ثرثرة حول الظل .. في ( ذكراك والشتاء )

ابظلالها تتميز الاشجار ام بثمارها ؟
تري ماذا لو ان الكائنات فقدت ظلالها ؟
وهل يستقيم الظل والعود اعوج ؟
تذكرت هذه التساؤلات وانا احاول ان التقط حديثي مع البروفسرعلي المك ذات مساء حميم في دار اتحاد الكتاب السودانيين ـ امر غريب ان تنزع هذي الدار من الكتاب السودانيين وتمنح للاتحاد العام للطلاب السودانيين ـ الجملة السابقة اعتراضية جدا ـ كان الحديث مع علي المك دائما ممتعا وعميقا ، قال لي
ـ امبارح كنت استمع الي اغنيتك يا ضلنا ، فكرت في كيف اهتديت يا يحيي الي هذا المطلع الشفاف ؟
هذا التساؤل له من العمق ما يكفي تماما لبعثرة افكاري وان علي ان ابحث عن اجابة لها نفس العمق فقلت
ـ والله يا استاذ علي قد تبدو المسألة عفوية ولكنها ايضا لاتخلو من قصدية ، قد لا اعرف كيف خطرت ببالي هذه الفكرة ولكني احس بان فكرة مناجاة الضل فكرة موحية وعميقة وانا قد استسلمت تماما لهذه الفكرة وانت ايضا يااستاذ علي لك مع الظلال حكاية فانت منحاز الي فكرة الاشجار بظلالها وانها الاشجار تتميز بالظلال وليس بالثمار
ـ هو تعرف يا يحيي ، هي فكرة فلسفية ، فكرة الاصل و الظل ، فكرة النقائض ، لكن الانحياز هنا يبدو امر عاطفي جدا
ـ طيب انا اذكرك بي حاجة ، سمعت ـ بناديها ـ لعمر الطيب الدوش
ـ طبعا
ـ في مقطع بقول
بفتش ليها في التاريخ
واسال عنها الاجداد
وفي احزان عيون الناس
وفي الضل الوقف ما زاد
هنا تفتكر يا استاذ علي ، الضل الوقف مازاد ، ضل افقده عمر الدوش الحركة ، هل يكون ذلك هو تعبير عن معني الثبات ، عن جمود في الزمن
ـ ما هو شوف ، الاغنية الجميلة عندها القدرة العالية جدا في انهاتسرب للمتلقي مفاهيم فلسفية قد تبدو في غاية التعقيد ، يعني مثلا التساولات العميقة عند شعراء الحقيبة
يا طبيب انا سالك
قول لي بكل صراح
انحنا هل جنينا
ام عقولنا نحن نصاح ؟
او
انت صاحي و لانايم
ولا طرفك من طبعو نعسان
زي ما بقول ليك ببساطة شديدة انو الاغنية ممكن تقودك ـ مش كمان اي اغنية ـ تقودك الي مفاهيم فلفسفية
ـ فكرة الظل برضو يا استاذ علي كانت قددخلت ايضاعلي السرديات مثلا ـ الرجل الذي فقد ظله ـ رواية فتحي غانم او رواية فرانسو ساجان ـ الذين هم بلا ظلال ـ تفتكر لانو الضل هوحالة انعكاس الاصل في حالة التعرض لضوء ولا هي مساحة فبها كثافة من لاستخدام للتعبيرية؟
ـ علي كل يا يحيي هي فكرة مغرية ، فكرة ممتدة ، ان تنتزع من الشئ ملامحه ، قادر تصور معاي لو كان في زول ما عندو ضل ؟ يعني عشان كده هي مش مساحة لتعبيرعالي وبس انما كمان مساحة واسعة للتخيل واللعب النقائض
كان حواري مع علي المك حول الظل طويلا وعميقا ، كنا نبحث عن مصادر في الشعر و القصة والرواية تدعم حوارنا ، تحدثنا عن الكاتب الالماني فردريش دورنمات في نصه الدرامي ـ قضية ظل الحمار ـ الذي اخلاجه الصديق الفنان المسرحي المتميز ـ ديرك اويا الفرد ، في هذا النص صراع طريف حول ظل حمار ـ الحمار تم ايجاره لطبيب اسنان الذي كان يريد يصل الي مريض في قرية و حين اشتدت حرارة الطقس جلس الطبيب تحت ظل الحمار ، كان ذلك في صحراء قاحلة ، هنا احتج صاحب الحمار علي ذلك باعتبار انه قد اجر الحمار و ليس الظل ، اذن هو الذي كان يجب ان يجلس تحت ظل حماره ، وتطور امرالنزاع حول ظل الحمار حتي وصل القضاء وتداعت الاحداث حتي ان المدينة انقسمت الي حزبين ـ حزب الظل وحزب الحمار ـ وادي ذلك الي حرب اهلية الي درجة ان التهمت النيران المدينة وفي النهاية تسأل الحمار الذي هرب من قاعة المحكمة تسال الحمار وسط ذلك الخراب قائلا ـ هل انا الحمار الوحيد في هذه الحكاية؟؟؟
اعرف ان الكتابة عن علي المك شاقة جدا و احس بان علي ان اصرخ و لكن ، ان الاشجار التي تتميز بظلالها عليها ايضا ان تدون تاريخ الثمار و لاسيما نحن في زمن عنه صديقي الشاعر قاسم ابو زيد قائلا ـ ضلك وراءك ما بشبهك.
علي المك ـ ثرثرة حول الظل

شجرة الصندل بل بحر الجمال العزيز تمبس
رعاك الله
غيب وتعال تلقانا منتظرين عطاءك الراقي
تحياتي لك
سأعود للتعليق بتمهل

...
"الله ياعلي..
فقد الذهب والصائغ في آن"
الفنان يوسف الموصلي
...

...
"وقد فتن على المك بشعر لوركا افتتانا عظيما وترجم له العديد من القصائد من اللغة الإنجليزية"
(...)
"ولقد استطاع على المك بفضل ما يتمتع به من شفافية لغوية وذوق نقدي متميز واذن موسيقية مرهفة أن يقدم لنا ترجمات شعرية متميزة يمكن أن تشكل نماذج لما ينبغي أن تكون عليه ترجمة الشعر"
(...)
"وبالإضافة للحس اللغوي المرهف لابد للمترجم من أن يتسلح بمستوى عال من الثقافة والاطلاع حتى يتسنى له نقل البيئة الثقافية أو المناخ الثقافي الذي يتنفس فيه الشاعر ويمكن أن تتجلى لنا أهمية ذلك إذا قارنا بين ترجمتين مختلفتين لقصيدة للوركا استلهم فيه قول السيد المسيح (كل شجرة لا تثمر تقطع وترمى في النار)
الترجمة الأولى لعلى المك وجاءت كالآتي:

يا قاطع الأخشاب
خلصني من العذاب
فأنا شجرة بلا ثمار

فالشاعر يريد أن يقول أن حياته صارت بلا معنى لأنه فقد القدرة على العطاء فاستلهم قول السيد المسيح ليؤدى به هذا المعنى وقد فطن على المك إلى مراد الشاعر وعكسه في الترجمة .. أما المترجم الآخر فقد عجز عن إدراك المعنى الإيحائي الذي يرمى إليه الشاعر فجاءت ترجمته كالآتي:

يا قاطع الأخشاب
خلصني من العذاب
عذاب رؤية نفس مجدبة!!"

عجب الفيا من كتابة أهداها إلى عادل عُثمان بعنوان:
"على المك، لوركا وترجمة الشعر"
...

...
شكراً تمبس..
في معرض إعجابها ببوست على المك...ولوركا
كتبت (الجندرية) يومها: "ومين ما يحبّش لوركا وعلي المك؟!"
السؤال مرّة تانية مرفوع: ومين ما يحبّش لوركا، علي المك ومعاهم قاطن الديار الكندية يحي فضل الله؟!
...

من أجل السلام عليكم يا تمبس ..

وبرجع ليك .. كلامك حلو عاوز رواقة ..

UP

جاد