جريمة !!

جريمة !!


06-06-2006, 04:29 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1149564561&rn=0


Post: #1
Title: جريمة !!
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 06-06-2006, 04:29 AM

علامات‎ ‎استفهام
محمد ابراهيم‎ ‎الشوش
عندما يصبح الطب مسخرة ‏
لست متخصصاً في تناول القضايا الخدمية التي تتصل بمشاكل الناس اليومية. ‏أقول ذلك مجرد تسجيل حقيقة قد لا تهم القارىء كثيراً، فالذين يتفرغون لهذه ‏الغاية كثيرون، يلاحقون الأحداث وتلاحقهم. ولا اقول ذلك معاذ الله - تعففاً أو ‏تعالياً، فالذى لا يشعر بنبض الشارع ليس كاتباً ولا صحفياً ولا انساناً. والكاتب ‏الحق هو صوت من لا صوت له وطبل من لا يملك طبلاً. وعدم تخصصي وانصرافي ‏عن هذا اللون من الكتابة انما نشأ لبعدى فترة طويلة من الزمن عن المسرح ‏المحلي، ومثل هذه المشاكل اليومية لا تأتى - ولا يمكن تناولها - فرادى، وتحتاج ‏الى احاطة كاملة بالوضع الذي نشأت فيه. فالتسيب في قضية ما لا ينحصر فيها ‏بل يرتبط بوضع معين تفرعت عنه قضايا مماثلة. وينطبق ذلك على قضايا الاهمال ‏والفساد. ‏
‏ وتناول أي قضية بمعزل عن القضايا اليومية الأخرى المتصلة بالتعليم والصحة ‏والمعيشة والنقل.. الخ، وتخصيص الحديث عنها قد يؤدى الى سوء فهم اذ يوحي ‏بأن كل شىء آخر على ما يرام. وبلدنا والحمدلله يعج بالمشاكل والنقائص ‏والنغائص وكلها تتنافس للاستحواذ على اهتمام الكاتب، وترتبط ببعضها البعض ‏فلا يمكن الحديث عن خلل في مستشفى أو جامعة أو شركة ما اذا كان الخلل ‏شاملاً في كل المسستشفيات والجامعات والشركات. ومهمة الكاتب ألا يركز ‏اهتمام القاريء في قضية فرعية وينسى الصورة العامة. مهمة الكاتب ان يربط ‏ويستخلص النتائج العامة. ‏
تحضرني في هذا الصدد قصة الطفل الذي سأل اباه: لماذا رقبة الجمل طويلة ‏كهذا يا أبى؟ اجاب الأب: وما هو الصحيح في الجمل يا بنى حتى تسأل عن ‏رقبته؟ ‏
تناول قضايا الناس تحتاج الى احاطة كاملة بالوضع الذي نشأت عنه وذلك لم ‏يتيسر لي. وحين كانت تعترضني مثل هذه القضايا، كنت استعين بصديقى ‏عثمان ميرغنى واعتبره وصديقى الدكتور زهير السراج خير من يتناول هذه ‏القضايا اذ لا تنقصهما الشجاعة والتعاطف والتعبير المتوتر الساخن الذى يثير ‏اهتمام المعنيين وهذا هو المطلوب. ‏
لكن معاناة الناس قد نفخت في اشرعة الأخ عثمان ميرغنى وارتفعت به الى ‏ميدان واسع غير واضح المعالم يصارع فيه بسلاح غير محدد السنان والمنشأ ‏والتصويب، ثلاثين آدمياً يديرون في اعتقاده ثلاين مليون نائماً أو غافياً أو متراخياً أو ‏مغشياً عليه من الموت. واخشى ان توقظ الطبول التي بدأ يدقها - بدل الثلاثين ‏مليوناً النائمين، اصحاب السهام الماضية الذين يعرفون اشياء كثيرة يخبئونها لمثل ‏هذا اليوم، فيضيع وقته بعد اليوم لا في حل مشاكل الناس بل في الدفاع عن ‏نفسه. ‏
والذى ادخلنى في هذا الحديث عنوان لم افهمه على وجهه الصحيح في بادىء ‏الأمر اذ شخصن القضية وافرغها من محتواها الخطير جداً. يقول بأن «طلاب الطب ‏ببخت الرضا يطالبون بابعاد عميد كليتهم» قلت وأنا أمر ببصرى: سبحان الله لقد ‏انتهى الطلبة من الحرق والضرب واتهامات الفساد الى تعيين العمداء وفصلهم ثم ‏وقع بصرى على الفاجعة الكبرى، القضية ليست قضية عميد يفصل أو يبقى وانما ‏قضية جريمة كبرى ترتكب في حق التعليم والطب ومستقبل العلاج والصحة في ‏هذا البلد، مما يجب ان تتدخل فيه الدولة على أعلى المستويات ومنظمة الصحة ‏العالمية، وان لم ابالغ المحكمة الجنائية.‏
فقد كشف بيان الطلبة ان هناك مساعدين اثنين لتدريس علم التشريح ‏ومحاضرين في علم الكيمياء الحيوية ومحاضراً واحداً في كل من الباطنية والنساء ‏والتوليد والاطفال بينما لا يوجد اي مدرس في اقسام علم وظائف الاعضاء وعلم ‏الامراض، وعلم الادوية، والجراحة، والطب النفسي والجلدية، والعيون، والعظام ‏وعلم التخدير. ‏
مثل هذه الكلية لا توجد في اي بلد في العالم الا ان يكون القائمون على الأمر قد ‏فقدوا عقولهم تماماً، كيف نشأت مثل هذه الكلية اصلاً وعلى اي اساس بنيت؟ ‏ألا يحس هؤلاء بالذنب تجاه التعساء المرضى حين يعالجهم طبيب متخرج من ‏هذه الكلية التي ان فقدت المعلم فهي الى الاجهزة والمعدات والامكانات أشد ‏فقراً؟ ‏
ثم ماذا يفعل هذا العميد على مدى خمس سنوات على رأس مؤسسة خالية ‏من هيئة التدريس لا تمتلك تقويماً ثابتاً ولا تلتزم بالمواعيد؟ وكيف يأتيه النوم ‏طوعاً أو كرهاً والطلاب يقولون «وما خفى أعظم» وهل هناك شىء أعظم من ‏ذلك. ان على الدولة ان تنشىء فوراً لجنة لتقصى الحقائق وتستعين بخبراء من ‏خيرة كليات الطب في العالم لتقييم هذه الكلية وكل كليات الطب التي نشأت ‏كنبت شيطاني في كل انحاء السودان واغلاق كل كلية غير مؤهلة لتدريس ‏الطب. والطب يتصل بحياة الناس وحياة الناس ليست مسخرة. ‏
أما طب بخت الرضا - ان صدق ما يقوله الطلاب عنها - فهي ليست في حاجة ‏الى استاذ تخدير وعندها مثل هذا العميد.‏
الرأي العام 6/6/2006.‏