الوجه الآخر للسودان الجديد

الوجه الآخر للسودان الجديد


08-05-2006, 10:20 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1154769651&rn=0


Post: #1
Title: الوجه الآخر للسودان الجديد
Author: عبد اللطيف عبد الحفيظ حمد
Date: 08-05-2006, 10:20 AM

الوجه الآخر للسودان الجديد
مدخل:
الليلة يستقبلني أهلي
خيل تحجل في دائرة النار
وترقص في الأجراس وفي الديباج
إمراة تفتح باب النهر وتدعو
من ظلمات الجبل الصامت والأحراج
حراس اللغة المملكة الزرقاء
ذلك يخطر في جلد الفهد
وهذا يسطع في قمصان الماء!!!!!!!!!!
محمد عبدالحي – العودة إلى سنار
السودان الجديد هو حلم يراود المثقفين قبل الساسة، الذين أدركوا هذه الفكرة مؤخراً، وقد تحدث عنها شعراء كثر وعلى رأسهم الشاعر الدكتور محمد عبد الحي حينما أصدر مانفيستو السودان الجديد عام 1962 (العودة إلى سنار). ولكن الساسة ما يقرأوا من الأدب والشعر الكثير، وحتى إذا قرأوا لا يتعمقوا في المفاهيم التي يتحدث عنها الشعراء بعيداً عن الأمجاد السياسية الزائفة والإنجازات الوهمية.
إذا كان هذا السودان المسمى جديداً مبني على قيم جديدة سياسية واجتماعية وثقافية تتيح للكل الممارسة الفعلية والتعبير بحرية مع البقاء على بعض الملامح الجميلة الموغلة في القدم، دون السعي إلى هدم كل ما هو قديم، أي سودان الحرية والمساواة والعدل فإن كل السودانيين يؤيدون هذه الفكرة ولكنهم لم يجدوا من يلبي هذه الرغبات من القادة السياسيين، لأنهم يتصارعون على كرسي الحكم، وعلى قيادة أحزابهم.
من رأيي الشخصي العلة التي دعت إلى السودان القديم هي علة سياسية في الدرجة الأولى، فجميع الأحزاب القديمة التقليدية منها والراديكالية عليها أن تحل نفسها لصالح السودان الجديد (نيو سودان)، كل القيادات الحزبية والتنظيمات التي هي جزء لا يتجزأ من السودان القديم بطائفيته ومراهقته السياسية، السودان الجديد يجب أن يكون ناضجاً فكرياً وسياسياً بعيداً عن الابتذال وكما أسماها أحدهم الأصنام السياسية. علينا أن نغسل كلما أحاط بنا من شوائب الصراع على السلطة والديكتاتورية التي أثقلتنا بالصراعات والحروب والانقسامات. سودان الديموقراطية والمساواة والعدل والحرية الحقيقية غير المزيفة.
التيارات السياسية الحركة الشعبية مثلاً هي التي أطلقت الفكرة، ولكن أعتقد أنها غير مؤهلة لقيادة دفة السودان الجديد خصوصاً بعد غياب شهيد الوطن، والقائد الملهم الدكتور جون قرنق، كان السودانيون يعلقون عليه آملاً عراض، ولكنه اختار الرحيل لتتوالى الحركة الشعبية، و(جوز المؤتمر) كذلك هو جزء أصيل من السودان القديم بدكتاتوريته وخبثه واستئصاليته ورفضه للرأي الآخر. وكذلك بقية الأحزاب التي تدعي التقدمية. والأحزاب الطائفية فلتحدث ولا حرج عن كونها أحزاباً هشة التكوين والفكرة والتنظيم، فهي تنظيمات هلامية، وهي كذلك تشارك بقية الأحزاب في تبرمها بالرأي المخالف، وعلى الرغم من أنها تدعي الديمقراطية، لكنها لا تمارسها في بناءها الداخلي، ففاقد الشيء لا يعطيه.
أما هؤلاء الذين يريدون لنا سوداناً عارياً كما قرأت في بعض البوستات الأخيرة لبعض الأخوان، فأقول لهم مرحى بالسودان القديم بحشمته ووقاره وأخلاقه. برغم ما حصل من تلوث للشارع السوداني من جراء الأزمات الاقتصادية، ولكن بكل المعايير لا يزال الشارع والسودان بلداً محتشماً على الأقل بالمقارنة مع البلدان الأخرى. والاحتشام الذي أقصده هو ضد الانحلال والتفسخ والعري العام. يعني الذي ينظر إلى السودان الجديد على أنه انحلال وتفكك وتفسخ، هو يدعو إلى ما دون القديم. هنالك أخلاق وقيم جميلة يجب أن نحتفظ بها ونحن ننطلق نحو سوداننا الجديد، هنالك ملامح ثقافية واجتماعية تميزنا عن سائر الناس يجب ألا تغيّب لصالح الانحلال والتفكك والعري.