Post: #1
Title: وأجهـة أماميـة نرى من خلالهـا الحُكـام !!
Author: صلاح شكوكو
Date: 05-20-2006, 06:31 AM
قضــاة المــلاعب ============
( صلاح شكوكو )
الحكم هو إمبراطور الملعب ، وهو سيد الموقف وهو صاحب السلطة في الملعب .. وفي حدود هذه السلطة يستطيع الحكم إخراج أي شخص من داخل الملعب لخارجه حتى لو كان هذا الشخص رجل قانون ، ولعل كلمة إمبراطور قد صورت للكثيرين أن الحكم شخصية متجبرة سلطوية تتحكم في واقع المباراة كيفما تشاء .
لكن هذا الواقع مختلف كثيرا عن هذا التصور الواسع لأن الحكم يحكمه قانون معين .. بمــواد محــدودة .. وضعت أساسا لتنظيم المبارة وتحقيق قدر من الحماية للطرفين لتحقيق غايات اللعبة وحسن ســيرها .. لذا كان من المفترض أن نكون واثقين من قراراته وقدراته طالما أنه يؤدي دوره وفق ما هو مناط به وطالما نحن الذين قمنا بإختياره وبتأهيله من خلال الأطر المتخصصة للتأهيل ، ولأن الحكم قاض في الملعب كان لابد لهذا القاضي من هيبة وإحترام بل حماية مادية وقانونية .
لكن الواقع يقول غير ذلك .. فما أن تنتهي مسابقة من مسابقاتنا الا وقد إنهالت عليه عبارات التشكيك والهمز واللمز بل التجريح والهجوم المسموم ، حتى كاد هذا الهجوم المحموم أن يهــز عرش القضاء الرياضي ... والغريب في الأمر ان هذه الظاهرة عامة في كل بلد عربي حتى طالبت الأندية كثيرا بحكام من الخارج .
رغم أن بعض حكامنا قد نجحوا في إدارة اكثر المباريات حساسية في نهائيات كرة القدم العالمية ... إذن أين تكمن العلة ؟؟؟ هل تكمن في الحكام أنفسهم أم في أسس إختيارنا لهم أم في أعيوننا التي ما باتت ترى الأشياء الا من خلال إنتماءاتها الضيقة .. فالحكم سيء طالما لم يحكم لنا بما نريد .. والحكم مرتش إن لم ننتصر !!
والحكم كما نعلم هو العمود الفقري لإنجاح المنافسات الرياضية وهو أهم عناصر اللعبة ، وهو يؤدي دوره هذا وفق قانون خاص يحقق أهداف اللعبة في المتعة والإثارة والتحدي ، والحكم في ذلك عنصر محايد يسعى بكل ما أوتي من جهد للنجاح في مهمته ... ولا يعقل أن نتخيل أن حكما ما يريد يكون سيئاً في أداءه لمباراة معينة أو طوال تاريخه الرياضي .
والتحكيم في حد ذاته ليس أمرا سهلا ذلك أن الحكم قاض فوري يصدر أحكامه بصورة فورية وبعد لحظات من وقوع الحدث وفي ثوان محدودة دونما تداول أو مشــورة أو إستئناف ... بل مطلوب منه أن يكون سريعا وحاسما وإن تباطأ في ذلك فسر الموقف على غير صالحه .
وتصدر تلك الأحكام في ملعب مليء بالجمهور الذي يمثل مختلف فئات المجتمع بدءاً من العلماء والقضاة وإنتهاءًا بالعوام ... وكل قرار يصدره يجد معارضة فلسفية هنا أو هناك حتى أصبح الإعتراض في حد ذاته هواية يمارسها الكثيرون حباً في الظهور أو وسيلة من وسائل التعبير عن الذات طالما كان ذلك لا يشكل مخالفة يعاقب عليها القانون .
قد يتخذ الإحتجاج من قبل الجمهور شكلا آخر وهو الشغب .. وهذا يخرج عن إطار الخلق الرياضي ومن أشكاله القذف و السب وحصب والفوارغ والحجارة ونحوها ، وهذا بالطبع سلوك لا يمت للرياضة بصلة .. حيث يصل الأمر أحيانا الى تصدى الشرطة لهذا النوع الذي يحاول التأثير على سير المبارة .
وهناك نوع آخر من الإحتجاج يمارسه اللاعبون داخل الملعب بالاحتجاج على قرارات الحكام في كل شاردة وواردة بينما يقابل ذلك الخطأ .. خطأ آخر من قبل الحكام في أنهم يبررون قراراتهم للاعبين حتى أضحى الإحتجاج هواية يمارسها اللاعبون دونما حرج ليدخل الإحتجاج دائرة الفعل المألوف في غياب الردع والحسم من جانب الحكام .. بل أن بعض اللاعبين يأتي ببعض حركات إستنكارية في وجه الحكم وقد لا يجابهها بالردع اللازم مما يفقده بعض هيبته بين اللاعبين .
والغريب أن إدارات الأندية نفسها لاتجد حرجا في الدخول في هذه المتاهة ، فبدلاً من أن تدرك هذه الإدارات أن هذا الصراع لا طائل منه وأن الإحتجاج سبيله القانون وأن يكون الإحتجاج على تطبيق القانون وليس شخصية الحكم نجدهم قد أعاونوا اللاعبين على هذا النهج حتى أصبح سنة شاعت في الملاعب .
والحكم رغم هذه الأحوال التي يدركها مسبقاً إلا انه يسعد بدوره الذي يؤديه ولا يعبأ بتدعياته ، لأنه يزاول دوره بدافع من الحب والمتعة والتجرد .. تماما مثلما يستمتع اللاعب حيث يسعى دوما للنجاح والظهور بمظهر الحكم العادل من خلال سعيه الدائم للإبتعاد عن مكامن الخطأ والتردد بقدر الإمكان فيمارس لتحقيق ذلك جملة من التمارين الرياضية التي تمده باللياقة البدنية و الذهنية التي تتيح له أكبر قدر من التركيز والإنتباه والتواجد حيثما تكون الكرة .
والحكم كغيره من الناس فرد عادي يتفاعل في المجتمع كسائر الناس يعايش ضغوطات الحياة ومغالباتها وتأثيراتها النفسية والعصبية من خلال تقلبه مع أوجه الحياة المختلفة ... بل أنه عرضة للخطأ كثيرا تحت تأثير هذا الصياح والإحتجاج .. لكن الخطأ في أغلب الأحايين لا يكون جوهريا بحيث يؤثر على نتيجة المباراة .. رغم إدراكنا بأن هناك أخطاءا تصل الى هذا الحد .. وهذا يتم فيها التحقيق مع الحكم ومعاقبته على ذلك ..
وهذا الإمبراطور ترصد أداءه لجنة فنية خاصة تراقبه باستمرار وترصد أخطاءه المؤثرة وترفعها الى الجهات المختصة لإتخاذ ما يلزم تجاهه وتجاهها ، وهو بذلك محاط بالسنة الناس واقلام النقاد والمراقبين .. والغريب أنه الشخص الوحيد الذي لا يجد من يشجعه طوال المبارة .. وبدلا من ذلك يتعرض للسب والشتم والإتهام .. حتى غدت هذه الممارسات جزءا من المتعة التي يمارسها الجمهور .. وقد تصل درجة الإستهزاء بالحكم الذي قد يكون شخصية إجتماعية مرموقة .
ومشكلة التحكيم أن قدامى اللاعبين لا يتجهون للإنخراط فيه لأسباب كثيرة منها أن العائد المادي منه غير مجزي .. علاوة على أن ممارسيه يتعرضون للنقــد المرير .. ولا يجدون جهة تشكرهم إلا ببعض عبارات شاردة .. إضافة الى التهكم الذي يجده الحكم وهو يقوم بهذا الدور الذي يحس تجاهه بالإرتياح .
ويبقى السؤال هل يمكن لحكم ما أن يفكر في أن يلف عنق الحقيقة وأن يقــوم يالتأثير على نتيجه المبارة بتعمد مسبق .. ونية مبيتة ؟؟؟ فإن كانت الإجابة بنعم فإن الأمر يتعلق بسمات شخصية إجتماعية وليس بحكم في لعبة معينة .. وهذا قد ينسحب لكل المجالات .. ولنا أن نتخيل ذلك ..
والحكم رغم ما أسلفنا عرضة للخطأ ككل البشر .. لكنه يستطيع تقليل إحتمالات الخطأ من خلال عدة ضوابط يمكن أن يقوم بها و يحقق من خلالها النجاح المنشود وهي :-
* المحافظة على اللياقة البدنية من خلال التمارين الخاصة والمناسبة . * الإستعداد للمباريات التي يديرها قبل وقت كاف . * عدم تعاطي المواد التي تؤثر على الأ داء والإنتباه . * مراجعة القانون بصورة دورية ومتابعة التعديلات التي ترد فيه . * الإشتراك في المناقشات القانونية التي تحلل أداء الحكام . * متابعة أداء الحكام الآخرين من خلال التسجيلات الخاصة بالمباريات الدولية . * أن يتحلى بقدر عالى من الثقة في النفس .
صلاح شكوكو
|
|