دخــان الطلح والعبير الفواح

دخــان الطلح والعبير الفواح


06-17-2006, 03:35 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1150554929&rn=0


Post: #1
Title: دخــان الطلح والعبير الفواح
Author: bob
Date: 06-17-2006, 03:35 PM



بقلم/ يحى فضل الله

يتخلخل الدخان بين مسامات جلدي، أحس إني انتمي إلى تلك النداوة، دخان


الطلح يتسرب من بين فتحات النافذة المغلقة ومن بين فتحات باب غرفتي المغلق، هذا الصباح، جلست على حفرة الدخان، أحاول بذلك أن أمنح جسدي نداوته، أهيئ نفسي للدخول في تحقيق حلمي بزواجي من "عبد الباسط" من وراء كثافة الدخان داخل غرفتي أتأمل اللوحة المعلقة على الجدار الذي أمامي، بخط يدي كنت قد كتبتُ هذه الجملة الشفيفة، كان ذلك أيام دراستي في كلية المعلمات، لا زلت أمارس علاقتي بفن الخط، من وراء غلالة الدخان، تتعلق عيوني بحروف تلك الجملة، كل حرف فيها يعيدني إلى ذلك الزمن الجميل، عيوني تمتص حروف تلك الجملة:

"ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء"

أتأمل هذا التضاد المعلن بين الحروف السوداء وبياض الورقة الذي كُتبت عليه، البرواز تآكل بعض الشيء، أحس بالدخان وهو يخرج متسرباً من بين فتحات الشملة تحت أقدامي ومن على عنقي، أحس به يداعب أحلامي، ها أنذا أدخل في محمرة من العبق عذا الصباح وكأني أدخل مجمرة عواطفي تلك التي تحرضني على حياة جديدة، جديدة ولكنها تعربد فيها أحلامي القديمة، أتابع بعيوني حركة الدخان الشفيفة وأحس بأن جسدي ينضح بالنداوة، بعد أسبوع سيتم عقد قراني بعبد الباسط، بالأمس جاءني عبد الباسط، جاء وقد ترك خلفه كل اعتراضات أسرته على زواجه بي، حكى لي كيف أن أخاه "حسب الرسول" اعترض على هذه الزيجة ولوح في وجهه بأن الأسرة كلها ستقاطعه إذا تم ذلك الأمر، أنها نفس تلك الدائرة القديمة التي عصفت بأحلامي وأحلامه، جاءني عبد الباسط وقد حسم أمره تجاه كل تلك الاعتراضات جاء منتمياً إلي وخرج بعد أن حددنا موعد عقد القرآن، وها أنذا أجلس هذا الصباح على حفرة الدخان، أدخل هذا الطقس الأنثوي منتمية إلى البحث عن نداوة جسدي، منتمية إلى عاطفة بكر برغم كل تراكمات السنين والأحداث، تراكمات الوقائع وانكسارات الأحلام، تراكمات تراكمات، أهرب منها وأراني صبية تحلم بفارس أحلامها، الدخان يتسرب من بين ثنايا الشملة موزعاً لهيب عاطفتي تلك على كل أنحاء الغرفة أذوب بكل مسامي في اشتهاءاتي لتلك اللحظة الاندماج مع "عبد الباسط" أنظر إلى الساعة الموضوعة على المنضدة القريبة مني كي أعرف كم من الزمن قد قضيته داخل الشملة، أتناول صندوق السجائر من على المنضدة، أشعل سجارتي كي أضيف نوعاً آخر من الدخان إلى ذلك الدخان الخاص الذي يتحسس أنوثتي المهيأة تماماً للدخول في حياة جديدة ستعيدني حتماً إلى خصوبتي، ترى هل لازلت خصبة؟ كم يقلقني هذا السؤال، لا تحتمل الأنثى فقدان الخصوبة، أتلذذ بسيجارتي، أغرق في استرخاء عميق، اعتلي قمة شهوتي، أتحسس انفعالاتي الأنثوية النقية والدخان يعبق، يملأ فضاء الغرفة، عطر الطلح يقذف بي إلى هناك إلى حيث تتجوهر أنوثتي معلنة رغباتها الخفية، إلى ذلك الإحساس الشفيف الذي ينبض بين عروقي تلك التي أحس بها وقد تهيأت لخصوبتها، أغمض عيوني وأرحل في عوالم اشتهاءاتي، أغفو وأراني أوزع عاطفتي ورغباتي في خيوط الدخان الي يلفني ويتسرب من بين ثنايا الشملة، أنا أجلس على نار شفيفة تجادل أنوثتي وتذهب بها نحو تلك النداوة، أموع بين كثافة الدخان المعطر، أصابع قدمي أحس بها ندية، اتحسس بأناملي الساقين وأتحسس نداوة جسدي وأنا داخل هذه المجمرة، العرق ينتح من جسدي بسبب تلك السخونة التي أغرق جسدي فيها، أطفئ سيجارتي وأنظر مرة أخرى إلى الساعة واحس بأني مكتفية هذا الصباح بهذا القدر من البحث عن نداوتي، أزيح الشملة من على جسدي وأنهض، أتأمل جسدي وقد بدأ يتجد بدخان الطلح، اطفئ برشة ماء حفرة الدخان، ارتدي ملابسي واسترخي على السرير، أشعل سيجارة أخرى، أفتح النافذة كي يتجول ذلك الدخان المعطر في الفضاء، أفكر في الخروج، لا بد من ذلك، أفتح باب الغرفة، أجلس على العنقريب في الراكوبة، أكمل تلذذي بالسيجارة، أشرب كوب ماء من الزير، أدخل غرفتي مرة أخرى، ارتدي ملابس الخروج، أحس بي خفيفة كنسمة في هذا الصباح، أسقي شجرة الليمون الصغيرة، أحواض الزهور، أفتح الباب الخارجي أغلقه بالمفتاح من الخارج.

ها هي "حبوبة بتول" تجلس أمام بيتها، لا استطيع أن أتفاداها، لابد أن أمر بها اقتربت منها وها هي تستقبل قدومي إليها بلهفة.

-"صباح الخير"

-"يسعد صباحك، على وين؟"

-"مشاوير قريبة"

-"هي كدي تعالي شوفي البامية دي"

-"بجيك راجعة"

-"الرسول كان تجئ"

لا مفر منها أبداً، غيرت اتجاهي إليها

-"البامية دي سمحة وحاتك، بتخاطفوها أخلي ليك منها، كومين ولا تلاتة"

-"كويس، خلي لي ثلاثة أكوام"

-"أها دحين وين ماشة"

-"مشاوير قريبة بجيك راجعة"

-"الرسول كان تقعدي، خشم خشمين"

-"بجي بعدين أتونس معاك، أنا مستعجلة يا حاجة"

-"العجلة من الشيطان، هي الدنيا دي طايرة؟"

نهضت من جلستها واقتربت مني متحمسة وملأت أنفها بدخان الطلح الذي يعبق مني.

-"كدي كدي، دخان السرور، الدخان ده شيلتي الصباح ده ولا شنو"

-"أي يا حاجة بتول، أها خليتك بي عافية"

وتحركت منها إلا أنها لاحقتني بخطواتها وأمسكت بيدي وجرجرتني نحوها

-"هي تعالي، ما سمعتي نفيسة قالت شنو؟"

-"نفيسة منو"

-"نفيسة أخت عبد الباسط"

-"أها مالا"

-"وحاتك قالت مريم دي ما بتخلي عبد الباسط ألا يمشوا لي فكي"

-"فكي"

-"أي وهسة قالوا الليلة ماشين فريق الفلاتة الوراني عشان يطفشوا عبد الباسط ده منك، هو العرس متين يا مريم"

-"بعد أسبوع"

وهربت من إلحاح "حبوبة بتول" وصوتها يلاحقني

-"يا بتي كان في قسمة خلاص، إلا عاد كان ما في قسمة دخانك ده يبقى بندق في بحر ساكت"

هربت منها وأعرف أن موضوع دخاني سيكون بمثابة خبر جديد ستنتقل به "حبوبة بتول" بين أذان نساء الحي، لا يهم، أدلف إلى ذلك الزقاق الضيق الذي سيخرج بي إلى تلك الفسحة أمام السوق، خطواتي أحس بها خفيفة، نادراً ما أخرج في الصباح ولكن هذا الصباح كانت بي رغبة حارقة في الخروج، لابد من البحث عن الشيخ "مصطفى الدرويش" غيابه عن مملكة الأحلام أصابني بنوع من القلق، لا احتمل هذا الغياب خاصة وأن الشيخ "مصطفى الدرويش" يمر بهذا التحوّل إضافة إلى أن وجوده في عقد قراني أمراً له وقع خاص عندي، لذلك قررت أن أبحث عنه، كنت أمسع أنه لم يعد يتجول كعادته لذلك قررت أن أذهب إليه في منزله بحي "العصاصير" خرجت من ذلك الزقاق إلى تلك الفسحة متجهة إلى السوق، لا بد من عبور السوق حتى أصل إلى حي العصاصير، أحس بخطواتي تمتكل نشوتها الخاصة وأنا أقترب من السوق، حركة الصباح في السوق تشعرني باستمرار الحياة، زحمة زنك الخضار الحميمة، الأكشاك الصغيرة المرصوصة في الجانب المقابل للجزارة، عربات الكارو التي تقودها الحمير تربط بين أول السوق وآخرها منتقلة بأصناف مختلفة من البضائع تحمل وتفرغ ويتجه بعضها إلى "السوق البرة" أحس بالعيون تتابعني وأنا اقترب من الجزارة، كنت أريد أن أسال "حمد الجزار" عن الشيخ "مصطفى الدرويش" لعله يعرف شيئاً عنه، أقتربت من تربيزة "حمد" استقبلني ببشاشة معلنة.

-"خطوة عزيزة يا مريم"

-"أزيك يا حمد"

-"مرحب بيك يا مريم، عايزة لحمة"

-"لا أبداً"

كان "ود النصيح" يقف أمام تربيزة "حمد" فاحتج بصوته الواهن قائلاً: "ما تمشيني يا ولدي"

-"كدي بايع جدك ده أول"

كان "ود النصيح" قد تجاوز السبعين لكنه كان لا يتخلى عن حيوته مطلقاً.

-"أها يا جدو، طلباتك"

-"أديني أوقتين ضأن"

ابتسمت أنا وقررت أن أتابع هذه المبايعة ذات الأصداء القديمة، لا زال "ود النصيح يتعامل بالأوقة هو الآن في حالة خرفه ذلك الطريف، يتعامل بأسعار قديمة، أسعار الأربعينات، مسجون في ذلك الزمن القديم، يتعامل مع كل الأسواق بأسعار ذك الزمن والغريب أنه يتملك عملة ذلك الزمن يتعامل بالمليم، يقال أنه كان يدخر تلك العملة القديمة بدفنها تحت شجرة مهوقني كبيرة في منزله، وقد أخرج ذلك الكنز في لحظة تجلي وأصبح يتعالم بتلك العملة القديمة في سوق البلدة، يدفع بالمليم في زمن أصبحت فيه الأسعار بالجنيهات وأجبر "ود النصيح" و"حمد الجزار" الذي يحاول أن يجد موازنة بين معيار "الأوقة" القديم ومعيار "الكيلو"، بعد أن جهز "حمد" طلب "ود النصيح الخرافي، أدخل "ود النصيح" يده في جيبه وبأصابع مرتجفه بفعل الزمن وتلك الشيخوخة التي يحاول أن يتمرد عليها أخرج مبلغ ثلاثة ملاليم وأعطاها لحمد الجزار الذي أخذها منه قائلاً: لكن يا جدو، الأوقة ما بقت بي مليمين" وهنا صرخ "ود النصيح" في وجه "حمد" الجزار مشهراً سبابته المرتجفة في وجهه.

-" يا ود أنت حرامي ولا شنوا، متين بقت الأوقة بي مليمين، الأوقة بي مليم ونص فقط.

-" وحمل "ود النصيح" لفافة اللحم ووضعها داخل تلك القفة القديمة وتحرك بخطوات مرتجفة بينما شاركت "حمد الجزار" ضحكته تلك الحميمة وابتعد "ود النصيح" عن الجزارة متجهاً إلى زنك الخضار بملاليمه تلك وبخرفه ذلك الذي سجن ذاكرته في زمن قديم.

-"أكتر زول مُروق في البلد دي هو جدك "ود النصيح"

-" والله مُروق، هسع يا حمد الملاليم دي بتعمل بيها شنو؟"

-" ما مشكلة، هو ما بشترى اللحمة إلا مني وبعد ذلك بحاسب أولادو، أولادو متفقين معاي على كدة"

-"قلت ليك يا حمد، قريب ده شفتا الشيخ مصطفى الدرويش"

-"لا ده اختفى من السوق خالص ما قاعد يجي ليهو زمن"

-" يعني كان مشيت بيتم في العصاصير بلقاهو؟"

-" والله يا مريم علمي علمك"

-" طيب مع السلامة"

مررتُ بكشك المرطبات الذي كان يعمل فيه "علي" لازال الكشك مغلقاً، عاودني ذلك الإحساس الكثيف بالفقد، كنت حين أتى إلى السوق لابد أن أمر بـ"علي" كان هذا المكان تضج فيه الحيوية، ها هو الآن تسيطر عليه الكآبة، حين اقتربتُ من صف الدكاكين لمحني "جاد المولى" واعترض طريقي بوقاحته الأزلية، يبدو أنه سمع بمشروع زواجي من "عبد الباسط" نظر إلى بقسوة قائلاً:" ما كنت عارف يا مريم أنك بتكرهيني للدرجة"

-" هسع إن شاء اله تكون عرفت"

وأزحته من طريقي وتجاوزته متجهة إلى الشارع الضيق الذي سيؤدي بي إلى حي "العصاصير"، تركت ضجة السوق الصباحية خلفي، أحس بخطواتي متلهفة إلى لقاء الشيخ "مصطفى الدرويش" ذلك الكائن الشفيف تُرى هل سأجده؟ سبق أن زرته في هذا البيت، عاودته فيه حين كان مريضاً بالملاريا، له غرفة بعيدة عن باقي الغرف في البيت، يبدو أنه كان منعزلاً عن أفراد أسرته المكوّنة من والدته المقعدة بسبب الشلل وأخته الوحيدة العانس وأخيه "محمدين" مع زوجته وأولاده "محمدين" هو الذي يدير تلك العصارة التي تركها لهم والده "محمدين" ترك الشيخ مصطفى الدرويش لتهويماته الصوفية ولم يحاول إجباره على العمل في العصارة، كانت العلاقة بينهما حميمة أو هكذا أحسستُ بذلك حين زرته.

اقتربت الآن من حي "العصاصير" وتستقبلني روائح المكان الخاصة، رائحة السمسم المعصور وأصوات جمال العصارة تلك المنهكة والمختلطة بأصوات العصارة نفسها، أدخل في زقاق ضيق وأدلف يميناً إلى حيث يوجد بيت الشيخ "مصطفى الدرويش" أنقر بأصابعي على الباب، تفتح لي طفلة صغيرة هي بنت "محمدين" أدخل إلى الداخل، أرفع صوتي بالسلام تخرج "رقية" أخت الشيخ مصطفى العانس من الغرفة القريبة إلى الباب، تبدوا عجفاء ويابسة الملامح تعتصرني يدها المخشوشنة بالسلام.

-" اتفضلي"

وأدخل معها إلى الغرفة تجلسني على السرير، تتفحصني بنظرات فيها من الفضول ما يكفي لارتباكي، تخرج من الغرفة، أتجول بنظراتي حول الغرفة تدخل "رقية" حاملة كوب ماء، قبل أن أشرب أسألها.

-"مصطفى موجود"

-" مصطفى أخوي سافر الصعيد"

-" متين"

-" قبل أربعة أيام"

-" إنشاء الله خير"

-" خير"

-" مشي لي غرض يعني ولا"

-" والله يا هو سافر إلا ما قال لينا غرضو شنو"

-" ما قال بجي متين"

-" كان ما جاء الليلة بجي باكر، أنتي مغروضة فيهو؟"

-" والله طوّل ما جانا، قلت أشوفو مالو"

-" كتر خيرك"

-" ممكن أخلى لي وصية، يلقي عندك ورقة وقلم"

ونهضت رقية مدهوشة وبحثت عن ورقة وقلم وجاءتني بقلم رصاص وكراسة قديمة، نزعت منها ورقة وكتبت عليها:

الشيخ مصطفى

تحياتي وودي

لماذا هذا الغياب؟

أسمع عنك أخبار غريبة

حضرت إلى منزلكم وعلمت أنك

سافرت إلى الصعيد

سأتزوج عبد الباسط

لابد من حضورك

احتاج إليك

اختك مريم"

طبقتً الورقة ومددتها إلى "رقية" التي كانت تنظر إلىَّ بدهشة لا توصف

-" لمن يجي أديهو الورقة دي"

وهممت بالوقوف كي أخرج وخرجت "رقية" من دهشتها لتقول لي

-" هي عليك النبي أفطري معانا"

-" معليش، مشواري طويل"

-" هي ما الفطور جاهز، عليك النبي كان تقعدي"

ولاحقتني بإصرارها ذلك الحميم حتى خرجت.

في عودتي عبرتُ السوق، اشتريتُ بعض الحاجيات، كانت الحركة في السوق قد هدأت قليلاً وحين خرجت من السوق إلى تلك الفسحة تكاثف في القلق على الشيخ "مصطفى الدرويش" ضجت في ذهني التساؤلات، كنت أرغب أن أعرف ما الذي حدث له، ما سر هذا التحوّل الذي سمعت عنه، خطواتي أصبحت هامدة بعض الشيء وأنا أعود دون أن التقي به، في طريقي إليه كنت أحس أنني أركض نحو رغبتي في اللقاء به وها أنذا أعود بخوات هامدة ودون أن التقي به ترى هل سيعود؟

عبرت الفسحة ودخلت في ذلك الزقاق، في منتصفه قابلني "حسب الرسول" شقيق "عبد الباسط" الأكبر قادماً من الجهة الأخرى بدراجته وحين وصلني نزل من على الدراجة وقذف بها على الأرض واندفع نحوي، صارخاً في وجهي.

-" شوفي يا مريم، أنا مشيت ليك في البيت، أبعدي عن عبد الباسط ولا ما حا يحصل"

-" أنت مالك هايج كدة"

-" والما بهيجني شنون، شوفي يا مريم قصر الكلام عبد الباسط مصر يتزوجك ونحن في البيت البيت كلو رافض العرس ده ولو ده حصل نحن حنتبرأ منو، لا هو مننا ولا نحن بنخضو، عشان كدة أنا جيت أقول ليك ما في داعي للزواج ده ما معقول يا مريم الموضوع ده اتحسم زمان تاني الرجعو شنو؟ دي حكاية غريبة".

أزحته عن طريقي وتجاوزته، لكنه ظل يلاحقني بالشتائم والصراخ حتى أن أبواب البيوت على جانبي الزقاق قد فُتحت وأطل منها، الفضول الذي احتل عيون الذين على تلك الأبواب وخاصة عيون النساء، لم أهتم بصراخه وشتائمه وهو يتابعني وأنا أعبر ذلك الزقاق، أعبر الفضول القاتل، خرجت من الزقاق و"حسب الرسول" يقود دراجته خلفي ويشتمني وأنا أمشي، مررت بحاجة "بتول" و"حسب الرسول" خلفي بشتائمه الصارخة وصلت إلى باب بيتي وانضمت "حبوبة بتول" إلى ذلك الحدث وتركت مكانها وتابعت "حسب الرسول" وشتائمه اقتربت مني وأنا أمام بيتي، قذف مرة أخرى بدراجته على الأرض واقترب أكثر مني وأنا ألوذ بصمتي وأحاول أن أدخل المفتاح كي أدخل بيت، صرخاته الشاتمة جعلت أبواب الجيران تفتح ليصبح لهذه المشاجرة جمهور من نساء وأطفال الجيران وبعض العاطلين من الشباب، "حبوبة بتول" تقترب أكثر بتلذذها المعتاد وحين تمادي "حسب الرسول" أكثر وجذب يدي ليسقط المفتاح على الأرض، حاولت أن أتمسك بصمتي وحين صرخ في وجهي قائلاً "شوفي نحن دمنا ما بنخلطوا بدم الخدم والعبيد"

وبقوتي كلها، صفعته على وجهه صفعة قوية حتى كاد أن يسقط مترنحاً على الأرض وحاول أن يرد صفعتي ولكني صفعته مرة أخرى وبقوة أكثر حتى وقع على الأرض وتدخل بعضهم بيني وبينه، التقطت المفتاح من على الأرض وفتحت بابي ودخلت وأغلقته خلفي ولاحقتني شتائمه اللاذعة والصارخة وأنا استلقي منهكة على العنقريب في الراكوبة وأخرجت آهة عميقة من داخلي ضد كل تلك الضجة التي في الخارج.


bob
ــــــــــــــــــ
***
قمت بانزال هذا البوست فى سنة 2002 منقول من الارشيف