الصبية قارعة الطبل

الصبية قارعة الطبل


06-24-2006, 04:43 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1151120630&rn=0


Post: #1
Title: الصبية قارعة الطبل
Author: الزاكى عبد الحميد
Date: 06-24-2006, 04:43 AM




- شارلي؟ شارلي؟
- معذرة من تقصد يا رجل؟
- أنسيت دورك الرائع بهذه السهولة؟
- أوه الفيلم. لكم كان رائعاً!
- بالعكس لولا أداؤك الرائع لما استرعى الفيلم انتباه أحد!
- لعلك تبالغ! فعن طريقها (أي شارلي) عرفت أن لأولئك الناس قضية.

هكذا أنهت نجمت السينما الغربية في السبعينيات ديان كيتون محادثتها الهاتفية تلك مع رجل ظنت أنه أحد معجبيها دون أن تدري أنه صديقها ويليام بكلي كاتب العمود الفني في صحيفة ناشيونال ريفيو النيويوركية الذي كان يخفي عنها صوته الحقيقي من باب الدعابة.

ثم كررت النجمة السينمائية قولها في حديث صحافي آخر حين قالت: ما أحببت دوراً أنيط بي في فيلم مثل حبي لدور"شالي" في فيلم الصبية قارعة الطبل. وحين سئلت عن سر ذلك قالت ثمة شيء في داخلي ما انفك منذئذ يقول بأن لأولئك الناس قضية.

في صبيحة اليوم التالي لهذا اللقاء فوجئت الممثلة بهجوم عنيف يشنه عليها صديقها ويليام بكلي محذراً إياها من الانجراف في تيار لا تجيد السباحة فيه. لم تعر ديان كيتون كبير اهتمام لما يرمي إليه بكلي من تورية واعتبرت ذلك شيئاً من سفسطة رجال الصحف الفنية.

إلا أن بعض الصحافيين – ومنهم صحافي يسمى بودهيرتز ويعمل في مجلة اسمها كومنتاري – قرأوا بين سطور التحذير الذي وجَّه لها فلم يتوانوا في إلصاق تهمة معاداة السامية بالممثلة حتى دون أن يدركوا أنها تتحدر من أصول يهودية.

تدور أحداث هذا الفيلم عن قيام فلسطيني يقتل ديبلوماسي إسرائيلي وأسرته وتخطط إسرائيل عبر أجهزته المخابراتية لإيقاف حد لعملياته. وتتعقد الخطة الإسرائيلية بقيام الموساد بتجنيد ممثلة أمريكية (شارلي) لتتقمص شخصية صديقة أخ الفلسطيني منفذ العملية بعد أن يقوم الإسرائيليون باعتقال الأخ وتصفيته. فتجد شارلي نفسها في عالم تخطو فيه أولى خطواتها ك "ممثلة" ثم تصبح جاسوسة قبل أن تجندها القوات الفلسطينية وترسلها محملة بمتفجرات إلى جهة ما. في هكذا عالم يصعب فيه التفريق بين ما هو مطلوب "تمثيليا/إسرائيليا" وما هو غير ذلك, تتوه شارلي غير قادرة على تحديد أية كفة ترجح. ولكن استطاعت ديان كيتون بعد أن أدت دور "شارلي" سينمائياً أن تحدد (واقعيا) حين قالت عبارتها تلك التي ألصقت بها تهمة معاداة السامية التي طالت – في ذات السياق – حتى جون لو كاريه مؤلف رواية "الصبية قارعة الطبل".


(يتبع)

Post: #2
Title: Re: الصبية قارعة الطبل
Author: الزاكى عبد الحميد
Date: 06-24-2006, 04:56 AM
Parent: #1

-2-

فلو كاريه هو صاحب كتب واسعة الإنتشار مثل "الجاسوس الآتي من البرد" و"بلدة صغيرة في ألمانيا" و "طالب المدرسة المحترم". وكانت دور النشر اليهودية تتسابق إلى نيل حظوة لديه إلى أن صدرت روايته " الصبية قارعة الطبل" التي تناولت قضية الشر الأوسط بموضوعية. حينها كرس والتر لاكير Walter Laquer مقالاً مطولاً في مجلة كومنتاري Commentary لا لانتقاد الكتاب فحسب وإنما لتسليط الأضواء على أعمال لو كاريه برمتها واصفا إياها ب "الأدب الرخيص". ويذكر أن دور النشر "إياها" حاولت, في لهاث متعثر نحو غاية لا تنال ومرغوب لا يدرك, بعد نشر هذا المقال, سحب كل النسخ الموجودة في الأسواق من رواية " الصبية قارعة الطبل" واهمة نفسها بأنها بذلك إنما توقف الرواية من الإنتشار.

وذكر لاكير في مقاله أن ما يجعل هذه الرواية بغيضة إلى هذا الحد ليس هو اقتراح لو كاريه بأن للفلسطينيين قضية ولا تصوير قتل العملاء الاسرائيليين (للإرهابيين) بدم بارد, وإنما ما هو ممجوج وفج ومثير للبغض هو ذاك الجو المراوغ للمصداقية الذي يلف جميع الأوضاع غير المنطقية.

لماذا إذن مدح نقاد أمريكيون مرموقون هذه الرواية؟ يرى لاكير أن السبب وراء قيام نقاد مرموقين من مجلة New York Times Book Review و Los Angeles Times هو أنهم عرضة وبشكل غريب للحجج الفكرية دون أن يدركوا أن الحجج الفكرية تتهاوى كحجارة النرد أمام القضايا "الأثنية".

قيل هذا الكلام وما قبله حين ظهرت رواية "الصبية قارعة الطبل The Little Drummer Girl” قبل أكثر من عشرين سنة وأنتجت فيلماً سينمائياً لاقى رواجاً في بداية الثمانينيات.

وبعد أكثر من عشرين سنة من ذلك الحدث, وتحديداً قبل فترة مضت تكرر المشهد إبان زيارة قام بها إلى الأراضي الفلسطينية وفد من اتحاد الكتاب العالمي بينهم ساراماجو و ولي صوينكا.

فساراماجو، هو الروائي البرتغالي الذي نال جائزة نوبل عام 1998 في حين نالها الروائي النيجيري وولي صوينكا عام 1986. ووصف الروائيان ما شاهداه من فظائع ترتكب في حق الفلسطينيين بأنها أشبه بالفظائع التي ارتكبها النازيون في حق اليهود.

فإسرائيل التي استغلت الكارثة النازية وظلت تزايد عليها على مر العصور لا تريد لأي شخص حتى لو كان كاتباً رفيع المستوى كساراماجو وصوينكا أن يقارن كارثتهم بأية كارثة أخرى، فدماؤهم أغلى كما يتوهمون!!

كما تناولت النيوزويك في عدد لها مقالاً تحت عنوان "شبح اللاسامية الجديدة" استعرضت فيه مقالاً كتبيته طبيبة سعودية في صحيفة الرياض السعودية تصف فيه طقوس عيد البوريم وعيد الفصح اليهودي كما تناولت المجلة ما أسمته الحملة التي تشنها الصحافة المصرية على مصداقية اليهود حول المحرقة. وكتبت المجلة في نفس هذا العدد تقول: ".....وكما لو أن القصص التجديفية الشائنة لم تكن كافية فإن أحداث 11 سبتمبر قدمت لنا قصة تجديفية شائنة جديدة. فعبر العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه يتكرر نشر رواية أن إسرائيل هي اليد الخفية خلف الهجمات التي وقعت على أمريكا. ففي باكستان, وبعد أحداث 11 سبتمبر أبلغ الجنرال رشيد قريشي وهو مسؤول العلاقات العامة في مكتب الرئيس برويز مشرف, نيوزويك أن الهجمات التي وقعت على مركز التجارة العالمي والبنتاغون كانت منسقة بصورة متقنة وتم تنفيذها بطريقة في غاية الذكاء, بحيث إن من الصعب تصديق أن منظمة عربية هي التي نفذتها.."


(يتبع)

Post: #3
Title: Re: الصبية قارعة الطبل
Author: عشة بت فاطنة
Date: 06-24-2006, 05:28 AM
Parent: #2

واصل
يا أستاذ
..

Post: #4
Title: Re: الصبية قارعة الطبل
Author: الزاكى عبد الحميد
Date: 06-24-2006, 06:05 AM
Parent: #3

شكراًً أستاذة عشة على
المرور..نعم للحديث بقية..

لك التقدير كله..

الزاكي

Post: #5
Title: Re: الصبية قارعة الطبل
Author: الزاكى عبد الحميد
Date: 06-24-2006, 06:10 AM
Parent: #4

-3-

هذا المقال الذي أوردته نيوزويك في عددها ذاك تحت عنوان شبح اللاسامية الجديدة يشير فيما يشير إلى أن اللاسامية لم تعد كما كانت في الماضي قاصرة على عداوة تجاه اليهود كيهود أو اليهودية كدين وإنما هي انتقاد إسرائيل وسياساتها.

وهذا ما جعل ريتشارد ويفر Richard Weaver يطرح للنقاش في كتابه " اللغة موعظة" Language is Sermonic مسألة أننا نعيش في عالم يتصف بالتسيب والمبالغة في الوصف. فالمبالغة في رأيه هي في الأساس نوع من الجهل الذي يسمح بالتحريف ويبرره: "فعمل بعينه، إذا قمنا به نحن يعتبر "شجاعاً" أما إذا قام به العدو فهو "غير ذلك"- سياسة ما صادرة عن طرفنا، فهي "صارمة" أما تلك نفسها إذا ما تبناها العدو، فهي "وحشية" .. ذلك ما يحدث حين يستسلم المرء للاعقلانية."

ثم إننا نتساءل بدورنا هل اليهود هم وحدهم الساميون على ظهر هذه البسيطة لكي يجعلوا من اللاسامية سلاحاًَ يشهرونه في وجه من "تجرأ" وأبان الحقيقة في مسألة تمس القضية الفلسطينية؟

المعنى اللغوي لتعبير اللاسامية أو معاداة السامية هو ضد السامية وبهذا – يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية – فهو لا يقتصر على اليهود وحدهم ولكنه يشمل كل الأجناس السامية. ولهذا السبب فإن تعبير معاداة السامية هو تعبير خاطيء ومضلل من الأساس إذ أن اليهود ليسوا وحدهم الساميين حتى يكون تعبير معاد للسامية مرادفاً لمعنى "معاد لليهود" وذلك إذا افترضنا أساساً أن غالبية يهود العالم هم من أصول سامية.

أما الحقيقة فهي خلاف ذلك إذ أن السامية – والكلام للدكتور المسيري – هي التعبير الذي تعارف عليه المستشرقون للدلالة على الأقوام التي سكنت الجزيرة العربية وهاجرت منها. وضمن هذا المفهوم يكون العرب هم الذي يعنيهم المستشرقون بالساميين. أما معظم يهود العالم اليوم فلا يمتون إلى السامية بصلة. وقد جاء معظمهم من أوروبا الشرقية التي بينت الأبحاث أنهم يتحدرون من أصول خزرية, أي من مملكة الخزر التي بلغت أوجها ما بين القرنين الثامن والعاشر في المنطقة الواقعة في منخفض الفولجا في جنوب روسيا. وقد أعتنق ملكها الوثني الديانة اليهودية (786-809م) ربما بسبب أنهم قد بدأوا باحتراف التجارة وكان على التجار في هذه المناطق وغيرها أن يتهودوا حتى يستفيدوا من شبكة الاتصالات اليهودية في العصور الوسطى التي كانت بمثابة نظام ائتمان دولي. وقد تسببت الهجمات الروسية في تحطيم قوة الخزر ثم قضى الغزو التتري على من تبقى منهم في وادي الفولجا عام 1247م, فاختفوا نهائياً كمجموعة مستقلة وتفرقوا في أوروبا الشرقية. واليهود الذين يرجعون إلى أصول سامية هم اليهود العرب الذين يعتبرون في إسرائيل, مواطنين من الدرجة الثانية وتمارس ضدهم أشكال مختلفة من الاضطهاد.

وبظهور العصر الحديث ظهر شكل جديد هو معاداة السامية العنصرية. فقد ظهرت في القرن التاسع عشر فكرة القوميات وظهرت دراسات لاكتشاف "عبقرية" كل أمة وكل شعب. وكان اليهود يعتبرون أنفسهم كأمة سامية في مقابل الأمم والعبقريات الآرية. فكان دعاة الاستنارة اليهودية يعتقدون أن اندماج اليهود هو الحل الأمثل لمشكلة معاداة السامية. غير أن الصهيونية عارضت فكرة الاندماج مع الأغيار. ورأت أن معاداة السامية ظاهرة ميتافيزيقية تتعدى حدود الزمان والمكان. ومع هذا لم يخجل الصهاينة من التعاون مع المعادين للسامية ( المتمثلين في كبار نازيي الرايخ الثالث) فقد تعاونوا مع الجستابو ومع آيخمن حيث رأى بعضهم في معاداة السامية خيراً لأنها تجبر اليهود على الهجرة إلى فلسطين.

فتأمل!!