إمرأة بطعم النعناع !!!

إمرأة بطعم النعناع !!!


04-28-2005, 00:29 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=6&msg=1114644577&rn=0


Post: #1
Title: إمرأة بطعم النعناع !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 04-28-2005, 00:29 AM

إمرأة بطعم النعناع•
البرد شديد …
ها … حاو … شد … الموت الجاك شنو …
زفر الحمار بعنف كأنه يحتج على هذا التعنيف …
كان الطيب يقود "الكارو" متجهاً نحو السوق في أحد الصباحات، كلها متشابهة لا شئ جديد البتة، في كل يوم وهو في هذا الحال، يذهب إلى السوق ويقوم بنقل الناس والبضائع …
هناك علاقة حميمة ربطته بهذا الحمار منذ قراره بالعمل على الكارو في السوق بعد أن تدهورت أموره وأمور الأسرة وأنسدت كل الأبواب في طريقه … وأرهقه الهروب من "كشات" الخدمة العسكرية التي تداهم الشباب في شوارع المدينة … لماذا يرغموننا على فعلٍ لا نريده بتلك الطريقة، كان السؤال الجوهري هل هذا يعني أنه غير وطني؟ … ما هي الوطنية؟ …
كل الناس يحاولون أن يخرجوا من سجون الصمت فتأخذهم دوامات الآخر في عوالمها فتتساقط فيهم جُدر اللحظة المملوءة بالعشق حينما تموت بذرة الوعي في بيئة التهميش ومصادرة الألوان وأعتقال الذات في الـ بين … بين ..
أوقف الطيب "الكارو" جوار سوق "القش" وتريث وهو يتمطى ويطقطق في ظهره … وألقى تحية الصباح على جميلة بائعة الشاي وجلس، ما الذي ألقى بك يا إمرأة في هذا الطريق … جميلة وتبيع الشاي … وأشياء أخرى … ما العلاقة بين بيع الشاي وبيع الهوى؟ … كلهن من هذا الطراز …
نساء آخر زمن … يقول …
-وصلت وين … سهيان مالك؟ …
قالت …
فتمتم بكلمات لم يعها …
ثم أعتدل في جلسته في شكل إسترخائي …
كانت جميلة قد صبت كوب القهوة ووضعته أمامه على تربيزة صغيرة جداً …
بائعات الشاي لهن طراز خاص من أدوات العمل …
يقول الشاي معهن له طعم خاص …
وأنتِ لك طعمك الخاص يا إمرأة بطعم النعناع …
وقبل أن يكمل قهوته وقف أحد رجال الشرطة وسأل …
- "الكارو" ده تبأ مين؟
هي لكنة لصوت لا يجيد اللغة العربية …
رد الطيب …
- نعم …!!!
جاءه صوت الشرطي …
-وين ترخيص بتاأك؟
تلعثم الطيب وأجاب بأنه سيجدد الترخيص …
رجل الشرطة الذي يدعى جيمس لم يرق له مثل هذا الحديث فكلهم يقولون ذلك…
- ده كلام ما ينفأ مأي … قوم لي قسم …
المناقشة لن تجدي …
في الطريق كانت الأشياء تتزاحم في ذهنه، كانت الأسئلة تتكوم مثل أكوام القمامة في شوارع المدينة لا تجد من يحملها ويفرغها بعيداً … هل كان في إمكان الإنسان أن يتلافى الأشياء التي تقع له وهو لا يريدها …كان من المفترض أن يدخل الجامعة ويدرس القانون … كان يتمنى أن يصبح محامياً … ولكن … لا شئ يمضي كما يُراد له … وهو لا يملك إمكانيات الصمود في مثل هذا الطريق … نادته صعوبات الحياة كي يلج معتركها … وكان لين العود … وأنتم يا شباب هذه المدينة متعبون … أدمنتم الهروب …
كان عليه أن يجد طريقة للفكاك من هذه المشكلة …
جوار القسم من بعض معارفه إستطاع أن يجمع ما تيسر له جمعه … وقدمه خفيةً إلى جيمس … أبى أن يأخذه ما لم يكمله له بحيث يستطيع أن يشتري به كيس الخضار … أكملوها له … وذهبوا … وكانوا مجموعة من أصحاب عربات "الكارو" …
في السوق إمتلأت "الكارو" بنساء لا حياء لهن … يملن ويتمايلن عليه … يقول وهو يحكي لأصحابه في دكان "الشيشة" مساءاً:
- الواحدة تضغط عليك بنهدها قاصدة … وهو يضحك … "تمشي البيت للنوم إلا تعيش فيها" …
هو مستكين مع هذا العالم غير عابئ … تكسرت تلك الحواجز التي كانت تفصله في عوالم النقاء والفضيلة … وأنهدّ ذلك الستار من الشفافية … ربما يكون الفاصل شعرة بين الفضيلة والرذيلة … من المسئول عن قطع هذه الشعرة…
كان خليل صديقه يحثه لمواصلة الحديث عن جيمس وهو يتناول منه "الشيشة" …
- جا يوم في سوق "القش" وقال لي أنا ما فاطر … طلبت ليهو الفطور …
قلت: داير مصاريف؟
- لا … والله إنت ود "أرب" تمام …
بعد ذلك …
في كل مرة يقبض فيها على الطيب يأتي جيمس ويطلق سراحه … هو وحماره…
حينما يكون رائق البال يطيل التفكير في جميلة … بائعة الشاي … هو إكتشف رجولته معها … وهي إكتشفت أنوثتها معه … قضيا أوقاتاً جميلة … ظروفهما متشابهة كأنهما فردتي حذاء … ما هذا التشبيه الساذج يقول … "شن يلاقي طبقة" … قال … ليس هذا زمان الأمثال يا سيدتي …
كان يحرك مياه أنوثتها الساكنة حينما تمس عيناه هذا الوجه وهو يطيل التفكير في الممنوعات المرغوبات …
كان يحلم بها في ليالي الشتاء البارد … فيحس بالدفء … يحلم بالزواج منها وتكوين أسرة صغيرة … ولكن مثل هذه الأحلام تذهب مع أول خيط من خيوط الصباح … أو مع هواجس الواقع الميت حينما يصطدم بـ "أنفاس المساكين" …
وصديقه خليل الملحاح يحثه على الكلام عن موظفات الصحة …
في ذلك اليوم كان تفكيره صافياً … وتعكر حينما وصلت إحدى موظفات الصحة ووقفت ممشوقة القوام تنظر إلى البعيد …
- إنت مش عارف أنو ممنوع ترك روث الحمار في الشارع -وبعنجهية- هذا تلويث للصحة العامة …
بلا أكتراث مسح على رأس الحمار وكأن الأمر لا يعنيه قال:
- إنت معاي واللا معاهو …
ذمت شفتيها ووقفت متحدية …
- المرة الجاية أحضر شوال وضع فيهو الروث …
وذهبت …
بعد ثلاثة أيام كان الأمر قد زاد … جاءت وهي تتوعد … حشر في يدها ورقتين من فئة الألف … فذهبت كأن أمر الصحة العامة لا يعنيها في شئ …
نظر إليها من الخلف وتذكر جميلة … كلهن متشابهات …
بائعات الشاي لهن طراز خاص في كل شئ …
الشاي معهن له طعم خاص …
وأنت لك طعمك الخاص يا إمرأة بطعم النعناع …
تنفس الصعداء … "يا لطيف" …
وذهب …

Post: #2
Title: Re: إمرأة بطعم النعناع !!!
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 04-28-2005, 02:43 AM
Parent: #1

up

Post: #3
Title: Re: إمرأة بطعم النعناع !!!
Author: خضر عطا المنان
Date: 04-28-2005, 09:11 AM
Parent: #2


الزميل العزيز : عبدالله ابراهيم

لوحة اجتماعية معبرة بأسلوب قصصي متماسك يكشف عن نفسه

في سلاسة وبساطة.. وقد عشت تفاصيلها عبر اسطرك الحبيبة.

لك التحية.

خضرعطا المنان

Post: #4
Title: Re: إمرأة بطعم النعناع !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 04-30-2005, 01:37 AM
Parent: #1

شكرا لك أخي البرنس على المرور .....
ويا أيها الخضر المسكون يالصمت والرؤيا والجمال ... يبقى لك الود والإحترام والمودة ... وتلك المدينة التي تسكن في خاطري ... ولتلك الذكريات التي هي بطعم القرنفل أو إن شئت النعناع ...

Post: #5
Title: Re: إمرأة بطعم النعناع !!!
Author: ود شاموق
Date: 04-30-2005, 02:10 AM
Parent: #1

يا عمك !

كتابة طاعمة جداً يا عبد الله كالعادة .. كيفنك ؟


.

Post: #7
Title: Re: إمرأة بطعم النعناع !!!
Author: Ali Alhalawi
Date: 04-30-2005, 02:53 AM
Parent: #5

عزيزى عبد الله ..

لقد لمحتك هناك مع محسن .. أكثر تحديدا فى دار تيموليلت .. قلت الله .. هذا قلم ساحر ... و أنطلقت أتتبع خطاك .. لأجدك هنا تنثر الأبداع و النعناع

Post: #6
Title: Re: إمرأة بطعم النعناع !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 04-30-2005, 02:46 AM
Parent: #1

يااااااااااااااااا ... ود شاموق شخصياً ... وينك ؟؟؟
تكرم والله على مرورك وكلماتك الحلوة ...

Post: #8
Title: Re: إمرأة بطعم النعناع !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 04-30-2005, 03:32 AM
Parent: #1

عزيزى Ali Alhalawi ..

لقد لمحتك هناك مع محسن .. أكثر تحديدا فى دار تيموليلت ..
يا رااااااجل ....
وأين أنا من ذلك يا سيدي ... تلك عوالم أخرى ما لي بها من رائحة نعناع أو غيره ...
شن جابني لي محسن ذلك الرجل القامة ونحن لا نزال في بداية الدرب ...
هو يشرب من منابع فيها الإحساس يغلب أي شئ آخر ... وأنا أشرب من صمتي ويتدفق مني نهر ضائع بين محيطات الذاكرة الميتة ... وليتني لو كنت في دار تيموليلت تلك المهرة الجامحة ... لا تسألني عن ذلك ومحسن خالد يفتح عينيه على مرأى من لوحة إمرأة جميلة عيناها كوتان في ذاكرة التاريخ تغوصان بلا تأمل في مراحات لا تجيب إلاّ الريح على مرأى ومسمع الجمر الذي لا يوطاه إلاّ حافيي الأقدام من بلاد لا ترحم كتابها ...
يا هلاوي ... لك الله أيها الرجل التمام ....
ولـ محسن خالد ... في دار تيموليلت ... ولها أيضاً ...

Post: #9
Title: Re: إمرأة بطعم النعناع !!!
Author: عبد الله إبراهيم الطاهر
Date: 05-03-2005, 05:43 AM
Parent: #1

أعلى