عم بيلو والشكلة هو كان وين؟ حكاوي الحبس والعدالة: في السمر مع مرتضى الغالي في حبسه

عم بيلو والشكلة هو كان وين؟ حكاوي الحبس والعدالة: في السمر مع مرتضى الغالي في حبسه


09-13-2006, 03:40 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1158158686&rn=0


Post: #1
Title: عم بيلو والشكلة هو كان وين؟ حكاوي الحبس والعدالة: في السمر مع مرتضى الغالي في حبسه
Author: عبدالمنعم الجاك
Date: 09-13-2006, 03:40 PM

عم بيلو والشكلة هو كان وين؟
حكاوي الحبس والعدالة: في السمر مع مرتضى الغالي في حبسه
عبدالمنعم الجاك

مسألة الصديق مرتضي الغالي في عدد الأيام 11 سبتمبر 2006، عادت بعد إيقاف قسري تلاها توقف وجودي فيما أظن، بعد حبسه وإطلاق سراحة، تتفق فيهما سيان القبض والإفراج عليه بغير جريرة، أفسح مرتضي في مسألته تلك فضاءا لانكشاف الغيوم وانبلاج الضوء ورشاش العافية والرحمة كما سماها صائبا بتمرين الحيوية الشعبية . بيد ان جريرة أو لا جريرة مرتضي الغالي انطبقت أيضا وبكثافة على عم بيلو وهو يسائلني في تسامري مع خل اكتسبته هنالك، بشرى الصائم، ومع مرتضي الغالي عن " هو الشكلة كان وين؟ وأنا هنا مالي؟

عم بيلو شاب شائب في الأربعين من العمر تقريبا، أدى صلاة الظهر بالمسجد الكبير بالخرطوم واخذ في تلاوة القران والذي هو مهنته كما ذكر. قطع ذكره للقران قسريا دخان الغاز المسيل للدموع وأثر العدو خارج المسجد لتتلقفه أيادي السلطة في إحدى عرباتها وتبطش بجسده النحيل ثم تقذف به في إحدى أماكن الحبس القريبة من المسجد بجريرة أو بغيرها إلى أن التقينا به في سمرنا ذلك بعض مضي نصف يوم من الحبس، أصبح يشعر حينها فقط بالأمان ليسألنا، مرتضي وبشرى وشخصي، في سمر حبسنا " هو الشكلة كان وين؟ وأنا هنا مالي؟

الصديق الذي اكتسبت، بشرى الصائم، سيان عنده كنا عم بيلو، الطلاب، مرتضي الغالي، عم احمد، الصديق، تاجر العربات، منعم وأصحاب جريرة السكر، تعلمت منه انه كما للسوق شيخ فالحبس له شيخ كذلك. بشرى الصائم ساح بعم بيلو مفصلا ببسيط ومباشر اللغة حول الشكلة وجريرة حبسه وحبس نحو خمسون ونيف يومها، بكل ما بها من حط كرامة وإذلال جسد. كان نجمنا دون شك هنالك بشرى الصائم في توزيع الطعام، وتوقير الكبير، وإدارة المكان، وملطف المصائب، وصانع النكتة، ومسئول التعامل مع السلطة، وأهم من ذلك هو من جعل عم بيلو بعد معرفته لجريرته أو لا جريرته يقول: والله ياجماعة كان ما انتو معاي هنا كان موتنا بالمحنة ساكت.

عم بيلو قارئ متخصص في القران، وهو ماعرفته عندما ذكر انه لم يسأله أيا كان سوى عن اسمه، عمره، عنوانه، وظيفته وقبيلته. هي كذلك إجراءات الحبس التي تمت تسألك عن القبيلة، غير أبه بعمل القانون من تحري أو توجيه اتهام بمواد! ولسؤال القبيلة هذا قصة معي، حيث أنها المرة الأولي التي يوجه لي سؤال عن قبيلتي بصورة رسمية وفي إجراء ظننته إثما انه القانون. وحيث أني لا اعلم حقيقة من أي بطون السودان ينحدر أهلي ذكرت باني لا اعرف. فما كان من الإرهاب إلا وان أرعد في وجهي من رجال السلطة، وهم من ذكرني الصديق مرتضي بمقولة الطيب صالح " من أين أتى هؤلاء". فعلا ولمئات المرات من أين أتى هؤلاء، حيث فشلنا بكل ما أوتينا من معارف في الاجتماع والثقافة والسياسة، بل حتى في علم النفس، أن نجد الخيط الناظم لمن يمارس إرهاب العزل، والحط من كرامتهم(ن)، والبطش باجسادهم(ن) بسبب أو دونه. فمن أين أتي هؤلاء الناس حقا؟ أعود إلى سؤال القبيلة التي لم اعرف، وتم إرهابي بسببه، فقد أجبت بعد الإرهاب " اكتب أي حاجة، فولاني، فوراوي، جعلى، دينكاوي، محسي". وقد كان مسئول السلطة الأصغر قد دون فولاني، إلا أن ضابط السلطة الوسيم الطلعة فقط دون الطلة وصاحب حياكة الجريرة والإتيان بها، زاد في غيه قائلا " ما عارف قبيلتك؟ لانو ماعندك أصل! لازم تكون ما عارف قبيلتك". عموما، ليفتنا أهل القانون والثقافة كذلك عن لزومية سؤال القبيلة في الحبس بجريرة وغير جريرة، كما ليفتنا غيرهم عن أصحاب الأصل من غيره، فالمسرح هنا فقط لعم بيلو.

لعم بيلو ضحكة لها فيما يميز الكثير، حنو صوته ورقته عبرها، اتصال ضحكته الخافتة وانسحاب جسده النحيل نحو سمرنا بالحبس بعد إطلاق ضحكته ليكمل التعليق أو للسؤال. حين علق احد أصدقاء الحبس من السكارى، وما هم بسكارى من حكمة وفكر وحضور، حينما علق زميل الحبس ذلك على جريرة القبض علينا نحن الخمسون ونيف، سمى قضيتنا إنها جريمة حرة طالما أنها تظاهر! واسترسل منظرا حول الجرائم الحرة وغير الحرة بحكمة ومنطق وافقه الصواب جدا. عندها زقزقت ضحكة عم بيلو وانسحب نحونا قائلا: انتا ذاتك جريمتك حرة مش ما سرقة ذي ماقلتا! ظل عم بيلو محاولا استراق النوم برهة واستراق الضحكة برهة أخرى مع من ساعد في منع موته محنة كما قال، استرسل حاكيا عم بيلو عن هؤلاء الناس ممن لا رحمة عندهم ويسيئون لنا وله ببذئ القول والسبه. " هسع انتو ما ناس محترمين يقولوا فيكم كلام زي دا وينبذوكم لشنو؟". لسنا بأكثر احتراما بالطبع من عم بيلو قيد سنتمتر واحد، فقد حبستنا جريرة أو غير جريرة واحدة.

انقضي أمد الحبس لليوم الأول ضمن مكانين مختلفين للحبس، أولهما به الحط من الكرامة، البطش، الازدراء والإرهاب ما جعلنا نبترش حجارة البنيان الحديثة، صغيرها وكبيرها دون انتظام، صاغرة أوجهننا نحو الأرض دون سقف حتى ليعلوك ويلطف هجير الثالثة ظهرا بالخرطوم. ثاني مكان الحبس أحسن حالا كان، ومعروفا حتى كمان للحبس. أما ثالث أماكن الحبس في اليوم التالي فكان ينافي الإنسانية في مكان العدالة، فأي عدل يعزز الكرامة. خمسون ونيف شخص في بضع عشرين مترا ومنفذ هواء يتيم. عم بيلو قائلا، ساخرا وضاحكا " هسع الناس ديل لو المحكمة دا ودوه القسم الكنا فيه ما كان أحسن لينا وليهم"، في إشارة ذكية ومقارنه لمكان الحبس من اجل الاتهام، بجريرة وغيرها، ومكان الحبس التالي لتحقيق العدالة وبحث موضوع الجريرة من عدمه.

حينها فقط، عند اليوم التالي، سار الركب بعربتين تتقدمهم فاسحة الطريق بصوتها الحلزوني المدوي، حاملة على متنها الخمسين ونيف من ذوى الجريرة وغيرها، مازحت عم بيلو والاندهاش والخوف سيان يعلوان وجهه قائلا: " والله الليلة ياعم بيلو التقول موكب الرئيس بس". لم يعلق حينها، ربما الخوف، الاندهاش أو هاء السكت التي أصابته عندما "لم ينبت فمه ببنت شفاه" كما جاء في رد الصديق مرتضي الغالي البليغ اللطيف أثناء سير العدالة في الطريق العام. حينها فقط بعد وصول ركبنا إلى دار التحقق من الجريرة أو عدمها تيقنت، ووليد تاجر العربات، والإخوة كرومازوف الثلاثة- أشقاء ثلاثة أتت بهم الأرزاق للحبس دون جريرة، وعم بيلو، وعم حامد، واحمد، ومرتضي، وبشرى، الخ، ازداد يقين كلنا انه كما قال نجم في سمر الليلة قبلها أن جريمتنا جريمة حرة، فكلنا للحبس أو خارجة نحن الخمسون ونيف، هكذا يقول المنطق فمن يخبر الداني قبل القاصي، معنى العدالة والحقوق حتي لا يستمر الاتهام والتشكك الصائب في مقدرة وطننا الفنية والأهلية وتوفر إرادته السياسية في حماية واحترام وتعزيز حقوق الإنسان، بما فيها التعبير السلمي والحق في التظاهر.





Post: #2
Title: Re: عم بيلو والشكلة هو كان وين؟ حكاوي الحبس والعدالة: في السمر مع مرتضى الغالي في حبسه
Author: Tragie Mustafa
Date: 09-13-2006, 03:59 PM
Parent: #1


شكرا اخي عبد المنعم الجاك

والتحيه لك ولمرتضى الغالي وعم بيلو وكل العظماء.

وشعبا انتم رجاله لن ينحني.

ذكرتني فيلم (أحنا بتوع الاتوبيس) الذي يحكي

ان اثنين اتشاكلوا في باص او اتوبيس وصادف اعتقالهم

اعتقال سياسين فحبسوهم معهم سنين عديده بلا جريره,

كنا نعتقد قديما ما يحدث في مصر لن يحدث عندنا ولكنه حقيقيه.

تراجي.

Post: #3
Title: Re: عم بيلو والشكلة هو كان وين؟ حكاوي الحبس والعدالة: في السمر مع مرتضى الغالي في حبسه
Author: سفيان بشير نابرى
Date: 09-14-2006, 01:32 AM
Parent: #1



بكري ابوبكر الف شكر لانزالك هذه الكتابة

لهذه الكتابة سحر عجيب وملهم ومحفز لحوارات وحوارات
ولمثل هذا القلم الذي يقول الشي ويوصله الحق بان يكون بيننا
اتمني عليك اخي بكري ان يحصل الاخ منعم الجاك علي كلمة مرور
لان كلماته تمر بمسؤلية دون اي تكلف الي العقل والقلب .

الاخ / منعم الجاك ,,
سلاماً سلاماً عليك وصحبك في السمر
الف شكر لهذا البث الحي .