حوار مع المبدعة الفنانة تماضر شيخ الدين

حوار مع المبدعة الفنانة تماضر شيخ الدين


05-12-2005, 10:46 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=6&msg=1115891189&rn=0


Post: #1
Title: حوار مع المبدعة الفنانة تماضر شيخ الدين
Author: Sabri Elshareef
Date: 05-12-2005, 10:46 AM

للثراء في الذكرى وللعطر

الفنانة تماضر شيخ الدين:


ازلت أدوام على ممارسة الغناء في المسرح وكتابة الشعر


حاورها: الصادق الرضي


عَرفها الجمهور السُّوداني من خلال ما قدمت في المسرح القومي من أعمال (أحلام الزمان) نموذجاً، كما عرفها أيضاً في الإخراج للمسرح ومِنْ خلال الدراما الإذاعية والتلفزيونية ومن خلال برامج عديدة ومُتنوّعة.


(تماضر شيخ الدين) إسم أحبّه السُّودانيون وعميقاً من محل إقامتها بأمريكا، عبر البريد الإلكتروني كان لَنا معها هذا هذا الحوار:


لماذا المسرح تحديداً، دون سَائر الفنون هو الذي إستحوذ عليكِ كفنان ومبدع مع أنك تمارسين كتابة الشعر والغناء أيضاً؟


للمسرح قدرة على إمتصاص المواهب المُتعدِّدة للفنان، وتسميته بـ (أبو الفنون) هي تسمية جَادة ولها أصولها التاريخية والفنية. كان الفنان قديماً يقوم بكل الأدوار، فهو مقلد محاكٍ ويغني ويَرقص، يكتب نصه بنفسه وينفذ ثيابه واكسسواراته، لم تكن التّقسيمات الحادة بين الفنون والتخصُّصات قد ولجت عالم المسرح إلاّ في أيام المسرح الكلاسيكي، أيام العلبة المسرحية السحرية، أما على المستوى الشخصي، فأقول إنّ أستاذي هاشم صديق لعب دوراً مهماً في توجيه موهبتي إلى هذا المنحى، فقد جئت لمعهد الموسيقى والمسرح خصيصاً لدراسة الموسيقى وقد كنت - ولازلت - شغوفة بها ولكنه أصرّ على أنّ موهبتي في التمثيل أكثر جدية، وقال إنّ الموسيقى متاحة ويمكن تعلمها بصورة فردية، المهم ما أورده من أسبابٍ شكّل مستقبلي عبر هذا الخيار لكنني مَازلت أداوم على مُمَارسة الغناء في المسرح والكتابة للمسرح وكتابة الشعر.


ما هي تأثيرات معهد الموسيقى والمسرح على تكوينك الفني والثقافي؟


- معهد الموسيقى والمسرح!!! يا للثراء في الذكرى ويا للعطر، أن تأتي إلى معهد في ذلك الزمن، هو أن تنتقل إلى عالم يشبه الحلم حيث مدينة الفنون الفاضلة، كل شخص موقَّع و(مهرمن) على نسق الكون، الكل يعرف ألمك ونزيفك الداخلي ويحمل جيناتك، المسماة بالفن هذه!


مشينا على أهداب الزمان لحين، لكن نظرنا حولنا في غضب بعدها، لنجد أنّ أمامنا الكثير من العمل لننجزه، على مستوى الطلاب، المناهج، والتقييم الورش الفنية، العلاقة الأكاديمية بين القسمين (الموسيقى - المسرح) هيئة الأساتذة، العلاقة الخارجية بين المعهد والمجتمع السُّوداني، ماذا ينتظر مِنّا دافع الضرائب، ومشكّل الآلام، الفنان الأكبر والشعب السوداني.


أيضاً الوضع السِّياسي السائد وعلاقة المعهد به، كل هذه الأسئلة تصعدت وخرجت إلى أرض العراك، وكل مِنّا أدلى بدلوه للخير أو للشر وانطفأ الحلم الجميل.


وللإذاعة شجون، من خلال عملك بالإذاعة ما الذي ميّز الدراما الإذاعية فوجدت قبولاً أكثر مما وجدته دراما التلفزيون بل والمسرح كذلك؟!


الإذاعة مسرح الكلمة والصوت، فيها يجد الكاتب بـراحاً أكبر للبوح والإنعتاق، المسرح بمدلولاته المرئيّة والمبصرة يقصقص أجنحة الكلمة فيما أعتقد، ولذا نجحت الإذاعة في استقطاب الأذن المستمعة خَاصّةً بعد (نظريتي الجديدة) هل أخبرتك عنها؟!


إنّها تتلخص في أنّ الجمهور السُّوداني بمحافظته وصرامة نظامه الأخلاقي، قيد المُمثِّل وصار هنالك نوعٌ من إتفاق مضمر بين الجهتين على حدود الحرية والانطلاق في الأداء، لا يتعدّاه أيٍّ من أطراف المعادلة.


منذ أن انتقلت للعيش في أمريكا وأنا أقارن بين المُمثِّل في السودان والدول العربية، وبين المُمثِّل في الدول الغربية، الكل يستخدم ذات الأدوات للنفاذ إلى عقل وقلب المتلقي، ولكن المساحات تَتَبَايَن، فللممثل في أمريكا والغرب المدى الواسع وما أحاط به، ولنا القنوات الضيقة والدروب المحفوفـة بالخطر.


نعرف أنّ لك تجربة في تدريس فنون المسرح بمعهد تدريب المعلمين بأم درمان، مَاذا عن هذه التجربة وتلك الأيام؟!


سألتني عن تدريس الدراما، أرجو أن أطلق نداءً من هنا، للأستاذ (بشير سهل جمعة) وزير التربية والتعليم بالقضارف، عندما جئت في زيارتي الأخيرة إلى السودان طَلَبَ مني التّعاون في مهرجان فني يُقَام في منطقة القضارف، وحيث أنّ ظروف الزيارة لم تكن تسمح لي بهذه المُشاركة فقد أعطيته كراسة كنت قد كتبت فيها منهج الألعاب لتعليم المسرح في المدارس المتوسطة أقول له: أعطني كرَاستي واطلق يديَّ.


كانت تجربة تدريس الفنون - الدراما، تجربة أكاديمية ثرّة بعد التخرج للمدرسين، وقمنا خلال تلك الفترة بعمل وِرَش فنية في المدارس المتوسطة وقام الكثير من طلابي - الأساتذة، بنقل أفكار مسرحية صغيرة من شَأنهَا أن تُفجّر طاقات الأطفال في المجال الدرامي والشعري والموسيقي، كانت أيام مشهودة أيضاً لأنّ هذه الورش قادتنا إلى بناء كثيرٍ من المسارح (المساطب) في عشرات المدارس، لتهيئة الطلاب نفسياً للإنتباه لإقَامة العروض المسرحية بمدارسهم.


لك إهتمام واضح، برز من خلال برامج إذاعية وتلفزيونية، بالموروث الشعبي .. ماذا في هذا الخصوص؟!


أسمح لي أن أقول، فيما يتعلّق بالمورث الشعبي، و(الفنان الذي بداخلي) ان الذي بداخلي هذا ليس فناناً إنه إنسان، فقط إنسان سوداني كامل الخريطة، فحينما يعيش الإنسان في أقاليم مُتباعدة ومختلفة في بلد كالسودان، تَتَقَمّصه روح نبتة وكوش وأفريقيا السوداء، وحضارات البحر الاحمر والقرن الأفريقي، ويدخل جسمه (زار) التوحُّد، كل منطقة من مناطقه، هو مشروعٌ كامل من مشاريع الثقافة والفن، والرقص والأخلاق الحميدة والتماسك الإجتماعي والعلاقات الأسرية بسحرها وسطوتها وتأثيرها، يتكوّن الفرد من القبيلة ويخرج للعالم رجلاً سَمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى.


ومع ذلك أيضاً يستطيع المرء أن يرى كَيف أن هذه النظم الإجتماعية تفرض نوعاً من الحدود القاسية وكيف أنّها تعمل سلباً دون التواصل إلى وجدان سوداني موحّد. والدور المهم الذي يلعبه الفن هنا هو أن يربط بين هذه الخيوط الدقيقة وأن يبدع شبكة وجدان سوداني جديدة.