"أرشيفيات" --- قررَ أن يصبح شجرةً

"أرشيفيات" --- قررَ أن يصبح شجرةً


06-18-2006, 03:43 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1150598622&rn=0


Post: #1
Title: "أرشيفيات" --- قررَ أن يصبح شجرةً
Author: أبوذر بابكر
Date: 06-18-2006, 03:43 AM

ذات حزن
اسرج الفتى صهوة الحلم، حزم الأشواق وقفل راجعا
وعلى الأرض إلتحف صمته وأدنى منه سماوات الأمانى، وتغطى

انصهرت أقاليم دمه مع رماد حلمه وهمهمة التراب
تفتحت مداخل الرؤيا وتمطت الأشواق

الآن أحتضن النهر
أشارك أطيار الغروب كأسات رحيقها الشفقى، أغازل تلك الموجات الرشيقة، العائدة من أسفل روح النهر إلى أعلى راحات العاشقين
أجل، تلكم الأطيار الوسيمة وهى تعود من رحلة الحب والعيش، أعاقرها كأسات مزاجها من وجد وأمنيات لا تتحقق ابداً
أتقاسم البكاء والحلوى مع الأطفال، وأعبّ من دهشة النظرات فى أعينهم التى إتخذت الحياة فيها، متكأها الأول، وجنتها الأخيرة

كانت راحلة الفتى الى الأعلى، إلى أقاصى الحلم
بعض اشواق
بعض حكايات
وكثير من الوجع والصدأ

تفاجأ بأن القرية قد رهنت براءتها ببعض مصابيح مزيفة
ثم فقدت فى الأخير عذرية وجهها

قد غبت طويلا يا ايها الشقى
لكن قل لى، كيف استطعت إقناع القمر بذلك؟
كيف ارتدت كل النجمات أدعية الرحيل، وغادرت نحو الشمس
كيف رضى الطين؟
ولماذا سافر من عيون تلك النجيمات الشقية الصديقة ذلكم الفرح الطفولى القديم؟

وحين أراد الفتى معانقة البيوت
اشاحت النوافذ بوجهها، وتبللت رموشها بحبات ضوء قديم
قطب النهر الرفيق جبين موجه
ما للخطوات مرتجفة وهائمة؟ وكيف تاهت أغنيات الصيف وأعلن الخريف حداد العصافير؟
تسائل الليل فى استحياء، ثم تمتم ببعض كلمات أخر.
أراد الفتى أن يقفل راجعا حين أدرك تآمر المسافة مع جحافل الأشواق عليه
إنحاز الى الصمت ولاذ بتراب يرتدى شقاوة طفل مبتهج

وحين بدأ فى قراءة أوراد الرجوع
أدرك بأنه قد نسى الحروف، أو هى نسيته ربما، عرف أن كل ابجديات الحضور، قد إنحازت الى دفاتر الغياب

ثم وفجأة
قرر أن يبقى
أن يتعلم أسرار أبجدية الطين مرة أخرى
ينام على جفن النهر
يغرس قلبه مع رموش الضفاف الزرقاء
يمرغ حلمه فى الموج
ويكسو غناءه بإزار الشمس

قرر أن يصبح شجرة.

Post: #2
Title: Re: "أرشيفيات" --- قررَ أن يصبح شجرةً
Author: hero
Date: 06-18-2006, 04:22 AM
Parent: #1


...
..
.
أبوذر ..
صديق الأمسيات التى لاتحمل
فى طياتها سوى الشجن الجميل .. وأمنيات
بحجمك تماهيك الألق نحو مداخل
الحزن المرتق باالشوق ..

المساء هنا ذا لون خاص وطعم .. طعم المطر يا أبوذر وهو يتحدرج متغلغلا
مسام هذه الأرض الشديدة العذرية ليروى ظمأها .. ويسبر أغوارها
هنا اكتشف خارطتى من جديد وأنسرب نحو روحى متحايلا عليها
علّ ضياءها يعود كما تعود الطيور عقب مواسم الهجرة والنزوح ..
هنا ياأباذر أدرك أن للحياة معنى أخر .. وجدوى حين
يفرد الشوق جناحيه بحزن جميل توقا لعناق طويل لاينتهى أبدا
الا ليمارس الابتدأ ..
كم أود أن أحكى معك .. أتحرر من ملابسات الغربة .. شحناتها السالبة
ووجعها الذى يماسس الروح هذه التى تتشابىّ نحو الذرى العليا
توقا لتحرر عصىّ الادراك ..
اشتاق اليك كثيرا .. وأحنّ ثم اقرأك أكثر .. ففى تتبع حرف روحك العاشقة
بعض سكينه .. وهدوء للروح ...
لك من الود ياصديقى ماتعجز عن احتماله .. وصدق ...

Post: #3
Title: Re: "أرشيفيات" --- قررَ أن يصبح شجرةً
Author: Sidig Rahama Elnour
Date: 06-18-2006, 04:44 AM
Parent: #2

أباذر يا شقيق
بمثل هذه المقاربات توشحت جميع المدن والقرى ، ولم يبقي من الماضي متكىً نستجر من ملامحه لقمات النستولوجيا ..........
يا الهي كل القرى والمدن هاجرت ملامحها القديمة وتواطأت مع الحداثة وأسست لواقعٍ لايشابهها ، ولم تجد مستقبلاً يقبل بها فضاعت هويتها بين الدروب
حتى الأنسان تنصل من طينته وأختلفت معاقرته للآخرين والأفراح والأتراح ...
النستولوجيا نفسها أصبحت إفتراضية فلاتكأد تجد مقطعاًً قديماً تحاور فيه أسرار الحنين فتنتابك وحشة الأفعى وعزلة الذئب ...
أخاف أن يطال هذا الإفتراض جذوع الأشجار وورقات الإنسان حتى لايجد مايقرره ملامحاً لصيرورته القادمة ...

Post: #6
Title: Re: "أرشيفيات" --- قررَ أن يصبح شجرةً
Author: أبوذر بابكر
Date: 06-19-2006, 00:16 AM
Parent: #3

العزيز صديق رحمه

تحايا وتقدير

الحنين فى أعلى مراتبه، هو منازلة الروح والغياب، مسافات الزمن التى يغطيها غبار الدم الحزين، ومسافات المسافة التى لا أشجار فيها وعلى جانبى ضفتى قلبها الحجرى الصلد، ليس فيها سوى أشباح من سراب التوهم، وأرتال من أغنيات الحسرة العتيقة

وفى كل يوم تؤكد هذى وتلك نيتها التى لا تتزعزع ابدا فى مواصلة التامر والكيد

هذه كتابة قديمة قِدم الأسى فينا

وسنأوى إلى حقل يعصمنا من الغرق
وإن غصنا إلى قعر جحيم الغياب

سنحيا مجددا فلحم الفينيق وعظمه، من الجمر

Post: #8
Title: Re: "أرشيفيات" --- قررَ أن يصبح شجرةً
Author: أبوذر بابكر
Date: 07-09-2006, 02:58 AM
Parent: #6

قرار

Post: #9
Title: Re: "أرشيفيات" --- قررَ أن يصبح شجرةً
Author: Muna Khugali
Date: 07-09-2006, 03:09 AM
Parent: #8

حمـدلله علي.سـلامتكم..

ومـرحـب بالعـودة الجميلة..

مـني

Post: #10
Title: Re: "أرشيفيات" --- قررَ أن يصبح شجرةً
Author: أبوذر بابكر
Date: 07-09-2006, 04:48 AM
Parent: #9

شكراً يا منى
على الترحاب الجميل
وإطلالة حرفك الأخضر النبيل

وكل المنى الطيب ليك

Post: #4
Title: Re: "أرشيفيات" --- قررَ أن يصبح شجرةً
Author: أبوذر بابكر
Date: 06-18-2006, 08:24 AM
Parent: #2

يا هيرو
سلام على حرفك السماء، وود عليك يا رفيق المعنى
فى أقصى حدوده التى لا تطال

ففى كل مساء يا صاحبى
تنفتح نوافذ الحنين ، علها تظفر بقليل من تلك الرائحة التى توارت خلف جدران الأسى، أو ربما ثمة ترقب ليس خلفه سوى الإستحالة، لسرب طيور تأتيك بيقين أن هناك أرض خلف هذا السديم المسيطر فوق كل جهات الروح

أرض تسكنها كائنات تهبك الحياة كاملة من غير سوء، حياة مغموسة فى ندى الإلفة ومعطرة بشذى الفرح السرمدى الذى لا ينتهى

لكنها الجدران
تقف بين أقدام الروح ومسافات المنى، تقف شاهرة لؤم الغياب وكل أنصال الجوى

كان هذا قبل ما يزيد على الأربع سنوات، وما تغير الحال والله يا صديقى

هو ذات الحريق
ذات الحريق

طالت المسافة وازداد عرض الحنين

وتجدنا فى كل آن وحين نهتف وننادى

أن عمدنا
يا وهجَ الأمسِ
بضياءِك المسكون
بطعمِ العمرِ
بماءِ الأفراحْ
أو
خذ الحياةَ رهينةً
ودعِ النزيفَ
مطلقَ السراحْ

غرقتُ

حين أنشدنا الليلُ
أغنيةَ البكاءِ
سيّرَ العشاقِ
حكايات الحيارى
قصصَ العناءِ
وكلَ تواريخِ النواحْ

أفقتُ

رأيتُ النهرَ
فوق غيمةٍ زرقاءَ
يمشى
حافى العينينِ
وبكفِه الوريفِ
يداعبُ المدى
يسامرُ الرياحْ

ثم سجدتُ



ولك يا هيرو كل عطر التحية وأريج الود

Post: #5
Title: Re: "أرشيفيات" --- قررَ أن يصبح شجرةً
Author: ابو جهينة
Date: 06-18-2006, 08:37 AM
Parent: #4

أبا ذر
أيها العزيز

Quote: وحين أراد الفتى معانقة البيوت
اشاحت النوافذ بوجهها، وتبللت رموشها بحبات ضوء قديم
قطب النهر الرفيق جبين موجه


و ما لم تقله ، و لكنني أعرف أنه بكوامنك :

و شمرتْ شوامخ الجبال عن ساقيها لتلج لجة ماء السراب المترقرق على خط الأفق ..

لله درك

Post: #7
Title: Re: "أرشيفيات" --- قررَ أن يصبح شجرةً
Author: أبوذر بابكر
Date: 06-19-2006, 00:24 AM
Parent: #5

العزيز جلال

لما أدارت الأشياء وجوهها عن فجيعة الفتى المكلوم وأرخت سدول جفوتها على حميميتها القديمة، كان فى خاطر الفتى الكثير

ربما كانت تلك الجبال، جبال محبته العتية ورغبته العظيمة، فى احتضان طين البيوت وطين الأجساد

أحييك يا صاحبى ولا أراك الخالق كبَدَ الحنين