عودة "الوفاق" وتسويات الشرطة!!

عودة "الوفاق" وتسويات الشرطة!!


09-28-2006, 02:44 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1159407851&rn=0


Post: #1
Title: عودة "الوفاق" وتسويات الشرطة!!
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 09-28-2006, 02:44 AM

عودة الوفاق وتسويات الشرطة!! ‏

خالد فضل :
‎* ‎عندما بعثت برسالة نصية عبر الموبايل للصديق‎ ‎الحبيب بكري المدني، أحد أبرز الصحفيين ‏بجريدة الوفاق، والذي تربطه علاقة زمالة‎ ‎وتلمذة حميمة بالمغفور له بإذن الله الاستاذ محمد طه ‏محمد أحمد صاحب الوفاق ورئيس‎ ‎تحريرها الذي لقى حتفه غيلة في الاسبوع الاول من هذا الشهر ‏في الحادثة المعروفة،‎ ‎أجابني بنص عميق الدلالات، لخص فيه فكرة اعادة صدور الصحيفة بأنه ‏رسالة لجهات عديدة‎ ‎على أمل ان يشرق فجر الحقيقة وقريباً جداً‎...
‎* ‎أكبرت في أسرة الفقيد هذه الروح‎ ‎المقاتلة، وهذا التجاوز السريع لمرارة الفقد، على المستوى ‏المهني على الاقل،‎ ‎والاصرار على صدور الصحيفة التي كانت دون شك السبب المباشر في ‏الحادثة، اذ يستبعد‎ ‎لدرجة كبيرة وجود أي دوافع شخصية، فقد عُرف الشهيد محمد طه بخلق رفيع ‏ودماثة ورحابة‎ ‎صدر ومروءة، واعرف ان أياديه البيضاء قد امتدت لتشمل أسراً كثيرة وزملاء ‏واصدقاء‎ ‎وأهل وأقارب دون من أو أذى، وبجانب ما عُرف به من زهد شخصي في مباهج الحياة، ‏بيد‎ ‎انه كان «حمال ثقيلة» واخو اخوان، وشهم تجاه حاجات الآخرين.. تغمده الله بواسع‎ ‎رحمته ‏واسبغ عليه رداء المغفرة والرضوان.. آمين‎..
‎* ‎بيد ان عودة الوفاق للصدور،‎ ‎تعني ان مسيرة الراحل لن تنقطع، ورسالته الصحفية لم تخبؤ ‏بموته، فها هم الصحافيون،‎ ‎برئاسة شقيقه معتصم طه يعودون لمزاولة المهنة عبر الاصدارة التي ‏أسسها الراحل‎ ‎بالدمع والدم وفي ذلك رد بليغ على الجهات التي نفذت الجريمة، واعلان صريح ان ‏القتل‎ ‎والذبح لن يثنى العزم المتقد الذي اسهم الراحل في اشعاله ضمن قائمة الصحافيين‎ ‎السودانيين ‏العظام الذين تمكنوا في احلك الظروف من الوفاء لمطلوبات مهنتهم والاصرار‎ ‎على اداء ادوارهم ‏بمسؤولية واخلاص، وهذه مناسبة لازجاء تحية خالصة لمعشر اساتذتنا‎ ‎من الصحافيين الكبار ‏والزملاء الاعزاء من المحررين والكتاب، الذين ادوا اداءً‎ ‎مهنياً رفيعاً في ايام الحادثة وقبلها، وقد ‏لفت نظري الزميل عبد الحميد عوض لهذا‎ ‎الاداء المهني الرفيع، وما قامت به الصحافة السودانية ‏خلال الايام الاولى للحادث‎ ‎لدرجة اضطرت السلطات الى العودة لعاداتها القديمة اللئيمة في فرض ‏الرقابة القبلية‎ ‎في اكبر وأوضح خرق للدستور الحاكم الآن‎!!
‎* ‎وتبقى المسؤولية المضاعفة للاخوة في‎ ‎صحيفة الوفاق، للسير قدماً على ذات النهج الذي خطه ‏المؤسس الشهيد، ويبقى القسم في‎ ‎اخوته الزملاء الصحفيين وفي العاملين بالجريدة ومعشر قرائها ‏الكرام وكل الوسط‎ ‎الصحفي بالاحتفاء بهذه العودة ورعايتها وفاء لأحد رموز العمل الصحفي الذين ‏مهروا المهنة بالدماء‎!!
‎* ‎أما عن سير التحقيقات، وتوضيحات مدير عام الشرطة حولها، فليس‎ ‎لدينا تعليق، ولكن، ما يتاح ‏من معلومات وما يرشح من تصريحات، يزيد الامر غموضاً،‎ ‎ويوسع من دائرة الشكوك، أكثر مما ‏يجلى الموقف، ورغم اننا نشاطر أسرة الراحل الثقة‎ ‎في الاجهزة الامنية والشرطية إلا ان الظرف ‏المأساوي للحادث يتطلب بذل جهود اكبر‎ ‎وأسرع لكشف خبايا الجريمة لذوي المرحوم وللرأي ‏العام، حتى ينال المجرمون جزاءهم‎ ‎الوافي وتهدأ بلابل «الأهل» والزملاء والاصدقاء وكل الشعب ‏السوداني الذي استنكر‎ ‎الحادثة، لم يتخلف عن ذلك أحد، اللهم إلا الشريط المشكوك في مصدره الذي ‏اعلن تبني‎ ‎تنظيم القاعدة - السودان - للحادثة.. وهنا تجيء المهمة العسيرة أمام الشرطة‎ ‎والاجهزة ‏الأمنية المختصة، فقد صرح مدير عام الشرطة ان المتهمين الـ (16) من‎ ‎السودانيين، مما يعني ‏ضمنياً ابعاد الايدي الاجنبية عن دائرة الشبهات، وهذه حيثية‎ ‎في غاية الاهمية، وتعيد الامر برمته ‏الى دائرة الشجون الوطنية العديدة، واذكر ان‎ ‎مراسل اذاعة مونت كارلو الأخ اسلام عبد الرحمن ‏كان قد استنطقني عقب دفن الجثمان‎ ‎مباشرة حول «دائرة الاتهام» فلم اتردد في دفعه الى أيادي ‏اجنبية باعتبار ان هذه‎ ‎الطريقة في القتل لم يعرفها المجتمع السوداني من قبل وبهذه البشاعة ‏والانتقائية،‎ ‎فحتى حوادث مساجد الجرافة والحارة الاولى بأمدرمان وكيلو 10 بود مدني كان الجناة‏‎ ‎فيها يمارسون القتل العشوائي، وعن طريق الرصاص، أما حادثة الاستاذ محمد طه فمن‏‎ ‎الواضح ‏انها مدبرة بدقة وتم تنفيذها بدقة وحرص ومهارة عالية مما يفتح علامات‎ ‎استفهام تبدأ ولن تنتهي إلا ‏بالكشف عن الجناة واستئصال شأفتهم تماماً. وغني عن‎ ‎القول ان مناخات السودان منذ انقلاب 30 ‏يونيو 1989م قد أفرخت واقعاً جديداً مقيتاً،‎ ‎أبرز ملامحه الاستهانة بالحياة والارواح مما يجعل أي ‏مواطن «مشروع محكوم عليه‎ ‎بالاعدام في انتظار التنفيذ» حسبما كتب احد الزملاء!! وفي اجواء ‏يظللها الخوف‎ ‎والوعيد واطلاق الاحكام القيمية بالخيانة، والكفر والمروق والعمالة من اعلى قمة‎ ‎المسؤولين الى أصغر الكوادر، وباعتراف صريح من السيد رئيس الجمهورية أمام المصلين‎ ‎بمسجد ‏حي الركابية بأم درمان قبل عدة سنوات ان «بعض شبابنا قد تأثر بالافكار‎ ‎المتشددة الوافدة من ‏الخارج» كل هذا مقروءاً مع القبضة الامنية الحاذقة ضد النشاط‎ ‎المدني السلمي، وسد منافذ ‏الحريات والتنصل من التزامات التحول الديمقراطي وغيرها من‎ ‎التزامات الاتفاقات الموقعة ‏والمشهودة والممهورة بأقلام ذات النافذين الآن في مرافق‎ ‎السلطة ومراقيها العليا، ومع الاهتمامات ‏الزائدة بتجييش جهاز الشرطة وتشوينه لدرجة‎ ‎يبدو معها وكأنه في طريقه ليصبح «قوات مسلحة» ‏عوضاً عن جهاز اقرب للنشاط المدني،‎ ‎واستسهال عمليات «التسويات» المالية وفرض الغرامات ‏المليونية كبديل لتحمل المسؤولية‎ ‎الموضوعية عن اسباب المخالفات المرورية وغيرها من مخالفات ‏تقع ضمن دائرة عمل‎ ‎الوحدات الشرطية، في مقابل ذلك، ومع ما يشبه «هوس تأمين السلطة» تبدو ‏المفارقة‎ ‎المحزنة ان «صحافياً بارزاً» يختطف في وقت مبكر نسبياً ومن داخل منزله بحي محاط‎ ‎بسياجات أمنية عاتية، ويتم ذبحه وإلقائه بالقرب من «سور أشرس وحدات الشرطة» وما‎ ‎لذلك من ‏دلالات موجعة، ثم يتزامن مع ذلك «منح امتيازات وترقيات جديدة» لقادة جهاز‎ ‎الشرطة دون ‏اعتبار لظرف «المقارنة التي لابد وان كل شخص قد اجراها ولو بصمت‎»!!
‎* ‎إن تحمل المسؤولية لأي مسؤول في أي جهاز، والاعتراف بالخطأ أو التقصير أو الاهمال،‎ ‎يعتبر ‏مسلكاً حضارياً وراقياً، وهو يزيد من درجة ثقة الجمهور في جهاز دولته أكثر‎.. ‎وكم كنت أتمنى ان ‏يتحمل أحدهم المسؤولية عما حدث ابتداءاً فيقدم لوح استقالته‎ ‎ولكن...!!.. يبقى الرأي العام في ‏الانتظار‎...‎


الصحافة : العدد 4781 الخميس 28 سبتمبر ‏