عرب متأفرقة أم افارقة مستعربون (1-2)

عرب متأفرقة أم افارقة مستعربون (1-2)


06-08-2006, 05:33 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1149741182&rn=2


Post: #1
Title: عرب متأفرقة أم افارقة مستعربون (1-2)
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 06-08-2006, 05:33 AM
Parent: #0

ابعون عاما على الغابة والصحراء .. دور الاثنية في الهوية (1-2)
عرب متأفرقة أم افارقة مستعربون
بقلم : محمد المكي ابراهيم‎ ‎
(الغابة والصحراء) تلك المدرسة الادبية التي شهد ميلادها عام 1962 كان لها ‏شرف إقتراح رؤي فكرية تجوز كإجابات على موضوعة الهوية في جانبها الادبي ‏المتصل بالحيوات أجمع، حيث للشعراء بحثهم إلى صدفة الحال وتلاوينهم البلاغية ‏التي تنفذ وراء مشهد الواقع عبر ملاحظات تأملية وتنبؤات صوفية وغوص لا ‏منتهي في السدرة العليا للاشياء.‏

إن هذه الحركة الثقافية التي إبتدرها شعراء في قامة الرواد من جيل الستينات محمد ‏المكي إبراهيم ومحمد عبدالحي والنور عثمان أبكر لهي أحق بأن تكون مورداً في ‏فترات المد والجزر للحوار الفكري والثقافي المتفحص، وما أحوجنا إليه، ومجالا ‏للبناء في متراكم الجدل الايجابي حول عناصر الهوية السودانية بما يضيف إليه ‏ويجود متونه ويرتق ثقوبه ويوجد عافيته، وذاك أثر أبقي كعلامة صحة في الجسد ‏القومي وكدليل قوة يفيد حيوية المشهد الثقافي ويوصله بجذوره.‏

أكثر من أربعين عاماً، وتيار الغابة والصحراء ما يزال يلقي بتأثيره علي جهة ‏الصادر الفكري والسياسي والثقافي والادبي والفني والديني حتي، أتاحت لشاعرنا ‏الكبير الاستاذ محمد المكي إبراهيم سانحة للبوح ببعض منثوره الواعي بالمشكل ‏السوداني وقراء السوداني، لعلهم، علي وعد أن تتري إسهامات شاعرنا الكبير فيما ‏نأمل أن يتولد حوار خلاق لما جاد به أستاذنا المكي عبر هذا المقال:‏

‏(السوداني)‏
مضت أربعون عاما على مولد الغابة والصحراء كتيار في الأدب السوداني وفي ‏الشعر بالذات. وإذ يلتفت المرء إلى الوراء ناظرا في ملابسات الولادة والنشوء لهذه ‏المدرسة الأدبية فان ما يسترعي النظر هو تمددها السريع ثم اندثارها السريع في ‏صحراء القبول المتعجل والرفض المتعجل الذي يميز الممارسة الثقافية في ‏السودان.فبعد المناوشات الأولى مع رافضيها من متنطعة العروبيين بدا وكأنها قد ‏لامست شغاف القلب من الكثيرين وشجعتهم على البوح بدخائلهم كمهجنين يغالطون ‏واقعهم وينسبون أنفسهم إلى عرق يريدهم ولا يريدهم، فهو يراهم في بعض الأحيان ‏إضافة للعدد والموارد وأحيانا يرى في انتمائهم إليه إزدراءً به وتحقيراً. وزاد من ‏مظهرية القبول تلك الدعوات التي برزت إلى الوجود منتحلة لباس الغابة والصحراء ‏أو ملتبسة بها مثل تجمع ابادماك ودعوة السودانوية ،وكلاهما لم يأت بجديد ولم يقدم ‏إضافة للفرضية الأساسية. وفي هذا الصدد بالذات لم يحفل احد من مبدعي الحركة ‏بالاحتجاج أو المغالطة باعتبار أن الغابة والصحراء هي أصلا دعوة فنية لإنتاج أدب ‏وفن يعبران عن حقائق وجماليات سودان يعي ذاته ويحبها. أما حين يخرج ‏الموضوع عن نطاق الأدب ويذهب إلى مجالات الاجتماع والانثربولوجيا ودراسات ‏الهوية فانه يكون عندئذ متروكا لطارقيه.‏‎ ‎

لم تكن الغابة والصحراء معادلة من معادلات الجبر أو نموذجا من نموذجيات ‏الاقتصاد وإنما كانت اعترافاً بالغ البساطة بحقيقة متناهية الوضوح هي الهجنة ‏العرقية للسودان الأوسط ووقوعه في منطقة التنازع بين ثقافة عربية ودم أفريقي. ‏وهي حقائق تعيش على السطح في سيماء السحن والوجوه التي تشير جميعها إلى ‏شعب أفريقي الأعراق تبنى ثقافة شرقية. والوجه الآخر لنفس العملة يرينا شعباً ‏عربياً اندمج في الأعراق الأفريقية وطرأت عليه تغيرات مهمة ولكنه ظل محافظاً ‏على العناصر الأكثربروزاً في ثقافته وخاصة لغته التي لتفوقها التعبيري أصبحت ‏صلة الوصل بين اقوام البلاد .‏‎ ‎

وللمرء ان يتساءل :إذا كانت تلك الوقائع من قبيل المسلمات فلماذا المبادرة إلى ‏تقريرها ودعوة الناس إلى الاعتراف بها طالما هي بكل ذلك الوضوح؟ وما هو ‏عنصر الجدة والمبادرة أو الريادة إن شئت في أن يتصدى شباب جامعي لترديد تلك ‏المسلمات؟‎ ‎

لم تكن الحال هي الحال في مطالع الستينات ففي تلك الحقبة وما سبقها كان ‏السودانيون يعضون على عروبتهم بالنواجذ في صورة متشددة من صور التمسك ‏بالنقاء العرقي. فقد كانت القبلية حية بين سكان السودان الأوسط وكانت تفرض ‏تراتبية معينة على المجتمع بحيث تأتي قبائل النهر المستعربة في المقدمة تتلوها ‏قبائل النهر النوبية (دنقلة ومحس وحلفا) وفي نهاية السلم الاجتماعي يقبع أهل ‏الغرب وجبال النوبة فالجنوب.وفي ذلك المناخ لم يكن هنالك من يستطيع المجاهرة ‏بأن له نسباً يعيده إلى أصول غير عربية إذ كان ذلك كافياً ليجعل الناس تتحدث من ‏وراء ظهره بما يحرمه من الصهر والإصهار ويهبط بمكانته الاجتماعية من ‏الانتساب الى العرق المتفوق إلى نسل المستعبدين وضحايا الاسترقاق. ‏

وفي نفس الحقبة -أعوام 1963و1964- كانت الحرب بين الشمال والجنوب تشهد ‏فترة ملتهبة من أطوار عنفها الدوري فقد لجأت الحكومة العسكرية لتلك الايام الى ‏اقسى تدابير القمع ضد المقاتلين الجنوبيين وكانت أنباء القتل والإحراق وتصفيات ‏المثقفين الجنوبيين تتسلل الى أسماع المثقفين الشماليين وضمائرهم فتشعل فيها ‏الرفض والاستنكار للفظائع التي يجري ارتكابها باسم الشطر الشمالي الذي ينتمون ‏اليه.وكان من المصادفات المعبرة أن هبت ثورة اكتوبر 1964في مدى عام واحد ‏من ظهور حركة الغابة والصحراء بمناسبة تخص الجنوب السوداني وتهدف الى ‏الاقتصاص له من الحكم الذي مارس ضده كل تلك القسوة والفظاعات.‏‎ ‎

في تلك الأيام التي تدير الرأس بدا لنا ان الاعتراف بالهجنة العرقية ربما يتكفل ‏بتحقيق التقارب المطلوب بين مكونات البلاد الإثنية ويلغي الحرب التي كانت تخاض ‏على اعتبار انها حرب العرب على الأفارقة. ومتى اعترف العرب المزعومون بانهم ‏أفارقة سود تجمعهم اواصر القربي بأعدائهم المتوهمين فان ذلك يفتح الأبواب أمام ‏السلام ويضع نقطة الختام لحرب سخيفة سيئة التسمية.وكانت الحركة في مجموعها ‏حركة أدباء شباب فقد نأت عن الحراك السياسي واستهدفت وجدان الجمهور ‏القاريء لتوحي اليه من خلال الاشكال الأدبية أن يجد الشجاعة الكافية ليعترف بذاته ‏الحقيقية ويحبها ويحب شركاءه في الدم والوطن.‏‎ ‎

في ذلك المناخ المتشدد المريض جأرنا بقولتنا فكان ذلك نوعاً من الزلزال الفكري ‏استدعى المقاومة والإنكار من المجتمع. واتخذت المقاومة شكلين كان أفضلهما ‏الرفض الصريح لفكرة الهجنة والنسب المدخول.أما الشكل الآخر فكان التجريح ‏الشخصي والتشكيك في الدوافع. فالأفضل كثيرا أن تجد من يقول لك انك مخطيء ‏وعرب السودان كلهم عرب اقحاح وهذا السواد الذي يجلل سحنهم هو من فعل ‏الشمس أو النسبة الامومية التي لاتقدم ولا تؤخر لأن الانتساب يكون للآباء وليس ‏للأمهات والجمل ينقاد من الأمام وليس من الخلف كما يعبر المثل السوداني. ولكنك ‏تجد من يقاوم فكرك بتجريح شخصك مؤكدا لك انك أنت وحدك مدخول النسب..أنت ‏فلاتي،أنت غرباوي تريد أن تضمنا إلى زمرتك ولسنا منها- نحن عرب نسبتنا ‏مؤكدة إلى العباس وأبي بكر الصديق وجابر بن عبد الله.‏‎ ‎

ثم هنالك ما هو أوفر مكرا وحيلة ،إذ هنالك من يقول لك أنت راغب في الهروب من ‏مقدسات المجتمع السوداني وتريد أن تتحلل من التقاليد هارباً إلى مجتمع أفريقي بلا ‏خلق ولا اخلاق..أنت ضحية قراءاتك للمستشرقين البريطانيين الذين أوحوا إليك أن ‏في السودان أقواماً ليسوا من العرب وان أنسابنا الصحيحة هي أنساب منتحلة وكل ‏ذلك كلام استعماريين.بمثل هذه الترهات فاه صديقنا الدكتور عبد الله على ابراهيم ‏وذلك انه في حرصه على نشر كامل تراثه وتكبير كومه أعاد نشر مقالة قديمة عفى ‏عليها الزمن هي مقالته الموسومة(الآفروعروبية: تحالف الهاربين) وسنعود اليها بعد ‏حين لنوضح كيف أصبح صديقنا القديم في طليعة الهاربين الى الجنة الأمريكية حيث ‏ما زال يقيم.‏‎ ‎

أقرر بين هلالين أنني لم أقرأ كتابات المستشرقين على الإطلاق وأنني لم استمد ‏معلوماتي عن التكوينة السكانية لبلادي من الكتب أيا كانت تلك الكتب وانما من ‏علمي الخاص - من المشاهدة ومن أفواه الرجال الثقاة.ولقد نشأت في مدينة الأبيض ‏وهي واحدة من مدن التمازج الثقافي في السودان وهي مدينة متنازعة بين عدة قبائل ‏من قبائل السودان.ورغم أنها أصلا مدينة البديرية(بديرية زاكي الدين) ونوبة الجبال ‏وحاضرة البادية التي تضم دار حامد والحمر والكبابيش والهوا وير،إلا إنها تكتظ ‏بالقبائل المهاجرة وعلى رأسها قبايل البديرية الشماليين (من كورتي والدبة) وقبائل ‏الدفار والدناقلة ،والشايقية وكانوا قد وفدوا عليها بعد ظهور الشيخ إسماعيل الولي ‏الكردفاني وهو أصلا من الدفار. وفي أعقاب أولئك وهؤلاء جاء الشايقية والجعليون ‏والرباطاب والدينكا والنوير متزامناً كل ذلك مع هجرات التكارنة وقبائل التشاد. ‏وخدمت الأبيض كعاصمة إقليمية لأهل دار فور وكل قبائلها ممثلة في أحياء المدينة ‏العتيقة وذلك انسجاماً مع تاريخ طويل أفرد في يوم من الأيام حياً لأهل المغرب ‏وبعض قبائل شمال السودان الذين صاروا يعرفون باسم (الحضور).‏‎ ‎

وليس عيباً أن يأخذ الإنسان علمه من الكتب ولكن التأكسد يبلغ بالبعض أن يظنوا أن ‏كل معلومات الدنيا محفوظة في دفتي كتاب.ولو كان الأمر كذلك،أي لو كان كل العلم ‏مدوناً مسجلاً لاستحال التأليف ولتوقف الإنتاج الفكري.وأمثال المستشرق فلان لو ‏بعثوا مرة أخرى أو جاء اخلافهم لطلبوا علمهم منا نحن أبناء البلاد ولسألونا عن ‏اصل تلك القبيلة أو هذه فأفادوا علماًغزيراً موثـقاً.‏‎ ‎

لقد تلقينا تأنيباً عنيفاً في هذه النقطة. فالشاعر محمد.عبد الحي ذو السحنة العربية قيل ‏له مراراً وتكراراً أنت من البيضان، فما شأنك بهذه الزمرة من المتأفرقين. وبعد ‏أعوام قليلة كان ينكر على رؤوس الأشهاد وجود (مدرسة) فنية اسمها الغابة ‏والصحراء ولكن مطولة (العودة إلى سنار) احتفظت له بمقعده دافئاً في نفس الزمرة ‏التي أريد له أن يتخلى عنها..وهوجم النور عثمان بأصوله الأفريقية وفي الدفاع عن ‏نفسه كتب مقاله الشهير(لست عربياً ولكن).ولم أسلم شخصيا من الأذى فقد هوجمت ‏عند نشري الجزء الأول من مسرحيتي الشعرية عن الشاعر النوبي المخضرم سحيم ‏عبد بني الحسحاس وذلك بصورة أفقدتني الرغبة في إكمالها حتى اليوم.وقد اختصني ‏أحد الكاتبين بنقد لاذع فنسبني إلى التأثر بما كتب الإداريون الإنجليز عن أعراق ‏السودان ونعى على قلة الإطلاع على أدب العرب.‏‎ ‎

ما هذا؟‎ ‎

هل هي الغيرة على مجد القبيلة والدفاع عن نقائها العرقي على طريقة الجاهليين؟ أم ‏هو الرغبة الغريزية في مقاومة الجديد؟أم هي الغيرة من مجد متوهم يصيبه من ‏يبادر إلى أمر من الأمور.‏‎ ‎

سوداني : العدد رقم: 212 2006-06-08‏

Post: #2
Title: Re: عرب متأفرقة أم افارقة مستعربون (1-2)
Author: Dr_Bringy
Date: 06-08-2006, 05:53 AM
Parent: #1

Quote:
ما هذا؟‎ ‎

هل هي الغيرة على مجد القبيلة والدفاع عن نقائها العرقي على طريقة الجاهليين؟ أم ‏هو الرغبة الغريزية في مقاومة الجديد؟أم هي الغيرة من مجد متوهم يصيبه من ‏يبادر إلى أمر من الأمور.‏


الأخ فيصل
المقال يعكس واقع ملموس لكل متأمل بحيادية
وواقع الحال يقول أنها غيرة (على) مجد متوهم.