إنسحاب السودان من الأمم المتحدة

إنسحاب السودان من الأمم المتحدة


09-02-2006, 09:54 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1157187276&rn=0


Post: #1
Title: إنسحاب السودان من الأمم المتحدة
Author: إسماعيل التاج
Date: 09-02-2006, 09:54 AM

ليس بغريب إنسحاب السودان من الأمم المتحدة على خلفية القرار 1706 وردود الفعل الرسمية الرافضة لمحتوى القرار واستحقاقاته وإصرارها على مجابهة المجتمع الدولي.

ففي عام 1965 (إنسحبت) أندونيسيا من الأمم المتحدة إحتجاجاً على انتخاب ماليزيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وظلت الولايات المتحدة الأمريكية في حالة تململ وتذمر من عدم تمرير كثير من سياساتها عبر مجلس الأمن، والجمعية العامة على وجه التحديد، وهي القوى العظمى التي يتم تعطيل كثير من مشاريع قراراتها من بعض الدول الأخرى. وليس ممانعة فرنسا في عدم تبني مشروع قرار بموجب الفصل السابع يتيح شن حرب على العراق في عام 2003 إلاَّ أحد تلك الأمثلة مما دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى شن حرب على العراق في إطار تحالف خارج أنظومة الأمم المتحدة لم يجد ترحيباً من الكثيرين. ويرى أيضاً دعاة الإنسحاب أنَّ بلادهم هي المساهم الأكبر في ميزانية أمم متحدة غير فعَّـالة ومن الأجدى انفاقها داخلياً. وظل دعاة الإنسحاب يدفعون بمشروع قانون إلى مجلس النواب الأمريكي منذ العام 1999 يهدف إلى الإنسحاب من المنظمة الدولية ولكنه ظل يحظى بهزيمة كبيرة كان آخرها عام 2005.

والإنسحاب من المنظمة الدولية ليس بجديد في تاريخها. ففي زمن عصبة الأمم (1920-1946) انسحبت اليابان عام 1933 بسبب إدانة عصبة الأمم لها نتيجة غزوها الصين. وأرادت اليابان بإنسحابها تسجيل احتجاج قوي ضد تلك الإدانة وإبطال مفعولها. وكان ميثاق عصبة الأمم يتيح بصورة أو أخرى لأي دولة الإنسحاب من العصبة مما أضعفها وأفقدها قدرتها على التصدي لكثير من القضايا الكونية بما فيها عدم القدرة على منع نشوب الحرب العالمية الثانية.

وجاء ميلاد منظمة الأمم المتحدة، 1945، عقب الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء. وتأسست المنظمة على ميثاق الأمم المتحدة الذي حاول بقدر المستطاع معالجة قصور عصبة الأمم بما فيها مشكلة إنسحاب الدول. وخلا ميثاق الأمم المتحدة من أي نص صريح أو ضمني يتيح لأي دولة الإنسحاب من المنظمة الدولية، كما كان الحال في ميثاق عصبة الأمم المتحدة. وهدف ميثاق الأمم المتحدة بذلك إلى قطع الطريق أمام أي دولة تريد التحلل من التزاماتها الدولية المنصوص عليها في الميثاق. وأيضاً لمنع التهديد بالإنسحاب من قِـبِـل أي دولة، الأمر الذي سيضعف من المنظمة الدولية. بل رأينا خلال الستين عاماً الماضية حِـرْص الدول على الإنضمام إلى تلك المنظمة الدولية الحكومية حتى بلغ عدد أعضائها 191 عضواً.

فإذا كان ميثاق الأمم المتحدة لا ينص على حق الدول في الإنسحاب، كيف إذاً انسحبت اندونيسيا في عام 1965؟
تمَّ التعامل مع أندونيسيا على أساس أنها قطعت التعاون مع المنظمة الدولية ولم تنسحب وذلك وفقاً للمراسلات المتبادلة بين أندونيسيا والأمانة العامة للأمم المتحدة. وعندما أرادت أندونيسيا العودة للمنظمة مرة أخرى أرسلت رسالة للأمانة العامة للأمم المتحدة في نفس العام أبدت فيها رغبتها في إعادة التعاون التام مع الأمم المتحدة والمساهمة في أنشطتها. وتمت إعادة أندونيسيا للأمم المتحدة بعد موافقة الجمعية العامة على أنَّ أندونيسيا لم تنسحب بل قطعت تعاونها مع المنظمة، وبذا تفادت أندونيسيا تقديم طلب إنضمام جديد للمنظمة ربما تواجهه تعقيدات محتملة مثل استعمال حق الاعتراض (الفيتو) بواسطة أحد الدول الخمس دائمة العضوية وبالتالي حرمانها من العضوية.

على أنَّ تجميد العضوية أو وقف التعاون مع الأمم المتحدة له نتائج وخيمة على الدولة المعنية أو على حلفائها. مثلاً في عام 1950 قاطع الإتحاد السوفيتي الأمم المتحدة لمدة ثمانية أشهر احتجاجاً على عدم قبول عضوية جمهورية الصين الشعبية التي تأسست بعد استلام الحزب الشيوعي الصيني مقاليد الأمور عام 1949. وخلال فترة الغياب هذه استطاع مجلس الأمن تمرير قرار بالتدخل عسكرياً في كوريا الجنوبية داعماً لها في مواجهة كوريا الشمالية التي كان يدعمها الاتحاد السوفيتي. وبالطبع ما كان لينجح مشروع القرار في حال مشاركة الاتحاد السوفيتي في جلسات مجلس الأمن بدلاً عن المقاطعة.

على ضوء ما تقدم تبدو مآلات انسحاب السودان من المنظمة الدولية، لتفادي تنفيذ القرار 1706 والقاضي بنشر قوات أممية في إقليم دارفور، غير وارد في الحسبان عملياً حتى ولو جنح المتشددون في أروقة حكومة الخرطوم إلى تبني مثل ذلك القرار ظناً منهم بأنَّ ذلك الإجراء سوف يحللهم من الالتزامات الإقليمية والدولية ويقطع الطريق أمام تنفيذ القرار 1706.