د. القراي: حكم الإعدام في حكومة السلام ؟! حول مأساة محمد طه وجماعته الاسلامية البائسة

حكم الإعدام في حكومة السلام ؟!
حول مأساة محمد طه وجماعته الاسلامية البائسة

(فهل عسيتم إن توليتم ان تفسدوا في الأرض وتقطعوا ارحامكم ) صدق الله اعظيم

بينما تواجه الحكومة السودانية ، إتهامات دولية ، بضلوع مسؤولين فيها ، في جرائم ضد الانسانية ، في دارفور ، وتعجز عن محاكمة الجناة ، الذين قتلوا آلاف الابرياء ، بل وترفض ان تسلمهم ، لينالوا جزاءهم ، تنقل لنا الاخبار مطالبة النيابة العامة ، بتوقيع عقوبة الإعدام على الصحفي محمد طه محمد أحمد، بسبب مقال نقله ، وعلق عليه ، ثم نشر التعليق في صحيفته !!

واذا كان محمد طه ، الذي افنى عمره في الدفاع عن التيار الاسلامي السياسي ، يكون هذا مصيره ، فكم من الحرية ، والعدل ، والامن ، ينتظر الآخرين ، الذين تعتبرهم الجبهة الاسلامية ، بشقيها ، أعداء لها ، مناهضين لبرنامجها ، وناقدين لافكارها ، منذ ان كان محمد طه ، يدافع عنها دفاع المستميت بالحق وبالباطل !!
ولقد تعرض محمد طه للعنف ، من قبل ، حين نقد شيخه ومرشده الترابي .. ولكن ذلك يعتبر تطرف فردي ، أو من جماعة ، لم تكن تمثل الدولة ، مثلما تمثلها الآن النيابة العامة .. فاذا كانت الحكومة ، توقع اتفاقية السلام ، وتضع الدستور الانتقالي ، وتقر فيه بالديمقراطية ، والحرية ، التي تشمل حرية التفكير، والتعبير، ثم هي تسلب باليمين ما أعطت بالشمال ، فان هذا تضليل للشركاء ، وخداع لله ، وكيد لهذا الشعب ، لا تكون عاقبته الا وبالاً ، ذلك (ان الله لا يهدي كيد الخائنين ) ..

وليست فرية سب النبي صلى الله عليه وسلم ، وافتعال الغضب بسببها ، وحل الاحزاب بدعواها ، مما درجت عليه الجبهة الاسلامية ، منذ ان كان اسمها جبهة الميثاق الاسلامي ، الا متاجرة رخيصة ، بالمشاعر الدينية السامية ، ذلك ان ذاته الشريفة ، عليه افضل الصلاة واتم التسليم ، لهي فوق الشبهات ، واسمى من مظان السوء ، ولا يستطيع ان يقدح فيها، الا جاهل محروم .. فلقد دبرت جبهة الميثاق ، حل الحزب الشيوعي السوداني ، اثر حديث شاب في ندوة بمعهد المعلمين العالي عام 1965.. ولقد ذكرت الصحف ، فيما بعد ، انه مريض نفسياً !! ولكن ذلك لم يمنع جبهة الميثاق الاسلامي ، من حشد الجماهير، وتكفير الشاب ، وحمل الحكومة الطائفية المتواطئة ، على حل الحزب الشيوعي ، والاعتداء على دوره ، في محاولة للفتك بالشيوعيين .. فما اشبه الليلة بالبارحة !! وبدلاً من ان تضيق الجبهة الاسلامية ، البائسة ، بخصومها كما فعلت بالامس ، اذا بها ، الآن ، تضيق حتى باتباعها، فتحشد الغوغاء لتكفير محمد طه ، وتطالب باعدامه ، واسكات صوته ، واغلاق جريدته .. فهل راى الناس مثل هذا الهوان ؟!

ان واجب المثقفين السودانيين ، بكل احزابهم ، ومجاميعهم ، بل واجب كل مواطن حر، ادانة هذا الاتجاه المتخلف ، الذي يريد ان يسلب الشعب ، الامل في اتفاقية السلام ، بافراغها من محتواها ، بدعوى تطبيق الشريعة .. فلا الحكومة قادرة على تطبيق الشريعة ، بكل تفاصيلها ، ولا الشريعة نفسها ، هي الكلمة الاخيرة في الدين !!
أما عجز الحكومة عن تطبيق الشريعة ، فيكفي لابرازه ، مجرد توقيع السلام مع غير المسلمين ، ممن كانت الحكومة ، تعتبر الحرب ضدهم جهاداً في سبيل الله .. واما كون الشريعة نفسها ، ليست الكلمة الاخيرة في الدين ، فلأن الاسلام في اصوله ، يعطي حق الكفر، مثلما يعطي حق الإيمان .. قال تعالى ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) !!

ولقد كان محمد طه ، من المنازعين لنا كثيراً ، في اركان النقاش ، في جامعة الخرطوم . وكان يرفض هذه الاصول، التي تعطي الحرية ، ويصر على الشريعة ، التي تصادرها !! ويؤيد حد الردّة ، ويؤيد محكمة الردّة ، التي حكمت على الاستاذ محمود محمد طه عام 1968 .. بل وايد محكمة المهلاوي والمكاشفي ، المهزلة ، وما ترتب عليها من تنفيذ حكم الإعدام على الاستاذ محمود .. ولكن كل هذا ، لا يمنعنا الآن ، ان ندين بشدة تكفير محمد طه ، ونطالب باطلاق سراحه ، ونشجب المؤامرة التي تستهدف إرهابه ، واسكات صوته ، وتعرض بحياته .. وذلك لاننا نؤمن حقاً باصول الاسلام ، التي ندعو اليها ، ولاننا كنا ولا نزال ، نؤمن بان (الحرية لنا ولسوانا ) .

د. عمر القراي

الاخ عمر تشكر لنقل مقال دكتور عمر القراى فهو من القلائل الذين اوتو الفصاحة والبلاغة والحكمة والامساك بناصية البيان.

فى لقاء مع محمد طه محمد احمد قال ووب وكبا الجرسة:

Quote: Ï. ÚãÑ ÇáÞÑÇí وشدد طه لـ"العربية.نت" أنه لن يلجأ للاستعانة بمحامين للدفاع عنه في هذه القضية، مذكرا بأنه تخرج في كلية القانون في 1980 وعمل في سلك القضاء السوداني، كما عمل مستشارا قانونيا في ديوان النائب العام في بلاده. وبخصوص تشابه قضيته التي تشكل القضية الثانية من نوعها في السودان منذ اعدام زعيم الحزب الجمهوري السوداني المهندس محمود محمد طه بتهمة الردة في 1985، أشار ضمنيا إلى أنه قتله كان خطأ. وقال طه إن محمود محمد طه "كان يجب أن يناقش". ورفض طه في سياق تصريحاته لـ"العربية.نت" اعدام أي مرتد ما لم يكن مرتدا مقاتلا - أي حاملا السلاح ضد المسلمين -، ورأى أن "باب الهداية مفتوح" و"أن الإسلام قوته الفكرية هي كلمة الله الأخيرة" وأنه تتوجب مراجعة المرتدين ومناقشتهم لا قتلهم.

إنه المحك.. حيث نعرف معنى معيشة الديموقراطية وتجسيدها.. حيث نعيش شعار (الحرية لنا ولسوانا) في الدم واللحم.. وحيث نثق في الخصومة بالفكر لا بسخائم النفوس.. وحيث نتحرى الوصية الأصيلة من الآية الكريمة (فمن عفا وأصلح فأجره على الله)..

ولعل هذه التجارب المريرة لأمثال هؤلاء تكون مورثة لحكمة عميقة الدلالة، طالما نازعوها وغرروا بها جماهير الشعب في السنين الماضية حين كانوا مدعوين إليها بسوابغ الإحسان، فلم يبق لهم سوى (سلاسل الإمتحان) التي أصبحوا يذيقون بأسها بعضهم بعضا..

up for more readers

الأعزاء سيف الدولة وقصي
تحية طيبة وشكرا على التعليق
ودعوني أثبت هنا تعليقا كنت قد كتبته في خيط آخر:

الغريب في أمر محمد طه هو أن الرجل الذي يقود هذه الرجرجة التي حكمت بردته وطالبت بالتخلص منه شخص يسمى عطية محمد سعيد وهو من زعماء جبهة الميثاق الاسلامي (اسم تنظيم الاخوان المسلمين في تلك الفترة) التي شاركت في تدبير محكمة الردة الأولى على الأستاذ محمود محمد طه وكان هو أحد شهودها وقد وردت شهادته التي نشرت في الصحف وقتها كما يأتي:

عطية محمد سعيد – امام جامع
قال ((في رأي أن الاستاذ محمود لا يؤمن بالله ولا بالنبي محمد ولا بالبعث الجسدي، وقال أن المدعي عليه قد ذكر في كتاباته ومحاضراته أنه قد وصل مرتبة الكمال المبتغي أي مرتبة الله وقال أن المدعي عليه يدعو الي تقريب صفات المخلوقات من صفات الخالق وان الخالق هو المخلوق والعابد هو المعبود وانه يمكن للانسان أن يصل الي مرتبة يتصل فيها مباشرة مع المولي عز وجل. وقال أن المدعي عليه يدعو للاباحية وتحليل المحرمات)) هذه هي شهادة الشيخ عطية محمد سعيد

وهي شهادة تطفح بالكذب والاختلاق والتلفيق الذي لا يشرف أي شخص خل عنك امام جامع .. ورغم ذلك فقد دافع محمد طه عن تلك المحكمة وعن تلك الشهادات الزائفة وكذلك دافع عن المحكمة الأخرى التي عقدت في أواخر عهد النميري والتي ادت الى اغتيال الأستاذ محمود وهو حينئذ كان يدافع عن رؤية وسياسة تنظيمه المتهافت فأرجو أن يكون الآن قد أدرك خطورة تلك الدعوة وخطورة أن يساق الغوغاء بسبيل من العاطفة الدينية الفجة في التشهير بالخصوم والتخلص منهم ..


فوق مرة أخيرة لمن فاته الاطلاع
عمر