أوراق الغريب .. (نص على كراسة زينب)

(1)

منذ السفر الأول

منذ الغربة تنخرُ في الأعضاء...

و تُخثِّر جسد الرمل...

أمشي نحوي ...

و يدايَ- كأنهما وجهٌ لامرأةٍ تاهتْ-

كم موتاً يدعوني..

كي أقطن فيه. . .

كم سنةً..

وسماء..

وبيوت وأغانٍ..

...........

لكني دوماً – ولماذا...

سأظل ....... أسافر؟!...

(2)

تمُر القطارات. .

مغبرةً...

مرهقةً

(بعناوين المدن الأخرى)

وأنا أتكئ على غابات الوحدة في الليل..

ورق الحزن يُساقِط في كفي أغنية للهجرِ. .

أيُّ رياح تعبث بي؟!..

من أشجارٍ يسقيها نهرٌ منذ سنين

أشجارٍ لم يعرفها الناس..

و لم يلمسها بشرٌ..

..........

..........

سأظل على الريح..

في الوقت المهدر – في غابات الوحدة في الليل-

أشتَمُّ حريق الأشجار على جسدي

و أذكرُ وجهِك.

(3)

عالياً...في المساء..

تبدأُ "زينب" بالغناء القديم..

(انتهت بالصمت منذ جرحين..

أو...عشرين شجناً..أو يزيد)

لكنها فجأةً تعود إذا ما هبط الشوق

تشعل في الروح قنديلها.

(قريباً من القلب..

بعيداً عن الريح)
عالياً..

في المساء..

أبدأُ بالغناء القديم مع "زينب"

(انتهينا بالصمت منذ جرحين أو عشرين شجناً

أو يزيد)

لكننا..

فجأةً... ... نعود.

(4)

مدنٌ تدخل في ثقب الإبرة..

وأنا في الريح..

في كوخ تسكنه العتمات..على البحر..

(في قبضة رمل طائشةٍ

يقذفها طفل)

و أنا في الريح

في الصمت القاسي..

أرقب وجهكِ يمتحن الأمواج

ويجذبني نحو القاع

مصباحي مشتعلٌ ببريق الموت..

و في البعد..

على الشط الآخر..

....تركض..."زينب".

(5)

في قلب الموج...

حيث المدن الغارقة الزرقاء ستغفو

تنبت زينب في اللون المائي..

يمتد الشاطئ حتى الريح..

تنبت "زينب" صافيةً كنشيدٍ طفلْ..

وفي العتمةِ..

كل مساء تغنِّي..

(تفتح في الشطِّ..

وفي كل العالم شهواتي الخرساء)

..........

يا "زينب"

يا هذا الألم الجاثم فوق الدم...

كيف.......سننجو؟!...

(6)

كلما اتقدت وردةٌ..

فوق أعصابه..

كلما اشتغل النايُّ تحت شريانه

مرَّ في الذهن وجه "زينب"

فانثنى راعشاً قلبه..

دمه مثخنٌ بالرطوبة هذا المساء؟!..

كيف لا يتغير في الروح طعم الغناء؟!..

(7)

أحلامٌ ماتت..

أزهارٌ..

أشجار دموعٍ..

وطنٌ آخر في ثوب نشيدي

حُلَّل للشمس..

لتلك الشجرة نهدٌ..

(لوَّحت لهُ..وكتبت على الأوراق غناء الروح

لأجل عذوبته)

في كل صباح يأتي الصوت إلي..

و يرسم في أوراقي صورا للنهر وللمرفأ..

في كل صباحٍ يأتي الصوت..حنانْ..

وينام على كتفي..

(لصوت الشجرة وجهٌ لن يبصره

إلا من أبصر وجه النهر).

(

وجهكَ – الآن..

في الصمت..

هل يفهم السقف هذي المرايا؟!...

تسأل نفسك للمرة الألف...

تسأل قلبك...من أين نبدأ؟!..

كيف الطريق؟!..

المدينة صمت...

والدماء...حريق.

(9)

صباحاتٌ على أوردتي تموت

و غابت نجماتٌ...

لكن ألوانها ظلت في نشيدي

و أفهم أن المساء الأخير الذي غلَّف

زينب بأحلامه كان مساءا بهياً..

أفهم أن المساء الأخير كان شيئاً عصيا..

أسرتني تفاصيله..

] لا الصباح إلتقاني و لستُ المغيَّب عند الوداع

ارسم اللعنة وجهين

أمنح للغربة وجهاً..

ووجهاً إلى ذاك القناع..[

(10)

في الحطام الذي نسجته النجوم

بخيوط أضواءها..

- الحطام الذي يتسلل أدنى النشيد -

كان "لزينب"

أن تنفي السماء أعلى أحلامها

] شقَّ الغناء وجه المساء

و أقفل فيه أقاليم زينب

أغفل فيه ....... تفاصيلها[

...............................

هو ذا وجهها بين أصابعي

يتلوَّن...

يغفو و يصحو في حمى الوقت

في طريق..........السماء.

(11)

تنسلين من غيومٍ...لغيوم

وأنت تضحكين..

تراقبين في هدوء..

توحد الأضداد في الشوارع الهائمة..

في نشيد أوهامك في الأقاصي البعيدة

في لعبة الوقت والذاكرة..

والنزهات القصيرة..

و اتكاءةٍ على النجوم...

......

وفي النهر..

في حنين الساحل الرملي..والصخور

تركضين..

تنسلين من نجومٍ لنجوم..

و عبثاً يندلق الحب في تعثُّرِ الخطوات

يرش بالنداء وجهيَ العابس...

و حين يبدأ الرمل في التسلل البطيء من أصابعي

تبتسمين..

(وترتدين البحر في غمرة الحنين)

فيورق في جسدي ذاك العشب اليابس..

..........

آهٍ يا زينب هذا القلب...

متى........... تأتين؟!!!......

(12)

زينبْ..

وردة حبٍ تتقاذفها الريح

و حِيِل الشاطئ..

يا زينبْ:

غِبتِ..

و لكن كل زمانٍ سافر فيكِ..

يجيء...

يا زينبْ


(13)

رحلة الوقت تنتابها موجة الموت

(لا حب....لا لقاء)

و العصافير تقرر للريح شكل الاتجاه

و أنت ستسمع هذا النشيد الأثير

ليكن مثلما قلت لزينب ذاك المساء

]..سوف أفتح في قلبيَ حانةً للأبجدية..[

أبو حراز/ إبريل 2004م

Quote: مدنٌ تدخل في ثقب الإبرة..

Quote: مصباحي مشتعلٌ ببريق الموت.. و في البعد.. على الشط الآخر.. ....تركض..."زينب".

يا لروعة هذا النص

ابو نورة
شكرا كثيرا على مرورك الشاهق ..
و.......

ابو نورة...
سعيد بعبورك...وشكرا لعبارتك الرقيقة..

عبدالرحيم حمدالنيل المعروف حدانا "بابوذكري"...

فرحت كثيراً بوجود في حيّنا المكتوب فحبابك وحباب الشعر .
...
...
النص المخطوط علي كراسة زينب ده
جميل ومرتب وفنان ،بيشبه جيتارك الجديد ،أشواقه أشواقي ،
قرأته بامعان وتجلة فنزل علي نزول من يمشي وحده...

اعجز ان اكتب نشوتي بموضوعة ما ، اما
ان يصل الامر الي هنا فانا اعجز و كثيراً


تنبت زينب في اللون المائي..

يمتد الشاطئ حتى الريح..

تنبت "زينب" صافيةً كنشيدٍ طفلْ..

اردد هذا المقطع فتنبت فيّ أوراق الغريب

شعر ، صافي يا عُبد

ليكن مثلما قلت لزينب ذاك المساء

..سوف أفتح في قلبيَ حانةً للأبجدية.

ابوذكري ، والله دي قصة مؤثرة!

ابراهيم...
والله ما عارف أقول ليك شنو ..
كلامك دا مؤثر جدا..
و..
(تريسي)..
مؤثرة جدا جدا..
__________
(كل كلامنا القديم ..
قيل بلا رحمة..
وكل ما أشتهينا فعله اقترفه الاخرون)
أمجد ناصر

Quote: عالياً...في المساء.. تبدأُ "زينب" بالغناء القديم.. (انتهت بالصمت منذ جرحين.. أو...عشرين شجناً..أو يزيد) لكنها فجأةً تعود إذا ما هبط الشوق تشعل في الروح قنديلها. (قريباً من القلب.. بعيداً عن الريح)

يا غريب ..
قريب من القلب .. هذا الغناء
حزين و .. طيب

شكرا ليوم بدأته بزينبك ..
يا .. أبوذكري

* عبد الرحيم حمد النيل
هذا نص بكامل بهاء النضج ,,
قدأعادني لي, للحروف
وما بينهما من حنان .
أعادني للمشي نحوي
ومؤامرات الريح
والذاكرة.
__________
و "" كيف لا يتغير في الروح طعم الغناء؟!.. ""
__________
سالي فوحمر

سااااااااااااااااااااالي..
سعيد بوجودك معي على كراسة زينب..
وثمة حوارات كثيرة حول الكتابة والوجود...وربما الغربة
تنتظرك قدومك الفادح..

عماد..
شكرا على مرورك الجميل

زينب ,,

بلونها الأخضر ..
وكراستها
تحضر الذاكرة
وتروي الحلم

تمشط الغابة
ونحن وراءها ..
نتعب ..

لا بل نتعب !




شكراً حمد النيل ..

شكرا تيسييييييييييييييييييييييييييييييييييييير

كنت مفتكر انو الارشفة طالت الجميع

ولكن الحمد لله وحببة انجليز وترك ... مازالت زينب "قيد" الحياة