حمرة الشيخ ، حرب الأقاليم و التداعي

حمرة الشيخ ، حرب الأقاليم و التداعي


07-07-2006, 12:04 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1152270245&rn=1


Post: #1
Title: حمرة الشيخ ، حرب الأقاليم و التداعي
Author: أسامة أحمد المصطفي
Date: 07-07-2006, 12:04 PM
Parent: #0

السودان .. حرب الأقاليم و التداعي


لقد بات واضحاً بالنسبة لي على الأقل أن الغالبية العظمى من المحللين السياسيين الذين يظهرون بمظهر الواثق؛ إنما ينحازون لوجهة نظر واحدة ، ويستميتون في الدفاع عنها دون أن يشك الواحد منهم في ما ذهب إليه لحظة واحدة ؛ ودون أن يتراجع عن أيّ من الأخطاء التي وقع فيها ، بل ودون أن يقلب الفكرة على ظهرها وبطنها ليراها من جوانب أخرى ، وببساطة ... إنهم لا يقعون في الحيرة أبدا لأنهم أبناء هذا الواقع الأحادي المتمترس وراء المحنطات والصناديق المقفلة بإحكام ...

فليس بالضرورة أن يكون الكلام الموزون المرتب هو المفيد دائما ... أحيانا يكون التداعي نافذة على الترتيب والنظام أو خطوة نحوه ؛ ذلك أن التداعي يسمح لنا بتقليب الأشياء والأفكار والنظر إليها من أكثر من جهة واحدة، وبخاصة إذا كان الموضوع شديد التعقيد كما هو الحال في السودان الآن .

السودان يعني لنا الوجدان ؟ وهو بالنسبة لي منذ يعانخي وترهاقا والكوشيين ، ومندي وعثمان دنقة وعبد الله التعايشي والإمام المهدي ، وجون قرنق حتى سودان اليوم النازف ، ومنذ مناحات توريت وبابنوسة ، مروراً بمأساة حلفا دغيما وهمشكوريب وآلام وليم دينق و وصلاح احمد إبراهيم وعلي المك ر وروعة الطيب صالح و الفيتوري غنائيةٌ واحدة لم تنقطع يوماً ولم تتوقف رغم صروف الدهر ووجع الأيام ، أمام هذا السيل الجارف من العطاء، من هو الذي يستطيع أن يملي على عموم الشعب السوداني خياراً واحداً مهما كانت قداسته الآيدولوجية وبالدرجة نفسها من الفجاجة التي فرضت عليهم طوال العقود السابقة. وعلى سبيل المثال هل يستطيع أولئك المنحازون ضد الشعب بشكل او بآخر أن يدافعوا عن فكرتهم دون الاتكاء على منظومة الأفكار المحنطة المنطلقة من تعالٍ مقيت بعيد كل البعد عن فهم الحياة وديناميكيتها في التغير والحركة والتعدد...

ربما كانت النخب الرئاسية في السودان أبطال ، ولكنهم تغافلوا عن الحقيقة تلك التي أكدت عبر التاريخ ، أن العبيد يخدمون سيدهم ويبحون حناجرهم في الدعاء له والثناء عليه ، ولكنهم لا يدافعون عنه إذا وقعت الواقعة ، لأنهم يعرفون أنه هو الذي جرّدهم من إنسانيتهم ، وسلبهم أغلى ما منحتهم إياه الحياة و الحرية ، كما لم يدرك أيضاً أن الأبطال التاريخيين قد زكاهم الناس بطريقة أو بأخرى والتفوا حولهم ، أما هم ( النخب) فقد زكوا انفسهم طوال العقود الماضية عملوا على تصفية كلِّ من يشعر تجاهه بالنقص، وتهجير كل من يمكن أن يرفع رأسه في حضرتهم .

وهكذا فقد امتزجت شخصية النخب لدى الجماهير السودانية بحالتين متناقضتين ؛ هما البحث عن البطولة المفقودة، هذا الهاجس الذي داعب مشاعر الأغلبية من البسطاء في جماهيرنا السودانية المقهورة ، والإرهاب السياسي الإجرامي الذي يصل إلى إعدام الخصوم .. ولكن ... لماذا هذا العصاب الذي يمارسه هؤلاء في أساليبهم ؟ لماذا التعذيب واستعداء الشعب السوداني

أما أولئك الذين يملئون السودان ، وعمليات قتالية تطال الأبرياء أكثر مما تطال خصومهم الحكوميين ، فإنما يدّعون أن رسالتهم أشدُّ قداسة من حياة الناس ، وأكثر أهمية من موت طفل هنا وشيخ هناك ، لأن رؤيتهم الشمولية غير قابلة للتجزيء أو التفاوض على أيّ جزء من تفاصيلها ،ولأنهم ببساطة هم الأبناء الشرعيون الذين ولدوا من رحم الأنظمة السودانية المشابهة في التكوين .. ولكن هل صحيح أن هؤلاء جماعة واحدة من حيث الرؤية العامة؟ وهل يتساوى من يستاثر بقبضة السلطة مع من يحاول الإستأثار بفتات من السلطة ، باي قوة كانت

على أية حال فإن هنالك جانبا مشبوهاً وبالغ التطرف من سلوك هذه الجماعات. حكومة كانت أو متمردين .. كل من الفريقين لا يعير الإنسان السوداني أي إعتبار .. إن نقل الصراع من واقعه الحالي إلى واقع صراع ولاية ضد أخرى كما شهدنا في حمرة الشيخ أنها كارثة كبرى ومسؤولية تقع على عاتق الطرفين .. لأنه ليس من الممكن السيطرة على عمليات من هذا النوع وهكذا يتم إشعال فتنة داخلية ، وإجهاض مشروعات السلام