|
اتفاق السلام الهش في دارفور
|
http://www.crisisgroup.org/home/index.cfm?id=4179&l=6
نظرة فاحصة
يشكل اتفاق دارفور للسلام، الذي تم التوقيع عليه برعاية الإتحاد الأفريقي في أبوجا في 5 مايو/أيار 2006 بين حكومة السودان وفصيل حركة تحرير السودان المتمردة بقيادة ميني أركو ميناوي (جركة/جيش تحرير السودان)، خطوة أولى نحو إنهاء العنف. لكن لابد من اتخاذ إجراءات قوية ومنسقة إذا أريد توطيده. فالوثيقة بها عيوب كبيرة، وقد رفضها اثنان من وفود التمرد الثلاثة. وانخفضت حدة القتال بين المتمردين والقوات الحكومية نوعا ما ولكن العنف ازداد سوءاً في بعض المناطق بسبب الصدامات بين فصائل جيش تحرير السودان، والعصابات، والصراعات بين القبائل، بينما لا تزال الحدود التشادية في حالة شديدة الاضطراب. وإذا ما أريد لاتفاق السلام في دارفور ألا يجعل الإقليم في حالة من التفكك والتمزق الناتج عن الصراع أسوأ مما كان عليه من قبل، يجب على المجتمع الدولي أن يتخذ عاجلاً إجراءات عملية لدعم أحكام الاتفاق المتعلقة بالأمن، وتحسين إمكانيات عودة المشردين إلى ديارهم، وإدخال الرافضين للاتفاق فيه والإسراع بنشر قوة منيعة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة وذات سلطة بموجب الفصل السابع من الميثاق.
لقد رفض طرفان في المفاوضات التي أجريت في أبوجا – جيش تحرير السودان فصيل عبد الواحد محمد نور وحركة العدل والمساواة – التوقيع على الاتفاق. ويطالب عبد الواحد بالمزيد من المشاركة المباشرة من جيش تحرير السودان في تنفيذ الترتيبات الأمنية وهو أيضا غير راض عن أحكام الاتفاق المتعلقة بالتمثيل السياسي وصندوق لتعويض الضحايا. وترى حركة العدل والمساواة أن بروتوكولات قسمة السلطة والثروة لا تعالج بشكل كاف الأسباب الأساسية للصراع: الخلل الهيكلي بين مركز السودان وهوامشه الذي أدى إلى التمرد في سنة 2003. والواقع أن اتفاق دارفور للسلام قد عجل بتفكك حركات التمرد إلى كتل صغيرة على أسس عرقية رخوة.
وتوسيع قبول البروتوكولات الأمنية وتنفيذها سيحكمان على السلام بالنجاح أو الفشل في الأجل القصير. ولابد من الاستفادة القصوى من الفرصة التي يتيحها الحوار والتشاور الدارفوري-الدارفوري، وهو عملية مصالحة اجتماعية نص عليها اتفاق السلام، للحصول على قبول الاتفاق من قطاعات السكان التي لم تمثل في أبوجا. وستكون مشاركة المرأة مسألة هامة.
غير أن الحالة الأمنية لن تتحسن ما لم تنزع الحكومة سلاح قوات الجنجويد الموالية لها، وذلك التزام نقضته في خمس مرات من قبل. ومن سوء الطالع أن اتفاق دارفور للسلام لا يقدم ضمانات للتنفيذ. وتقوم بعثة الإتحاد الأفريقي في السودان بمهمة تفوق طاقتها وهي تعوزها القدرة على القيام بالواجبات الإضافية المطلوبة منها الآن، متمثلة في المراقبة والتحقق. ولم يتناول الاتفاق كذلك مسألة تولي الأمم المتحدة عمليات حفظ السلام، الأمر الذي تزداد الحاجة إليه يومياً. ولا تزال الخرطوم تعوق وتؤخر عملية التخطيط لبعثة الأمم المتحدة. وإذا تعين على قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الإتحاد الأفريقي في السودان ثم بعثة الأمم المتحدة أن تطلب إذن الحكومة في كل خطوة تخطوها، لن تستطيع بث الثقة التي يحتاجها الأشخاص المشردون ليعودوا إلى ديارهم.
ومن المتوقع وفق السيناريوهات الحالية أن تمضي ستة أو تسعة شهور أخرى قبل نشر قوة الأمم المتخدة. ويقر العديد من صناع السياسة العامة بأن هذه عملية بطيئة بدرجة غير مقبولة، لأن ذلك يعني مزيداً من الوفيات وعدم عودة اللاجئين والمشردين داخلياً. ولكن صناع السياسة أولئك يحجمون عن اقتراح بدائل أكثر فاعلية. والتدابير التالية مطلوبة بصورة عاجلة:
يجب على مجلس الأمن فرض جزاءات على أي جانب، بما في ذلك الحكومة، ينتهك وقف إطلاق النار أو يواصل الهجمات على المدنيين وقوات حفظظ السلام السلام أو موظفي العمليات الإنسانية. يجب على الإتحاد الأفريقي ألا يدخر أي جهد لتوسيع دائرة قبول اتفاق دارفور للسلام من جميع أصحاب المصالح، بما في ذلك مواصلة الحوار مع جيش تحرير السودان فصيل عبد الواحد والسعي إلى مزيد من الحلول التوافقية فيما يتعلق بمسائل تقاسم السلطة والثروة، ويجب على شركائه الدوليين، بمن فيهم الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، تقديم الدعم السياسي والمالي المطلوب لنجاح الحوار والتشاور الدارفوي-الدارفوري. يجب على الأمم المتحدة وغيرها من الشركاء الدوليين مساعدة الإتحاد الأفريقي فورا على تعزيز بعثته في السودان بتوفير الموارد والدعم اللوجستي والخبرة الفنية، ويتعين على البلدان المساهمة بقوات في أفريقيا زيادة حجم القوة لتبلغ القوام المأذون به لها، حتى تتمكن من تنفيذ ولايتها الحالية بشكل أفضل وكذلك المهام الإضافية الواردة في اتفاق دارفور للسلام. ينبغي لمجلس الأمن أن يأذن بنشر قوة منيعة تابعة للأمم المتحدة، تبدأ بعنصر للرد السريع، لتتسلم من بعثة الإتحاد الأفريقي في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2006، بولاية واضحة على أساس الفصل السابع من الميثاق لاستخدام كل الوسائل اللازمة لحماية المدنيين والمساعدة على تنفيذ اتفاق دارفور للسلام، بما في ذلك العمل العسكري لدى الضرورة لكبح المخربين من الجنجويد والمتمردين والمتشددين في الحكومة أو شل قدرتهم على العمل. يجب على الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) العمل مع الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي لضمان امتلاك قوة حفظ السلام القدرة على الرد السريع على انتهاكات وقف إطلاق النار أو الاستفزازات الصادرة من أي طرف، وعلى البلدان ذات القدرات العسكرية المتقدمة تعيين بعض كبار الضباط للعمل في مقر قوة حفظ السلام لتعزيز كفاءتها المهنية. نيروبي/بروكسل، 20 يونيو/حزيران 2006
|
|
|
|
|
|