سفر الشمالية قطعة من جهنم ...ام سفر اللواري؟.

سفر الشمالية هو اعظم الحوادث التي تلتصق بذاكرتي....
ففي المسافة التي تغطيها الصحراء حتي حدود العمران , تنفصل الذاكرة كانما ستكون نهاية الرحلة العبور الي عالم ما ورائي , كانت السفريات التي تنظمها اللواري لا تنتظم في كل ايام الاسبوع , لقلتها ووعورة المسالك ,لذلك كان لدي الناس في (ارقي) اسئلة محددة يرددونها عن ظهر قلب:
قمتومتين؟.
جيتو بي لوري منو؟.
اولاد شوتال والله عثمان كرو؟.
الجا معاكم منومن فوق؟.
عديتوفي بنطون كم؟.

كانت كل هذه الذكريات قد تداعت الي عندما ازفت ساعة الرحيل.
ففي صباح ذلك اليوم وفي تمام الساعة الخامسة والربع صباحا خرجت متوجها الي كريمة والمدينة لم تصحو بعد , كانت الكلاب قد مددت ارجلها من طول نباح في شوارع الديم التي لا تخلوا من السابلة والنابلة طوال الليل, الشيء الذي يضاعف عليها عناء النبيح , فكانت تغالب النعاس وهي تنظر الي بتكاسل مريب, ذكرني ذلك بقصة شيقة عن نوم هذه الكلاب رواها لي احد الاصدقاء عن ايام شبابه. عندما كان يهجع الي سريرة في الهزيع الاخير , فكان ان استوقفه والده حين عودته متاخرا مستفسرا باستنكار ذلك السلوك, في ذلك اليوم انتظره متيغظا يغالب النعاس لحسم الامر بطريقته الخاصة.
كان صاحبنا قد احدث شرخا بالباب بما يمكنة (الانزغام )الي الداخل متوخيا تفادي احداث جلبة يصحوعلي اثرها الوالد الذي كان (يكج) ناموسيته علي مقربة مزعجة من المدخل الشيء الذي يضطر صاحبنا الي تعزيز مهارات خاصة بالتدبي الحزر الذي يجعله وكانما يسير في ارض ملغومة يخلع رجليه كدابة اعياها الوحل.نواصل...

عزيزي علي ..
قديماً قيل " ياما تحت السواهي دواهي " ..
ويبدو أن خلف ذلك الحق والقوانين ، تكمن حكايا أخرى ..
ويبدو ، والعلم عند الله ، إنك تحتكم على ذاكرة زي صندوق
علي بابا ، مليانه ياقوت ولؤلؤ ومرجان وعنب وفواكه ..
فقط عليك أن تقول لها : أفتح يا سمسم !!
وستفتح ، بإذن واحد أحد ..



إحك لنا يا علي ، عن الصحراء ، الرمل الممتد ، والأفق ؛
إحك لنا عن الماء العزيز ، وتوقف اللوري لصلاة المغرب ..




وفي الإنتظار ..


...
طلال

'طلال عفيفي
انك كل يوم تؤكد لي ان ما تستطيع ان تقوله بالكاميرا
افصح من دارجي الشمالية..عندما يتحدثون عن بيئتهم.
هذه الصور وضعت ذاكرتي امامي.
(ان ما يراه شيخ مجرب جالس علي تبروقته لايستطيع ان يراه صبي من اعلي قمة جبل)
ابراهيم الكوني.

لكن ذلك لم يفيد (فالمرة دي الموضوع خطير) بعد ان كاد
ينهي محاولة الدخول السري بسلام او كما يعتقد , حانت
منه نظرة الي داخل الناموسية فوجد شبحا في حالةجلوس
مترقب , انفضح الامر , ادرك ان شكله كان مثيرا للشفقة
وهو يتلصص بتلك الطريقة التامرية , في ظل
تربص يغظ . افرد ساعديه في حالة تصنع لعدم الانزعاج وهو
ماض الي سريره يحمله بعيدا عن الحائط في خطوة اولي لجلب
(المرتبة ) من الداخل, لكنه باغته تعال يافاروق لكنه
واصل في مهمته.
انت بتعمل في ايه؟.
ما عايزا اجيب السرير.
سرير شنو ياخي تعال هنا, انت احتمال كبير الليلة ما
تبيت هنا . قالها بطريقتة المرحة فانفجرا بعدها في
ضحكة عامرة لاتعبا بسكون الليل .ثم حاضره عن السهر خاتما
محاضرته بدرس مبسط .
استهله باستجواب مرتب:
ايهما اكبرعددا في هذه الدنيا الكلاب ام البهايم ؟.

البهايم.
ايهما يلد اكثر الكلاب ام البهايم؟
الكلاب.
ايهما يذبح اكثر ويقتات عليه الانسان؟.
البهايم.
ايهما يجد الرعاية والاهتمام؟
البهايم.
ورغم ذلك فعدد الكلاب اقل بكثير !!.
صحيح !!.
ذلك فقط لانها لاتنام طوال الليل بينما تذهب
البهائم الي مناماتها عند المغيب.
كانت تلك القصة تمر بذاكرتي لاجد نفسي وقد
تسسللت بهدوء لاجد سائق رقشة ينام واضعا رجليه
اعلي مقود الرقشة , وقد اعياه السهر , ايغظته
لياخذني الي السجانة موقف الصفصاف , عندما وصلنا
كان الصفصاف عبارة عن بص صحراوي مجهز لخوض الرمال
مكسو بالزجاج من كل الاتجاهات , ربما اعده الخواجات
للسياحة الصحراوية, كان مكيفا بشكل مدهش , فانا قد طال
عهدي بما كنا نسميه " سفر الشمالية " سفر الشمالية قطعة
من نارجهنم ايام التيمس والسفنجة والزدوايات كما يحلوا
لهم جمعها . بدات اللكنة مبكرة جدا في حوارات تدور
حولي , وتعمقت اكثر لدي محادثة جاري .

لم نسير في الرمال كما كنا نفعل , فالطريق المسفلت جعل حتي الاسماء القديمة تاخذ مزاقا جديدا , فمحطة ابوضلوع التي كانت محطة استجمام بعد عناء طويل مع القوز حيث كان السائقون يفضلون عبوره ليلا لما فيه من رمال كثيفة متحركة تشبه الضلوع شديدة الوحل, اضحت الان مجرد محطة عبور سريع تمر فيها سريعا الي التمتام التي تحولت بقدرة قادر من عشش مبنية من سعف الجريد الي كافتيريا , وبدلا من ان كنا ننزل من اللوري لناكل فيها الزوادة المعدة قبل يومين وثابتة " قراصة التمر " التي قال عنها البروفيسور علي المك( بالرغم من بهاراتها فهي لذيذة وطاعمة رغم انف الدكاترة ) .الان تستطيع ان تجد سندوتش شاورمة وزجاجة كولا بدلا من ماء بطعم القرض ينز من قرب ضخمة تتدلي من جانبي اللوري اومعلقة في فناء القهوة ام جريد. في زمن وجيز وصلنا الي منتصف المسافة . فالوصول الي التمتام قديما كان يعني انحدار المسافة والزمن . هكذا انكمشت المسافة كما تكش التشيرتات ابو اربعة ونص لمن اعتاد ان يتسوق من برندات السوق العربي .
ما اثار دهشتي انني معتاد ان اسافر الي ارقي والضفة الغربيةعلي يميني لاعبر شرقا لكن في مروي كل شيء مختلف فالضفة الشرقية علي يساري رغم انني لم اعبر بعد وعلي الرغم من اننا عبرنا من الشرق الي الغرب الا ان اهل مروي يسمونه بالعبور الي الشرق , فهم لايعتدون بالاتجاهات طالما ان النيل قد غير اتجاهه فالنيل كما يقال ذهب حتي الحماداب لكنه تذكر الشايقية "فصد" , مغيرا بذلك وضع الضفاف .
المهم اننا عبرنا رغم انف النيل الي اشرق في اتجاه الغرب , ما ان يقال لك مروي تطفق انفك تتنسم رائحة تاريخ ما مخلوط ببعض ابيات حميد وحديثه عن جبل البركل الذي تجده مجسدا امامك شامخا يختزن في احشاءه كثير من التجاعيد مثل ادروب متسخ وصارم.

الاخ علي
لك التحية ولااحترام
والله زكرتنا ايام حلوة عدت علينا وما ظنها تعود بالرغم من قساوتها كانت لها حلاوة وطعم
وعثمان كرو
ولا شوتال
واحمد الكرادي
وذكريات حلوة لما كانت الرحلة في طريق شريان الشمال الغير مسفلت تستغرق اليومين
وتصل مغبر ومرمد ومسجم ومن الاشياء العجيبة انك تظل تذكر الذين كانو معك في الرحلة نهما طالت الايام
وايام الذوادة والكسرة المتمرة الجداد والحمام والتقديم الي الدبة والاستقبال عند العودة بكوز الليمون المسكر
واحدة من حبوباتنا القدام ديل متعودة علي سفر اللواري طوالي تقضي يمكن قريب الاسبوع في الطريق
قام ولدة اغترب جاء في اجازة قال ليها نسافر الخرطوم عشان نعالجك هي من قال ليها السفر طوالي فكرت في الزوادة والوري وصاحبك اظن عامل ليها مفاجاة بالطائرة ايام كان مطار الدبة شغال حليلو الليلة

اها ركبيت الطيارة نص ساعة كانت في الخرطوم قال ليها انزلي خلاص وصلنا
قالت ليهو وصلنا ده سفر شنو المسيخ ده لاقهوة لازوادة تنكسرلي تاني ماني راكباها
ونواصل

الاخ الباقر الطاهر
اشكرك علي هذا المرور الجميل
يبدو حقيقةان سفر الشمالية كان ممتعا بعناءه
لكنهاربما كانت متعة مفروضة.
لذلك لايشعر المرء بها الا بعد زوالها.
اتمني ان تزول عذاباتهم الاخري.

Quote: سفر الشمالية هو اعظم الحوادث التي تلتصق بذاكرتي....

بالفعل ... الاخ علي حدث لا يمكن نسيانه ....

من الكلمات التي لصقت بذاكرتي حتى هذه اللحظة كلمة ( الكونن) كان يرددها ( الكمساري) وطبعا كان يقصد ( الكوانين)

كانت أول رحلة لي بالبر الي الشمالية ( شبا) كان معظم سفرنا بـ ( القطر) وكان ممتع جدا...

الشمالية .... وآه من الشمالية ... البركل .. شبا ...وكريمة

وبجيك راجع تاني نواصل معاك السفر الجميل انشاء الله...

الاخ/ على عجب

" وكما تحط قافلة رحالها حططنا رحلنا . بقى من الطريق اقله . طعمنا وشربنا . صلى اناس صلاة العشاء ،

والسواق ومساعدوه اخرجوا من اضابير السيارة قنانى الخمر ، وانا استلقيت على الرمل واشعلت سيجارة

وتهت فى روعت السماء . والسيارة ايضا سقيت الماء والبنزين والزيت ، وهى الان ساكنة راضية كمهرة فى

مراحها.انتهت الحرب بالنصر لنا جميعا،الحجارة والاشجار والحديد، وانا الان تحت هذه السماء الجميلة

الرحيمة احس اننا جميعا اخوة .الذى يسكر والذى يصلى والذى يسرق والذى يزنى والذى يقاتل والذى يقتل .

الينبوع نفسه . ولا احد يعلم ماذا يدور فى خلد الاله. لعله لايبالى . لعله ليس غاضبا .فى ليلة مثل هذه

تحس انك تستطيع ان ترقى الى السماء على سلم من الحبال.هذه ارض الشعر والممكن وابنتى اسمها

آمال .سنهدم وسنبنى وسنخضع الشمس ذاتها لارادتناوسنهزم الفقر باى وسيلة.السواق الذى كان صامتا طوال

اليوم ها قد ارتفعت عقيرته بالغناء . صوت عذب سلسبيل لا تحسب انه صوته .يغنى لسيارته كما كان الشعراء

فى الزمن القديم يغنون لجمالهم:

دركسونك مخرطة وقايم على بولاد
وغير ست النفور الليلة مافى رقاد

وارتفع صوت آخر يجاوبه :

ناوين السفر من دار كول والكمبو

هوزز راسه فرحان بالسفر يقنبو

اب دومات غرفن عرقه اتنادن به

ضرب الفجة اصبح ناره تاكل جنبه

ثم نبع صوت ثالث يجاوب الصوتين :

واوحيحى ووا وجع قلبى

من صيدة القنيص الفترت كلبى

القارى العلم من دينه بتسلبى

والماشى الحجاز من جدة بتقلبى

نحن هكذا وكل سيارة تمر بنا طالعة او نازلة ، تقف حتى اجتمعت قافلة عظيمة.اكثر من مائة رجل طعموا

وشربوا وصلوا وسكروا...."

الطيب صالح - موسم الهجرة الى الشمال


فى البدء استأذن الاديب الطيب صالح فى ايراد هذا الاقتباس من روايته العظيمه ، وكذا دار العودة -

بيروت.

ولعل هذا الوصف مذهل لتلكم الرحلة والتى لاادرى هل هى قطعة من جهنم يا على عجب ام انها رحلة مقدسة

يهون مابعدها ما نكابده من آلام؟؟؟

وعلى ذكر ما نكابده هذه لنا سولف كثيره مع الكابيده ..و الملوحة.. او الميلوحه .. او التركين

سأعود لتلك الرحله.. ولكنى ادعوا الاصدقاء ود الزين و عمر بوب للمساهمه ، فهم قد ذهبوا فيها الى مدى

اطول وابعد.. لعلها اراضى المحس والدناقله .. ولكن تظل هى تلك الرحلة..؟؟؟

الأخ علي عجب لك التحية مجددا وللعجباب جميع
أسعدني جداً تناولك لموضع سفر اللواري وأعجبني أكثر أسلوبك الراقي في الكتابة ربما آن لأرقي أن تفخر مرة أخري بأديب آخر كبشري الفاضل ،
وللسفر باللوري حكايات قديمة بقدم هذا الطريق الوعر المهلك وقد أوردها الأديب العالمي الطيب صالح في مرسم الهجرة الي الشمال
وكما قال شاعرنا الفذ عبد الله محمد خير
بالدرب التحت لا تمشي خافلو من الكباري ،،،،
وسوق براحة ما متعودين سفر اللواري ،،،،،
،،،،،
وبذكرك يا يمة وقت الناس يجونا من البلد
ريحة التمر فوق الهدوم لون التراب خانس لبد

كانت ايام لها طعمها الخاص بالرغم من مرارتها وقساوتها التي لا يتحملها احد وحقيقة السفر قطعة من جهنم لكن
وتبداء الرحلة من لحظة الوداع في محطبة البنطون للذين لا يستطيعون أن يعبروا معك والوداع لحظة تحرك اللوي بعد أن يكون قد تناولت إفطارك في قهوة حمد بكراوي والنهار قد انتصف والشمس دنت من الأرض
قد تقصر الرحلة أذا كان معكم احد الظرفاء وقد تطول أذا السائق ليس لدية الخبرة الكافية بالطريق لذلك كنا نختار السائق قبل العربة وقد تضطر لتأجيل السفر
وتحلوا الرحلة بعد مغيب الشمس وهدوء الليل ويحلو السمر حينها وانوار القهاوي تبلبص من علي البعد بشارات في حينها علي أننا نسلك الطريق الصاح

وقبل ما انهي الرسالة
السلام بهديهو خالص لي بلدنا ولي رماله
السلام لي كل زرعنا وكل نخلة وبرتقالة
والسلام لي كل طنابيرنا البتطرب للثمالة
السلام أهلنا وكل عمة وكل خاله
والسلام لي كل بناتنا وليك يا رمز الاصالة
والسلام لي أمي العزيزة والسلام لي ( إخلاص) ( وهاله)

الأخ / العجب .. تحية كبيرة وتشكرات .. تشكرات
تلك مساحة أثيرة جميلة ..أثارت في النفس ذكريات عزيزة ..
فلكم قطعنا تلك الفيافي نرزح فوق أنين اللواري وتحت شمس قاسية " تصر العين " كما يقول ود بادي ..
ولن أنسى أبداً ما حييت رحلتي تلك الجميلة من أم درمان عبر تلك الوهاد إلى بلدي الجميل " كرمكول " على إحدى رواحل أولاد دوشي من الزد وايات في مطلع الثمانينات .. ولا قهاوي المنطقة الفقيرة ولا غناء وفكاهات الكماسرة هم يرمون الصاجات .. وطنابيرهم الحنينة أين ما ما أطمأنت بهم الأرض .. وحطوا الرحال ...
الحق .. أحن اللحظة لأهلي بكرمكول .. والكرد والدبة .. أحن لصحن قراصة كارب .. وحاجات أخرى لذيذة ..
فرحات عباس

الاعزاء
ناصر حبريل
الباقر الطاهر
فرحات عباس
اشكركم علي هذا الحضور المشوق
لان ما سطرتموه هنا ينم عن معايشة والفة
فاسعود اليكم منفردين

الاخ ناصر جبريل
انها فعلا تجارب عظيمة لاتبارح الذاكرة
فكلمة كونن التي تلتصق بذاكرتك عصية الي الان علي الكتابة , فان
لم تنطقعها بمخارجها الداكنة لايستطيع احد ان يتعرف علي
كنهها , فهي مثل التشق والجخنن, وما الي ذلك من الجمع الحر.
اتمني ان تعود الي سفر القطار فهو مساحة معدومة في ذاكرتي.

دفع الله خطاب
ليس هنالك اجمل من هذه التخريمة في لجة موحشة

Quote: ناوين السفر من دار كول والكمبو هوزز راسه فرحان بالسفر يقنبو اب دومات غرفن عرقه اتنادن به ضرب الفجة اصبح ناره تاكل جنبه ثم نبع صوت ثالث يجاوب الصوتين : واوحيحى ووا وجع قلبى من صيدة القنيص الفترت كلبى القارى العلم من دينه بتسلبى والماشى الحجاز من جدة بتقلبى

عندما قرات مداخلتك احسست اني امام اهل الحكي
سعدت جدا بهذه الاضافات العميقة
اتمني ان تواصل معنا هذه السفرة الطويلة
فسفر الشمالية يحيلنا دائماالي اصدقاء

الباقر الطاهر
سعدت جدا بعودتك , فالمشوار مازال طويلا
لقد اشرت الي نقطتين هامتين يصلحان كوصايا في سفر الشمالية
الرفقة والسائق.
لذلك كانت كل رحلة عبارة عن عالم منفصل.
وكثيرا ما تجد من يؤرخ لها ب (سفرتنا ديك).
السائق محطة لايمكن تخطيها فاللواري علي قلتها
تضعك امام الخيارات الضيقة, بين مهرات سائقيها وجودتها.
لذلك كن عثمان كرو وود اب زيد وصابر جرا واخيرا احمد الكرادي وغيرهم محطات لايمكن تجاوزها.
فقد حفروا في ذاكرة ذلك الشعب , انين الوحل الممزوج بمهارات فائقة في التطريب.
انها مهارات لابد منها في تلك المفازات الموغلة.

Quote: بالدرب التحت لا تمشي خافلو من الكباري ،،،، وسوق براحة ما متعودين سفر اللواري ،،،،، ،،،،، وبذكرك يا يمة وقت الناس يجونا من البلد ريحة التمر فوق الهدوم لون التراب خانس لبد كانت ايام لها طعمها الخاص بالرغم من مرارتها وقساوتها التي لا يتحملها احد وحقيقة السفر قطعة من جهنم لكن

ابقي معنا فانت يبدو ان في ذاكرتك الكثير.

فرحات
اشكرك علي هذا الحضور

Quote: ولن أنسى أبداً ما حييت رحلتي تلك الجميلة من أم درمان عبر تلك الوهاد إلى بلدي الجميل " كرمكول " على إحدى رواحل أولاد دوشي من الزد وايات في مطلع الثمانينات

ربما كانت المسافات الوعرة وطول الرحلة هي التي علمت ناس الشمالية
الصبر علي قساوة الهجرات.
(ياهذا البدوي الممعن في الهجرات تزود قبل دخول الربع الخالي بجرعة ماء)
اتمني ان تبقي معنا فنحن سنمضي الي ابعد من كرمة كول

حفزنى الصديق دفع الله الخطاب او قل استفزنى للكتابه عن السفر صوب اقاصى الشماليه ، دعنى اولا اقول رغم وعورة هذا السفر ومشقته لكنه له نكهه لذيذه وممتعه ولقد خزن فى ذاكرتنا ما لم يخزنه السفر بالطائرات , ان السفر بتلك الباصات مثل كتابة الخطابات اما السفر بالطائرات مثل التلغرافات او قل مثل رسائل الجوال كلها متشابهه ومتماثله اما السفر ببصات الشماليه كل سفره لها وقع خاص وذكرى خاصه , كنا نركب التلفزيون ( التلفزيون هما الكراسى الاماميه بداخل البص ) واحيانا نركب العظمه ( العظمه هى الكراسى فى آخر البص ) ولكننا فى بعض الاحيان نركب مع السائق، كان سائقنا المفضل العطايا وهو سائق خبر هذه الصحراء العتمور رمله رمله ويعرف من اين يسير ومن اين يشاقق , كنا نركب البص ومن ثم نمسح الحضور بحثا عن الرفقه الحسنه وخاصة عندما يشتد الليل ويهجم علينا ذلك البرد القارس فى تلك اللحظات الكل يشاطر الآخر ما عنده بحثا عن الدفء من بطانيه وشالات وثياب حتى الاجساد تتلاحم بحثا عن الدفء ..... نواصل

شكرا يا على العجب على بعث الذكريات من رقادها

أنها لذكريات جميلةخاصة رحاتي الاعياد
الاعياد الفطر والاضحي والتي لابد لك أن تصادف فيها أحد الحناكيش الذين لم يتعودوا علي مثل تلك الرحلات الصعبة في رحلة الذهاب أو احد البلديات الذين لم بهارج المدن وزحمتها في رحلة الاياب وفي كل الحلاتين يكون التندر بهم هو السمة الغالبة علي السفرية
بالرغم من هذه الذكريات الجميلة لكن لهذا الطريق مرارت ومواجع وكم فقدنا بسببه اعزاء ضلوا طريقهم وماتوا عطشا لذلك كانت الديار تمتلي بالاهل عند القدوم والوصول بالسلامة الي البلد لاحساسهم أن هناك خطرا في هذه السفرية
والمحطات كثيرة علي هذا الطريق لكل حكايته الخاصة
القبولاب (القديمة) ( ام الحسن ) ( حواء) ( البير ) وادي النعام ، التمتام ، قهوة حسن ، القبولاب الجديدة ، قهوة مريم ، جبرا ، بوحات ، ابو ضلوع ، الحميدي ، اللخريت ،
وغيرها وغيرها

Quote: القبولاب (القديمة) ( ام الحسن ) ( حواء) ( البير ) وادي النعام ، التمتام ، قهوة حسن ، القبولاب الجديدة ، قهوة مريم ، جبرا ، بوحات ، ابو ضلوع ، الحميدي ، اللخريت ،

الاخ ود الزين اشكرك علي هذا المرور الجميل واتمني ان تعود
الطاهر الباقر ساعود الي هذه المحطات.


هذا السفر لايعدو كونه نوعا من المجاسفة التي تصل الي حد المخاطرة بالحسياة , فاللوري يمكن ان يتعطل بشكل كامل في اي لحظة, بينما هو يسير في صحراء جرداء لاماء فيها ولا طعام , فيكون في حاجة الي قطع غيار لايمكن ان يتحرك بدونها , فتبدا عقارب الساعة في الانحدار خصما علي ما بالقرب من مياه وتتوقف عملية الانقاذ علي قدوم عربة في نفس الطريق وقد يكون هذا مستحيلا فاللوري في سبيل تفادي الرمال الموحلة قد يضطر الي سلوك وديان اكثر وعورة بعيدا عن (المجري )الرئيسي لان الطريق عادة مايكون واحدا تسير فيه العربات في الاتجاهين , يحدث ذلك احيانا مازق التلاقي في اتجاهين متعاكسين فيضطر احد اللواري ان يخرج عن المجري حتي يمر الاخر , هذه ليست عملية بالسهلة فقد تستغرق تلك العملية اربعة ساعات , يسير فيها اللوري مسافة مائة متر مشيا علي (الصاجات )حتي يعود الي مجراه الطبيعي .
في حالة العطل خارج المجري الرئيسي كان (المساعد) مضطرا الي السير لمسافات بعيدة بحثات عن المجري الحقيقي يقنص فيه للعربات القادمة ويذهب الي اقرب مدينة ليعود بالاسبير في الوقت الذي تكون فيه الاسر في الانتظار لمدة قد تصل الي ثلاثة ايام يبقي فيها الناس علي نعمة الزوادة فهي ليست للاطعام عند الرحلة وانما هي ذات ابعاد تحوطية للطواريء التي كان معدل توقعها يفوق المائة بالمائة, فقراصة التمر المتبلة ذات ميزات اصطبارية فائقة فهي يمكن ان تبقي لمدة اسبوع في هجير الصحراء دون ان تفسد , كما كانوا يحملون شنط صفيح معباة بالقرقوش وهو عبارة عن انواع من الخبز غاية في الصلابةيمكن لقطعة واحدة منها ان تجعل المرء يحس بالشبع لمدة اربعة ساعات ,او يرحل كل الناس الي محطة قريبة ان تمكنوا, حتي يعود المساعد بلاسبير , ويعاد تشغيل اللوري من جديد وسط فرحة عارمة لمواصلة الرحلة.
ان الطشيش في تلك الوهاد كان هو الخطر الاعظم حيث لاعلامات ولا معالم للطريق , يعتمد السائقين علي مهارات الابحار الليلي بالحدث فقط ,وعادة ما تفشل هذه المهارات في المحافظة علي الاتجاه الصحيح فيكون نتيجة ذلك انقضاء الوقود ومن ثم توقف العربة وتبدا العدادات التنازلية للمياه والطعام والصبر,فالصبر في الطشيش لا ينفذ مرة واحدة ولابمعدل واحد لدي كل افراد الرحلة وانما يكون معدلاته متسارعة لدي البعض باعظم من البعض الاخر وعادة مايكون عديمي الصبر مثار تندر في بداية الامر ويكون ذلك عادة من جانب النساء ( هذا دون قصد تميزي ضد النساء ) فيبدا الرجال في زجرهن متظاهرين برباطة جاش علي الاقل حتي زوال موجباتها , يسيطر علي الناس في البدء احاسيس مختلطة بين الرجاء . وكلما انحدر الزمن وانتهي كل شيء يصاب البعض الهستيريا فيضربون في الصحراء ولا احد يستطيع ان يكبح جماح الاخر, يشتد العطش لان رمال الصحراء تضاعق فقدان الجسم للمياه فتكون حالة جنون رؤية الموت يدب في الجسد والاطفال والعجائز يموتون امام اقاربهم وامهاتهم , يتشجع البعض , ويصرون علي ان البقاء في مكان اللوري عسي ان تلمحهم عربة او يدركهم العربان الذين ينتشرون في الصحراء مثل الجرزان , لكن البعض الاخر يصر علي التحرك في الاتجاه غير المعلوم علي امل ان يصادف المجري الرئيسي او يلمحه قادم من بعيد , فيكون مسلكا مدعوما بفكرة ان السعي الي النجاة افضل من انتظار الاجل الحتوم , عادة مايكون المسلك الاول هوموقف النساء , فيعتصرن اطفالهن الي احضانهن وينتظرن الموت , وفي كثير من الاحيان كان الفوز من نصيب من بقي في مكانه فالمارة عادة ما يرون العربة اكثر من المشاه فيهرعون لنجدتهم , وبالمقابل يكون من تحرك في الاتجاه غير المعلوم هو الضحية , فالسير في الرمال الحارقة يوهن قدرته علي البقاء , ويفقد الماء المتبقي في حسمه فيموت , يصبح في كثير من الاحيان صعبا علي المنقزين العثور علي من ذهبوا في الاتجاه غير المعلوم .

أذكر عمك نقد ( قائدنا والرجل الأول في حزبنا ، على قول كمال الجزولي ) ،
كان يحكي عن الإختفاء .. فقال أن أيام الإختفاء عامله زي النمر في صحراء
الشمالية ، بتتغير لكن ما بتتفرز من بعض ( !! ) ؛
وقد أعقب ذلك بكلامه عن ضرورة تنظيم الوقت بشدة ( حتى لا يتوه الواحد في
هذه النمر ) .


...
طلال

طبعا النمر
في هذا المقام هو انسان الشمالية
يتعايش مع الصحراء , ويتلوي في تضاريسها بدارونية مفرطة
في التفاؤل.

نواصل مع محمود النوباوي الذي تربي
في كريمة الي درجة استطاع الشايقية (عوج) لسانه بشكل غريب.
...

وجدت في استقبالي محمود النوباوي خفير البيت النوبي
اسفل جبل البركل شخص ودود وبسيط من ابناء جبال النوبه
يستطيع ان يحكي عن طفولته في جبال النوبه كانه يقرا من
كتاب وضعت فيه ادق التفاصيل.
اخزني في مشوار تعريفي الي تجاعيد جبل البركل , استوقفني
امام نتوء في اعلي الجبل ليحكي لي قصة زول مشوطن جا من سوق
كريمة طلع هنا فوق ونط في الحجر البراه داك ولمن جا ينزل غلبه
وخاف . فصرخ صراخ شديد الي ان تجمهر الناس مبدين دهشتهم كيف
استطاع هذا المجنون ان يصعد الي ذلك المكان الخطير , فتفتق ذهنهم
عن طريقة انقاذ يتوقف نجاحها علي ما تبقي لدي المجنون من
عقل بان يتدلي حبل امامه فيلتقطه ليربط به وسطه فيمكن بذلك
جزبه بامان , هذا الاقتراح صمد امام استنكار الكثيرين من
ان مجنونا سيلتقط هذه الفكرة لكنه فعل , محمود قال يمين
المجنون دا ربط نصة التقول يقطعةعديل كدا .المهم تم انقاذه
لم ينته الامر فهذه القصة استدعت تداعياتها قصة شبيهة وقعت
في جبال النوبه ايام صباه الاولي .
قال في زول في الجبال زكاه نمر وقام جاري مالقي الا شجر
قصار داك انده شوك كتير(بعد شرح طويل لنوع هذا الشجرالكثيف
القصير الشائك عرفت انه يقصد التشق) بالخوف دخل توف في لب
الشجرة النمر وقف وقف وقف ما عرف ليه فات .

اها قال بعد النمر فات يمرق غلبه
الشوك كتير شديد وبقي ما قادر قام
كورك, ناس الحلة جو جارين شافوا
الزول جوة الشجرة والشوك كتير ما قدرو.
قالوا ليه انت دخلت كيف؟. قال ما عارف نمر زكاني بس دخلت .
اها في شايب نجيض قال الزول دا طالما دخل سخن لازم يطلع سخن
قالوا ليه كيف
قال ولعوا نار في الشجرة
ولعوا النار.
لمن زراه شديد.....
فت مرق.

أن من اجمل القصائد التي تغني بها الفنان صديق احمد ( الله يديهو العافية كما يقول دائما ) قصيدة التوفيق والتي تورخ لهذا الطريق ومحطاته القديمة والتوفيق اسم الباص الذي كان صاحبه ودا أبوزيد وهو من الاوائل الذين عملوا بهذا الشريان الشمالي الحيوي قبل أت تضخ فيه دماء الاسفلت ومازال أبناءه مواصلين المسيرة من بعده تمشيا مع روح العصر كما يقولون فأصبح التوفيق السياحي
(خلاص أنا هبت رياحي دار اقوم بالتوفيق السياحي )
كما يقول شاعرنا الفذ عبدالله محمد خير وعلي ما أظن هو من نظم القصيدة الاولي أو عبدالله كنه لا اذكر بالتحديد ارجو التصحيح من الاخوة العارفين وقد لام فيها الشاعر الكبير عبد المنعم أبو نيران
وقد كانت رحلت الباص تمتد الي مدينة دنقلا انطلاقا من السجانه وكان ممسك بعجلة القيادة السائق فيصل عبدالرحمن ابوزيد
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
دار اقوم بالتوفيق غفر مالو ذي ده ومال السفر
تسعة للاستارتر نقر وجره كوزو النيسان شخر
السموم يافيصل الحر امنعن لو كان بتقدر
فارق السجانه مضطر وحتي ما استني الزول فطر
شقه بالردميه وهبر وهلا قال اله اكبر
جرا من ارطال الكفر وبي قريب خور جابر سدر
شقق القوز شقه ودفر لامساعد جرا لا حفر
ما استراح في ضل الشجر بالقعاد لاشكا لافتر
في المواعيد ما اتاخر وحواء والبير كانوا سنتر
يا جماعة ده في الباص قمر
ليهو يا اب نيران لو نظر كان يمين بي حسنو انبهر

الاخ الباقر
بعد ان اصبح التوفيق سياحيا
اصبحت للمسافات طعم جديد..
فمثلا القبولاب وام الحسن وحواء والبير.
قد تجاوزتها اهتمامات العابرين الي حد النسيان
فهي في السابق ينطبق عليها قول.( نقاط لايمكن تجاوزها).
لكن الان قدتم تجاوزها تماما, قديما قال ماكس فيبر( ان
الشاعر الذي كان يكتب عن الاشياء وهو يمضي بسرعة
العربة يختلف لديه الاحساسيس بالصور التي تمر من خلال نافزة
طائرة اوقاطرة مسرعة.
فالصورة هنا اصابها مزيد من الارتعاش) .فلاشجار تمر مثل صفق
الجرجير , قديما كان التيمس يتهادي في الرمال وتئن محركاته
بشكل يجلب النعاس , بينما تمر كل الاشياء كما هي في مكانها, لكن
(ود اب زيد) الان لايسمح بذلك فالرؤية تكاد تكون منعدمة لضرورات
السرعة واحكام النوافذ لاغراض التكيف.
هكذا عموما دخلت المعاصرة في مازقها الكبير فانا لااستطيع
ان احتمل شاعرا يكتب قصيدة تتخللهاصور عن التقنية فهي ستكون ميتة , لكن في الجانب الاخر تتطور ادوات التعبير عن الواقع في تحولاته وتسارع انماط تبدله, بشكل لم يكن مالوفا في السابق.
ارجو ان اسمع عن مالات المحطات القديمة بعد ان تجاوزها خط السير