لماذا تفشل الديمقراطية في الشرق الأوسط ??!!!!(منقول).........د. خالد عايد الجنفاوي

د. خالد عايد الجنفاوي
يوجد في أي عقل أنساني نماذج فكرية ثابتة لا تتغير بسهولة وتسيطر على عملية التفكير، ويستخدم المختصين مصطلح "سكيماتا" لوصف هذه المخططات والنماذج الفكرية المثيرة للاهتمام ويمكن وصفها أيضا بتلك النماذج الأولية التي تنشئي الأساطير الأساسية أو "الأركيتايبس" التي تحكم طريقة التفكير والتصورات العامة في أي ثقافة إنسانية عادية وهى التي عادة ما تحدد مصير التطورات المختلفة في المجتمع الإنساني وتحكم مدى تقبله للتغيير.

وفي هذا السياق، نعتقد أن "السكيماتا" التي تحكم العقل العربي التقليدي الحالي تمنع تطور الفكر الديمقراطي في الشرق الأوسط وتجعل من الصعب تصور أن تتطور الديمقراطية أو الفكر الديمقراطي في مثل هذه البيئات الإنسانية الشرق أوسطية عن قريب إذا لم يتم تعديل وإعادة بناء السكيماتا العقلية العربية لتصبح أكثر تقبلا للديمقراطية بكل ما تحتويه هذه الديمقراطية من مسؤوليات وواجبات ومبادئ أخلاقية واجتماعية وحضارية.

فتلك السكيماتا الفكرية الأولية مثل تلك التي توجه العقل الغربي التقليدي على سبيل المثال تؤهل الفرد الغربي بشكل عام على قبول النتائج الديمقراطية في أي سياق اجتماعي أو سياسي أو أخلاقي تحدث فيه. فالعقل الغربي التقليدي ونتيجة لامتلاكه السكيماتا الفكرية المطلوبة والتي تشجعه على قبول الرأي والرأي الآخر سيكون من السهل عليه تقبل الآراء المعارضة عن طيب خاطر دون أن يدفعه ذلك الاختلاف في الآراء مثلا إلى محاولة تدمير العملية الديمقراطية أو أنه لا يقبل بنتائجها المختلفة!

ولكن السكيماتا العقلية العربية التقليدية هي شيء مختلف تماما عن قريناتها في المجتمعات الإنسانية الأخرى، فالعقل العربي التقليدي سوف يحتاج لعقود من الزمن حتى يتغير للأفضل وسوف يمر وقت طويل حتى يصل الحال بالمجتمع العربي التقليدي لأن ينشأ ثقافة ديمقراطية تشجع على الحوار وعلى قبول الرأي والرأي الآخر: فالكثير من العرب لا يزالون يعتقدون أن نشر ثقافة الحرية في المجتمع العربي التقليدي ونشر الفكر الديمقراطي هو شيء سلبي يؤثر على البناء المجتمعي والأخلاقي العربي وكانّ هذا البناء المجتمعي والأخلاقي العربي هو نموذج واحد لم يتغير أبداً منذ عقود!

ولكن على الرغم من تلك المعوقات الفكرية والتاريخية فسوف يتغير العقل العربي التقليدي لاحقا ولو عبر خطوات بطيئة وسوف يصبح ذلك العقل أكثر تقبلا للتغيير الايجابي وسوف يتمكن الفرد العربي العادي من إعادة "تشفير" السكيماتا الفكرية التي استمر يستخدمها منذ زمن داحس والغبراء وسوف تنتصر الديمقراطية آخر الأمر!

د. خالد عايد الجنفاوي
كاتب كويتي


المصدر: موقع فضاءات
www.fdaat.com