خمســـة زجاجات نخب تراب دارفــور

Quote: "الرأى العام" الخرطوم: محمد صالح اوقفت السلطات بولاية شمال دارفور أمس افراداً من القوات الافريقية ينتمون الى دولة جنوب افريقيا بحوزتهم خمس زجاجات تحوى عينات من تربة دارفور خلال استعدادهم للعودة الى بلادهم في اطار عمليات الاستبدال المستمرة. وقال والي شمال دارفور عثمان يوسف كبر ان الاجهزة المعنية قامت بتفتيش طائرة بوينج قادمة من احدى الدول الأفريقية في حضور ممثل من الاتحاد الافريقي وعثرت على ثلاثة صناديق تحوى خمس زجاجات مليئة بعينات من تربة دارفور، واسطوانة مدمجة تحوى معلومات عن تربة دارفور. ووصف الوالي تربة دارفور بانها غنية بالمعادن. وعلمت «الرأي العام» من مصادر مطلعة ان الطائرة والافراد يتبعون لدولة جنوب افريقيا. ورأى كبر وجود بعض الدول لها اجندة خاصة وتعمل على استغلال الاتحاد الافريقي لتمرير اجندتها. وشدد على ان هذه الدولة تصر على دخول قوات دولية الى دارفور - دون تحديد اسم الدولة.وبدوره، اعتبر المتحدث الرسمي لبعثة الاتحاد الافريقي نورالدين المازني الحادث «عملية بسيطة جداً»، وان الافراد كانوا يحبون اخذ تراب من دارفور «للذكرى والتاريخ».وقال لـ«الرأي العام» ان الاتحاد الافريقي حريص على علاقات ايجابية مع السلطات السودانية، ورأى ان كل ماحدث «سوء فهم» وشدد على ان الاتحاد الافريقي لا يمكن ان يسمح باي شيء غير عادي. واضاف ان الحديث عن اجندة خفية وراء الحادث «غير وارد».

الخبر كما نقلته ســودانيزأون لاين جاء مختصراً بدون تفاصيل

و قال أحد الزملاء ممن شـــاهدوا التلفزيون (الأخ أبوبكر) أن العينة مأخوذة من التربة من سطح الأرض. جاء ذلك في بوست أفرده صاحبه (السنجك) لهذا الموضوع و للتهكم من النظام و جهاز أمنه بالتقليل من أهمية الحدث و حجمه - كما يبدو من عنوان البوست و موضوعه:
جهاز الامن يكشف عن مؤامره خطيره !!واطالب بترقية قوش!!!!

ولكن الســـــؤال : ماذا لو كان الخبر صحيحــاً؟
ماذا لو كان الأمر جزء من مخطط لعملية نهب مدبرة؟
ماذا سـيكون رأي الذين يعتبرون أن رفض دخول القوات الأجنبية هو خيانة لأهل دارفور ليس إلا؟


إن وجود زجاجات بها تربة أو تراب أو رمل مأخوذة في معية أحد الجنود الأفارقة أمر مثير للشـكوك و الريبة. و تعليق المسئؤل الأفريقي الذي قال بأن الجندي يحمل التراب كذكري .. تعليـقاً ساذجـاً و يزيد من الشك و الريبة. فإذا كان الأمر ذكري يدق في عالم النســيان فلماذا خمســـة زجاجات إذاً ؟ لمذا ليست واحدة؟

هنالك إحتمالان في تقديري لا ثالث لهما - إذا صدق أحدهما فإن الشخص أو الأشخاص الذين قاموا بضبط عملية التهريب يستحقون الإشادة و التهنئة حتي لو كانوا من جهاز أمن الإنقاذ. لأن المهمة التي قاموا بها مهمة وطنية ليست جبهجية.
الإحتمال الأول أن يكون ما بداخل الزجاجات عملية تمويه لإخفاء عملية تهريب أخري تتزامن معها وقد فاتت عليهم. و هذا هو الإحتمال الأضعف.
أما الإحتمال الأقوي فإن تلك التربة ليست تربة سطحية كما ذكر الزميل أبوبكر بل هي عبارة عن عينات من صخور تم (تكسيرها وتفتيتها) ووضعها في زجاجات عادية - كولا مثلاً - للتمويه. هذه العينات في طريقها إلي أحد المختبرات لتحليلها لمعرفة مدي إحتوائها علي بعض المواد أو المعادن الهامة جداً (غالباً خامات مثل اليورانيوم و ما شابهه) .
و لربط الأشياء ببعضها الرجاء التوقف عند بعض الحقائق - لا أدعي إلمامي التام بها ولكني أتحدث في حدود معرفة سطحية متواضعة:
- الوسائل الحديثة المستخدمة في إستكشاف المعادن الملخصة في الدراسات الجيولوجية و دراسة صور الأقمار الصناعية (الإستشعار من علي البعد) و إعداد و تحليل الصور الرقمية و الدراسات الجيوفيزيائية ( في حالة اليورانيوم رصد درجة الإشعاعات في الجو بإستخدام أجهزة محمولة بالطائرات و العربات و الأيدي) و تحليل المعلومات جغرافياً لمعرفة أماكن تواجد الخامات.
كل الوسائل أعلاه تعتبر وسائل مساعدة و هامة و مؤثرة لكن التنقيب و البحث لا يكتملان إلا القيام بالعمل الحقلي و المختبري. ما يعرف بــ Field and Lab work. حيث يتم فحص عينات منتقاة من أماكن محددة علي ضو الدراسات السابقة.
- اليورانيوم و المعادن المشابهة توجد في الصخور ولا بد من تحليل عينات من الصخور من الأماكن التي تم تحديدها بواسطة الدراسات .
- كانت هنالك إشاعة قديمة و قوية جداً عن أن شركة شيفرون حينما كانت تعمل بالسودان كانت تبحث عن اليورانيوم أيضاً وســراً.
- خـمس عينات في زجاجات عادية (قد تكون سبقتها أربعين من يدري؟) مأخوذة من أعماق مختلفة أو من مسافات مختلفة لتعين علي معرفة إتجاه تركيز الخام في الصخر أفقياً أو رأسياً و لتحديد مواقع بصورة أكثر دقة لتمركز الخام و لعمليات الإستخلاص المستقبلية.
- بعض العناصر المشعة يستوجب تكسير الصخر و تفتيته قبل الكشف عن وجودها فيه.

عليه، فإني أري أن الأمر أكبر مما يتصوره البعض. فماذا إذا كان في الأمر مخطط كبير؟