فأذِق فؤادي فرحة بالبحث عن*** بنت الحلال ودعك من عصياني
كانت لها أمنية ريانة *** يا حسن آمالٍ لها وأمانٍ
والآن لا أدري بأي جوانحٍ *** ستبيت بعدي أم بأي جنان
****
هذا الذي سطرتها لك يا أبي*** بعض الذي يجري بفكرٍ عان
لكن إذا أنتصر الضياء ومُزِّقت *** بيد الجموع شريعة القرصان
فلسوف يذكرني ويُكبِر همتي*** من كان في بلدي حليف هوان
وألى لقاءٍ تحت ظل عدالةً*** قدسية الأحكام والميزان
***********************************************************