حماس ليست طالبان - بقلم الصادق المهدي

حماس ليست طالبان - بقلم الصادق المهدي


05-28-2006, 01:33 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=60&msg=1148776414&rn=0


Post: #1
Title: حماس ليست طالبان - بقلم الصادق المهدي
Author: Faisal Al Zubeir
Date: 05-28-2006, 01:33 AM

حماس ليست طالبان – بقلم الصادق المهدي ‏
الشرق الاوسط العدد 10043 – 28 مايو 2006 ‏
قلت في محاضرة في جامعة أدنبره عام 1975، إذا خاب الرجاء في الصمود ‏الفلسطيني الوطني القومي الراهن، فإن تطلعات أهل فلسطين سوف تتخذ محتوى ‏دينيا، باعتبار الإسلام العاصم الإيماني القومي والدرع الذي واجهوا به كل غزوات ‏الماضي. وفي أواخر الثمانينيات من القرن العشرين، برز دور حماس والجهاد ‏الإسلامي. إن في الساحة اليوم اجتهادات إسلامية كثيرة، أهمها على الصعيد الحركي ‏وفي مجالات المقاومة اجتهادان: الجبهة الطالبانية: أيقظ الغزو السوفياتي لأفغانستان ‏الحركات الجهادية التي أفلحت مع ما صحبها من دعم أمريكي وغربي في طرد ‏السوفيات، ولكنها أخفقت في إدارة الدولة. لذلك تصدى للأمر جماعة طالبان التعبوية ‏الراديكالية قليلة المعرفة بالفقه وبالسياسة الدولية المعاصرة. واستطاعت بدعم ‏باكستاني بسط السيطرة على أفغانستان وطبقت نظاما عدته إسلاميا خالصا، فعلماء ‏السلف قد استنبطوا كل الأحكام المطلوبة لتنظيم الحياة وما على الخلف إلا الاتباع ‏دون حاجة لاجتهاد جديد. أعلنوا تمسكهم بنظام الخلافة وشجبوا الديمقراطية لأنها في ‏نظرهم «من إفرازات العلمانية الخبيثة لأخذها بحكم الأغلبية البشرية مع أن الله ‏يقول: إن الحكم إلا لله». الأفغان العرب دعموا الجهاد الأفغاني وأبلوا فيه بلاءا حسنا ‏بقيادة تنظيم القاعدة. وبعد طرد السوفيات من أفغانستان، قاسوا الوجود العسكري ‏الأمريكي في بلاد العرب على الاحتلال السوفياتي وشمروا لإجلائه. تداعيات ‏الأحداث رسخت تحالفا بين طالبان والقاعدة. تحالف خوّن وكفّر النظم الحاكمة في ‏البلدان العربية، واتجه لإسقاطها وإحلال نظام الخلافة مكانها. وأعلن البراء من ‏الآخرين من غير المسلمين لا سيما الأمريكان، واعتبر أن ما بيننا وبين الأنام آية ‏السيف فإما أسلموا، أو امتثلوا، أو قوتلوا. هذا الموقف لا يقبله غالبية المسلمين. ولكن ‏السياسات الهجومية الأحادية الاستباقية الأمريكية في أفغانستان، والعراق، وفلسطين ‏لا سيما ما نشأ من تحالف بين اليمين الإسرائيلي والمحافظين الجدد في أمريكا، وما ‏تبع ذلك من بطش إسرائيلي بأهل فلسطين، حول الرأي العام الإسلامي والعربي ‏خاصة، إلى عداء حاد للسياسات الأمريكية. كان الرئيس لأمريكي بوش الأب ‏صاحب الحكمة والتجارب يقول: «إن الدرس المستفاد في الحرب ضد الإرهاب، ‏وفي أي أمر آخر، هو ضرورة نفي الوهم بأن أمريكا يمكنها أن تنفرد بالفعل ‏الدولي». هذا الاعتدال فارق ابنه الذي قال: «في وقت ما وفي مواجهة الصعاب، ‏ربما أصبحنا وحيدين. هذا الأمر لا يزعجني نحن أمريكا». التحالف الأمريكي ‏الصهيوني، وانفرادية السياسات الأمريكية جلبت لها رفضا واسعا في أوربا، وفي ‏العالمين العربي والإسلامي، وفي أمريكا الجنوبية، بل وفي أمريكا نفسها كثرت ‏الأصوات والمواقف الناقدة لسياسات المحافظين الجدد. لا غرو أن ارتفعت شعبية كل ‏الحركات المناهضة للسياسات الأمريكية بغلو مثل القاعدة وطالبان وباعتدال مثل ‏حماس. ‏
جبهة حماس: تحالف القاعدة وطالبان يعمل في مجال أممي. حماس تعمل في مجال ‏فلسطيني. حماس قبلت الديمقراطية والتزمت بنتائجها. وهي تتبرأ من برامج طالبان ‏الاجتماعية. وحماس تواجه إسرائيل كمحتل لا مثل القاعدة التي تواجه الآخر المحلي ‏والدولي هجوميا. الشعب الفلسطيني انتخب حماس لعدة أسباب أهمها تصديها مع ‏آخرين للعدوان الإسرائيلي، ووعدها بحكومة نزيهة، وخدمات أفضل، وفوق ذلك كله ‏اخفاق مشروع السلام الذي ارتبط باسم منظمة التحرير الفلسطينية، والذي تقلصت ‏مكاسب أهل فلسطين فيه من القرار 242 في 1967، إلى تطلعات مدريد في ‏‏1991، إلى أوسلوا في 1999، إلى خريطة الطريق في 2003. وانتهى الأمر إلى ‏مقولة: لا يوجد شريك للسلام في حياة الرئيس الراحل ياسر عرفات. وبعد وفاته ‏انتخب الرئيس محمود عباس بصفات مطابقة لما تتمناه إسرائيل في الشريك ‏المفاوض. ولكن هذا «الاعتدال» لم يجد تجاوبا حقيقيا من إسرائيل، بل مضت ‏تواصل إرهابها على أهل فلسطين، وتقيم جدارها العازل، وتلغي بعض المستوطنات ‏الصغيرة، وتوسع الكبيرة وتفتقت ذهنية شارون السياسية عن خطة «الانسحاب» من ‏جانب واحد. الخطة التي واصلها وطورها إيهود المرت والنتيجة: حشرت أهل ‏فلسطين في مناطق منفصلة إقليميا. وفصلت الضفة الغربية بشكل شبه كامل عن ‏وادي الأردن الذي حول إلى منطقة يهودية. ووسعت مستعمرة «محلة ادوميم» شرقا ‏ووسعت تجمعات وادي الأردن غربا. ووسعت الكتل الاستيطانية تجاه الخط ‏الأخضر، فأصبح الفلسطينيون بدون منطقة يقيمون عليها دولة! وبعد أن عبر الشعب ‏عن سخطه من هذا الظلم وانتخب حماس قالت إسرائيل: إنها لا تعترف بهذه السلطة ‏ما لم تعترف حماس بإسرائيل وتنبذ العنف وتلتزم بالاتفاقيات السابقة. أي إسرائيل ‏يراد الاعتراف بها: إسرائيل الأمم المتحدة عام 1947؟ أم إسرائيل حرب الأيام ‏الستة 1967؟ أم إسرائيل كاديما التي ألغت عمليا كافة قرارات الأمم المتحدة ‏والاتفاقيات السابقة من طرف واحد؟ الخلط بين الإرهاب الذي يستخدم العنف ‏العشوائي لأغراض سياسية وحركة التحرير المشروعة دوليا ووطنيا وقوميا ‏وإسلاميا، هو الذي جعل التمثيل الفلسطيني في اجتماعات خريطة الطريق ناقصا. ‏وهو الذي خلق تطابقا بين القمع الإسرائيلي للمقاومة والحملة الأمريكية ضد ‏الإرهاب. وهو الذي تذرعت به إسرائيل لحصار السلطة الفلسطينية المنتخبة وتجويع ‏أهل فلسطين والمراهنة على توتر بين السلطة وشعبها يغذي مواجهة بين حماس ‏وفتح ويدفع بأهل فلسطين إلى الاقتتال الأهلي. قال الجنرال الإسرائيلي سلومو بروم: ‏‏«إذا فشلت حكومة حماس بسبب سياسة إسرائيل لعزلها وإسقاطها، فإن الاخفاقات ‏والصعوبات التي يعانيها السكان لن تنسب لحماس بل لإسرائيل والغرب». البرنامج ‏الوطني المشروع لأهل فلسطين هو الاتفاق على: فك الحصار عن الشعب واستقطاب ‏الدعم اللازم من كافة المصادر المستقلة عن الفيتو الأمريكي وما أكثرها. إلى حين ‏انتخابات أخرى، فإن الواقع الدستوري والسياسي يفرض ائتلافا بين الرئيس ورئيس ‏الوزراء، وهذا يوجب معادلة تقدم فيها حماس مزيدا من البراهين على أنها تتمسك ‏بالديمقراطية واستحقاقاتها كخيار استراتيجي لا تكتيكي. تعزيز الصمود الفلسطيني ‏بموجب سياسة واعية تمثل منزلة بين المنزلتين، فلا تفاوض استسلامي ولا مواجهة ‏حمقاء. إن تدمير الخيار الديمقراطي الفلسطيني سوف يؤدي حتما لفتح الساحة للغلو ‏بكل أبعاده. إنه مصير لا يعمل لتحقيقه عاقل. المطلوب وطنيا، وقوميا، وإسلاميا، بل ‏وإنسانيا تعزيز الصمود الفلسطيني، ريثما يأتي يوم أراه قريبا: تكون فيه الإرادة ‏العربية، والإسلامية، بل إرادة عالم الجنوب أكثر حيوية واستقلالا. وتكون فيه ‏الأسرة الدولية أكثر تحررا من الهيمنة الأحادية. بل يكون فيه القرار الأمريكي أبعد ‏ما يكون عن المحافظين الجدد. يومئذ تدرك إسرائيل خطورة ما قاله الفيلسوف ‏اليهودي ازايا برلين: «إن إسرائيل سوف تندفع منتصرة نحو الهاوية» يومئذ سوف ‏يدفعون استحقاقات السلام. ‏